الـخــلافــة الـعــثــمــانيـــــة
بداية النهاية للإمبراطورية الإســــــــــلامية
نشر في 02 شتنبر 2016 .
كان العام 1908م عاماً مليئاً بالأحداث في عاصمة الدولة العثمانية إسطنبول. فبعد صراع شديد ودام مع حركة الاتحاد والترقي، استجاب السلطان عبدالحميد الثاني لمعظم مطالبهم. فبظهور حركة الاتحاد والترقي كانت بداية النهاية لسقوط آخر إمبراطورية إسلامية في التاريخ حتي يومنا هذا.
"الاتحاد والترقى" هو أول حزب سياسى فى الدولة العثمانية وكان سريا مكونًا من خلايا طلبة الحربية، والطبية العسكرية، ويهدف إلى معارضة حكم "السلطان عبد الحميد الثاني" والتخلص منه.
كانت علي رأس مطالب حركة الاتحاد والترقي إعادة الحياة البرلمانية في البلاد، والتي كان قد أوقفها السلطان عبدالحميد بعد توليه الحكم منذ ما يقارب الثلاثين عاماً، لظنَه أن الخطر الذي وجد الدولة تعاني منه من قبل جيرانها كروسيا والنمسا لا يجعل الوقت مناسباً لحياة برلمانية قد تعيق اتخاذ قرارات حاسمة لا تتحمل التأجيل.
وما أن تولي السلطان عبدالحميد الثاني الحكم حتي دخلت الدولة العثمانية في حروب جديدة مع روسيا وبولونيا بعد هدنة قصيرة. تلك الحروب المتتالية تركت أثراً سيئاً علي الخزانة إلي الدرجة التي جعلت الدولة غير قادرة علي دفع مرتبات الجنود. فلم يكن من العجب أن يكون من أقطاب حركة الاتحاد والترقي ضباط من الجيش الذين تحالفوا مع بعض كبار الساسة ليكّونوا حركة أصبحت مع بدايات القرن العشرين هي الأقوي في الساحة التركية. حيث استطاعت في العام 1908م أن تفرض نفسها علي سلطان البلاد وتعيد الحياة البرلمانية الممثلة في "مجلس المبعوثان" وتسيطر علي أغلب مقاعده.
في العام 1909م خرجت الأمور عن نطاق السيطرة وتم عزل السلطان عبدالحميد الثاني. وبعزل السلطان كان التاريخ يُسطّر آخر كلماته في رواية "الخلافة الإسلامية". ففي عام 1914م نشبت الحرب العالمية الأولي بين دول الحلفاء (بريطانيا العُظمي – أيرلندا – فرنسا – روسيا) ودول المركز (المانيا – الإمبراطورية النمساوية المجرية – بلغاريا – الدولة العثمانية)، وتوسعت المعركة بعد ذلك بانضمام إيطاليا واليابان والولايات المتحدة لدول الحلفاء. مع نهاية هذه الحرب لم يعد للإمبراطوريات الثلاثة وجود (المانيا – روسيا – الإمبراطورية النمساوية المجرية) إضافة إلي نهاية الدولة العثمانية.
الدولة العثمانية في أواخرها كانت دولة توصف بالرجل المريض الذي تتصارع أوروبا علي إرثه. بل إن الطمع في الإرث قد وُجِدَ له مكاناً داخل الدولة من قِبَل مختلف الولايات الأوروبية والعربية التي لم تجد مستقبلها مع رجل مريض يحتضر.
توفيّ السلطان عبدالحميد الثاني عام 1918م وانتهت الخلافة العثمانية، ولكن لم تنتهي المسيرة بعد. فلكلّ جوادٍ كبوة ولكلّ فارسٍ غفوة، لكن ما من جوادٍ يكبو للنهاية وما من فارسٍ يغفو للأبد، ومع أفول نجم يبزع نجم آخر في الآفاق. هناك من سيحمل الراية، من سَيُعيد مجدَ التاريخ، من يحمل همّ أمّته، اللهمّ اجعلنا ممن يساهمون في نهضة أمّة مُحمّد صلي الله عليه وسلم.