نعم الإخوة كانوا ولازالوا... حقيقة أنه على الرغم من أن اجتماعنا الدوري لاأدري كيف بدأ ولاأدري كيف تم إقراره.. إلا أني والله مع نزول الوباء كانوا من أشد من فقدت اللقاء بهم..

عرفت قدر صداقتهم وقربهم من القلب لما فقدت اللقاء بهم كلَّ ليلة جمعه..

لاتسل عن جمال تلك الأحاديث التي تكون في تلك الليلة.. آخر إصدارات الكتب وأفضل الطابعات.. 

مستجدات الأخبار أفضل كتب الإقتصاد مسامراتُ علم أصول الفقه بل علم العلل والتطرق لفحول العلماء المتخصصين فيه علم العقيدة وهل فعلاً يريد البعض أن يجعله جامداً.. ماذا عن علم القانون وعلم الإدارة.. أوااااه ياأبا أحمد كم كان حديثك عذباً عندما كنت تتكلم عن الأنساب وكنت أتعجب من دقةِ فهمك لها.. بل سأقف عند مديرك التنفيذي حين كنت تشرح لنا معاناتك معه وأنه يلزمكم بالدوام خارج وقت الدوام وبدون مقابل.. أرأيت حديثك لنا وكيف كنت ألحظ فيك أنك تتميز بماأُسميه (الإشباع المعرفي) عند كلامك عن التاريخ وعن كيفية إدارة الإقتصاد العالمي وغيرها من الأمور .. أما أنت ياأبا عمر أيا دمث الأخلاق وياصبوراً على مخالفة الشباب لأرائك بتلك الإبتسامة المتكلفة أحياناً.. العجيب أنك تكرر المخالفة وذات الأشخاص هم من يكررون الرد عليك ومع هذا فإني أُحيي فيك إقدامك على طرح آرائك المخالفة وتلك التعابير على وجهك تنبأني كثيراً بأنك في الأخير تجعل اتفاقك لهم ظاهراً وتخفي في نفسك مالله مبديه.. أخبرني عن تلك المكتبة التي تحوي على كتب لك من أفخم الطبعات.. ماذا حصل لها وهل هي بخير.. هل عزمت على بيعها أم ماذا.. وتذكر بأن الأقربون أولى بالمعروف..

أما الهُمام ياسر أبا إبراهيم فهو ذاك الشهم النبيل.. هادئ الطبع والسجية.. مهندس الجلسة وكان خاتِم من يدخل إليها وختام الشيء هو المسك.. كريم وفيّ وهادئ سخي.. ومثله لو أغضبته فإنه سيزأر عليك بكل قوته وسيرد برد محكم كإحكام المهندس لبنيانه إذا بناه.. نفع الله به وزاده من تقواه.. أما فقيه جلستنا وطريفي حديثنا.. فهو عزوبي الحياة وإجتماعي من طرازٍ رفيع.. هناك دافع يدفعني للكلام عنه وعن السر الذي يُكنّه في داخله عن حبه للإمام الشافعي ولمذهبه الفقهي.. أول ماألتقيت به كان في شهر رمضان عند عودتي من عنيزة.. لاأخفيكم أني كنت متشائماً منه ومن كلامه شيئاً قليلاً.. وما أن اقتربت منه أكثر حتى تمكّن من الفؤاد حبه.. قلت له يوما اذكرك في درس الشيخ سعد الخثلان فقال نعم كنت أحضره.. وللمعلومية مابين لقائي بصاحبي الفهد وآخر درس حضرته للشيخ سعد مايقارب الثماني سنين.. ومع هذا فصورته لم تتبدل من ذهني على الرغم من مما مرّ به في حياته من مُرٍ أصابه..

أتريدون مني ياأحبة ألا أبوح بجمال تلك الجلسات التي تستمر في بعض الأحايين إلى الفجر ويلف حديثها فقه المذاهب الأربعة وطرق المحدثين في تأليفهم وعباراتهم.. وعن أصحاب مناهج بنوا ولائهم وبرائهم على مسائل إجتهادية.. وعن تاريخ الإنسانية وبدء نشأته وعلم الأنساب ومايلفه من غموض واضح وعن حوادث غيرت مجرى التاريخ كان وقوعها منعطفاً هاماً في تاريخ البشر.. وعن ذلك المشروع الذي أزمعنا إقامته غير أن كاتب هذه الأسطر طلب تأجيله مراتٍ ومرات حتى ينتهي من أمور قد علّقها بنفسه.. وعن وعن وعن.. ألخ..

ماأجمل تلك اللقاءات وأحسنها.. سقاها الله وسقى أيامها الجميلة.. بقي أن أُشير إلى من كان السبب لنا بعد الله تعالى في إجتماعنا هو شخص أحبنا كثيراً وكأن أفكارنا ضاقت به فبعد أن جمعنا خرج من مجموعتنا فأصبحنا نسمع عنه أنه معنا بقلبه قليلاً.. غيرَ أن أكثره يريد الإبتعاد عنا لسبب غير مقنع لنا.. فسبحان الله الذي يسره لأن يجمعنا ثم تركنا بمحض إرادته..