علوم اللغة الفارسية
Supervisor: Dr. Muhammad Fawzi Ali Faculty of Arts,Ain shams university. "Ahmed Gamal Farag"
نشر في 22 أكتوبر 2022 وآخر تعديل بتاريخ 25 أكتوبر 2022 .
الفارسية هي لغة شعب البارسا الذي حكم إيران ما بين 550 ق.م , وهي تنتمي إلى ما يسميه العلماء مجموعة اللغات الهندية الإيرانية , وأصبحت لغة الإمبراطورية الفارسية وكانت تنتشر على نطاق واسع في الزمن القديم بدءا من حدود الهند في الشرق والروسية في الشمال والشواطئ الجنوبية للخليج الفارسي إلى مصر والبحر الأبيض المتوسط في الغرب على مر القرون تحولت اللغة الفارسية إلى شكلها الحديث , وفي الماضي كانت لغة بالط العديد من الملوك الهنود حتى حظر البريطانيون إستخدامها بعد إحتلال الهند في القرن الثامن عشر , ويمكن تقسيم تاريخ اللغة الفارسية إلى الفترات التالية :
الفارسية القديمة : هى التي تحدثت بها قبيلة بارسا الأصلية في عهد الحكمانيشين (الأخمينيد) وقد تركوا لنا عينات منحوته على الحجر بالخط النص المسماري نشأت في مقاطعة في جنوب غرب إيران كانت ذات يوم مركزا للإمبراطورية الفارسية .
اللغة الفارسية الوسطى : هى اللغة المستخدمه خلال العصر الساساني والمعروفه أيضا بإسم (بهلوي) ويوجد الكثير من الكتابات من تلك الحقبة في شكل كتابات دينية لدين زاراتوشي بروشره .
الفارسية الكلاسيكية : عرفت بهذا الإسم في الفترة الحديثة المبكرة للغة وذلك بسبب تفوق وتمييز الشعراء مثل روداكي وفيردوسي ونيام خلال هذه الفترة , وتم إعتماد اللغة الفارسية كلغة مشتركة بين الدول الإسلامية الشرقية , وأدى الإتصال المكثف بالعربية إلى تدفق كبير من المفردات العربية .
الفارسية الحديثة : هى اللغة التي يتحدث بها اليوم تتكون من الكثير من الكلمات من أصل غير إيراني , وتتأثر كثيرا باللغة العربية حيث تم إستبدالالكلمات الفارسية الأصلية بكلمات عربية .
(1)
" الدول التي تتحدث اللغة الفارسية "
إجمالي عدد المتحدثين باللغة الفارسية يعتبر فهم أكثر من 30 مليون ناطق بالفارسية (حوالي 50% من سكان إيران) , أكثر من 7 ملايين من المتحدثين بالفارسية في أفغانستان (25% من السكان) وحوالي 2 مليون يتحدثون الفارسية في باكستان واليوم يتحدث الفارسية بشكل أساسي في (إيران / أفغانستان / طاجكستان / اوزبكستان) , وتعتبر اللغة الفارسية من حيث تعلمها ليست بالصعبه للغاية , بل قواعدها بسيطة إلى حد ما , وتعلمها يساعد في التواصل مع جنسيات وثقافات مختلفة , كما يتيح لك قراءة الأدب الفارسي العالمي بنفس اللغة التي كتبت به , لذلك من الممكن تعلمها ذاتيا عن طريق الإستعانه ببعض المصادر .
ولم تكن اللغة الفارسية يوما اللغة الوحيدة في إيران , بل هى واحدة من لغات عديدة عاشت وتبلورت في ظلها . كذلك فإن إيران لم يكن البلد الوحيد الناطق باللغة الفارسية وإنما طغت على القارة الأسيوية بإجمعها تقريبا وقد أطلق عليها بعض المستشرقين (فرنسية الشرق) وذلك لسعة إنتشارها في القارة الأسيوية كسعة إنتشار اللغة الفرنسية في القارة الأوربية فحيثما ذهب المرء شرقا من العراق حتى الصين , وجنوبا حتى أقصى الهند , و غربا حتى آسيا الصغرى كان يجد اللغة الفارسية موزعه ومتداوله وتعد الفارسية هى اللغة الرسمية في كل من إيران وأفغانستان ومنتشرة إنتشارا واسعا في أرجاء باكستان والهند وقوقاز وهى اللغة الحية لأكثر من مئة مليون نسمه يتكلمون بها .
" تأثير اللغة العربية في اللغة الفارسية "
اللغة العربية هى من اللغات السامية أما اللغة الفارسية فهى لغة آريه إذا ليس هناك أى رابط بين هاتين اللغتين العربية والفارسية لا في الأصل ولا في الإشتقاق ولكن وصل بينهما التاريخ وربطت بينهما الحضارة فكان بينهما من الصلات ما لم يكن بين اللغات .
(2)
فبعد دخول إيران في الدين الإسلامي , والتداخل الحضاري الكبير الذي حدث بين الحضارتين العربية والفارسية , أدى ذلك إلى كسر كافة الحدود والعوارض بين هاتين الحضارتين مما دعا إلى التأثير المتبادل بين لغتيهما . فكان تاثير اللغة العربية على اللغة الفارسية هو الأقوى والأوضح وذلك لرصانة اللغة العربية وقوة أسسها البنيوبة , فجاء القرآن الكريم بعد ذلك ليقوي دعائم هذه اللغة وليزيد من رصانتها ونحافظ عليها وليكون السبب الرئيسي في التأثير على لغات البلدان إنطوت تحت لواء الإسلام . ومن خلال ما جاء في المحور الأول حول أصل اللغة الفارسية الحيثة نلاحظ أن تأثير اللغة العربية على اللغة الفارسية كبير جدا ولا يمكن أن يلخص هذا التأثير بكل جوانبه , لذلك لابد لنا أن نتقي بعض هذه الجوانب , ليسعنا أن ندرك مدى تأثير اللغة العربية بشكل كبير على اللغة الفارسية , فكان أبرز ملامح هذا التأثير هو إستعمال الفرس للحرف العربي في الكتابة وأهم الخطوط التي إستعملت للكتابة , أما الجانب المؤثر الآخر هو إستعمال الألفاظ والمصطلحات العربية في اللغة الفارسية وعلى نطاق واسع وبكافة مجالات الحياة الدينية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية والأدبية والعلمية والعسكرية وغيرها وكما يلي :
أولا : إستخدام الحرف في الكتابة
استخدم الفرس الحرف العربي في الكتابة وذلك لصعوبة الكتابة بالحروف البهلوية ولما فيها من تعقيد في رسم الحرف عند الكتابة لذلك كان الإيراني غير مستعد لتعلمها وهو يجد ضالته في الحرف العربي لسهولة الكتابة به . ومن هنا جاد فضل العربية على الفارسية في إتمام النقص وسد الحاجة من المفردات والإصطلاحات المنشره في اللغة الفارسية مع إنتشار الإسلام والعربية في بلاد الشرق المسلم , وبحلول الخط العربي محل الخط البهلوي فكان لزاما أن يرسموا أبجديتهم كرسم الأبجدية العربية وإخترعوا رسما لأربعة من الحروف لا وجود لها في العربية وهى (پ , ژ , چ , گ) فرسموها هكذا لقربها من نطق الحروف (ب , ز , ج , ك) وتتكون الألف باء الفارسية من 33 حرفا وهى الألف باء العربية ويزداد عليها أربعة أحرف وهى (پ , چ , ژ , گ) , بالإضافة إلى الهمزة , أما الحروف الأربعة المزادة فتلفظ كالآتي :
(3)
حرف ال – (پ) : فيلفظ مثل (P) في اللغة الإنكليزية مثال ذلك :
پدر : أب / پسر : أبن
حرف ال – (چ) : فيلفظ مثل (CH) في اللغة الإنكليزية مثال ذلك :
چاي : شاي / چادر : خيمة / چراغ : مصباح / چهار : أربعة
حرف ال – (ژ) : فيلفظ مثل (J) في اللغة الإنكليزية او الجيم المعطشة مثال ذلك :
رژيم : نظام / ژرف : عميق / مژده : بشارة / نژاد : أصل تقابلها في اللغة العربية (نجار) ولها نفس المعنى
حرف ال – (گ) : فيلفظ مثل (G) في اللغة الإنكليزية او الجيمtd في اللهجة المصرية مثال ذلك :
گل : ورد / بزرگ : كبير / گوهر : جوهر / گرگان : مدينة وقد عربت إلى جرجان / گاو بقرة / گناه : أثم
وهنالك ثمانية حروف خاصة بالكلمات العربية الأصل والمستعملة في اللغة الفارسية وهذه الحروف هي : ث , ح , ص , ض , ط , ظ , ع , ق وإن هذه الحروف الثمانية لا تنطق في اللغة الفارسية بالمخارج العربية بل تنطق على النحو التالي وكما في الجدول أدناه :
الحرف
اللفظ الفارسي
الأمثلة
ث , ص
س
ثروت – سروت , صبر – سبر
ح
ه
حسن – هسن , حيف – هيف
ض , ظ
ز
ظاهر – زاهر , ظهر – زهر , شاه رضا – شاه رزا
ط
ت
طرف – ترف , طهر – تهران , طاهر – تاهر
ع
الهمزة
علم – إلم , على – الى, عمو – أمو , طعام – تعام
ق
تنطق ما بين (ق) و (ع)
آقا – آغا , أطاق - أتاق
(4)
أما حرف الواو فإنه إذا كان متحركا فينطق (V) في اللغات الأوربية فنقول : ديو – شيطان , ميوه - فاكهة , نوشتن – الكتابة وإذا كان الواو حرف مد فإنه ينطق مثل النطق العربي تقريبا فنقول : زور – قوة , مور – نملة .
أما لفظ الهمزة والألف فهى على النحو التالي :
إذا كان الالف متحركا فهو الهمزة مثل : اميد – أمل , امروز – اليوم , امشب – الليلة
إذا كان الالف ساكنا فهو الالف مثل : ما – نحن , خدا – الله , شما – أنتم , جدا – منفصل , كتابخانه – مكتبة , ناف – خبر (وتلفظ نون في العامية) وتلفظ الألف مفخمة بخلاف نطقها في اللغة العربية .
وإن الهمزة في اللغة الفارسية تقع في أول الكلمة فقط , فإذا جاءت الهمزة وسط الكلمة أو آخرها نفهم من ذلك أن أصل هذه الكلمة عربية دخلت على اللغة الفارسية . ويلاحظ في كلمة (مؤبر) وهى بمعنى (موبر) أو الكاهن من الديانة الزرادشتية , لم يكتف الفرس بإستخدام الحروف العربية في الكتابة بل أخذوا عن العرب أيضا طرق الخط والتهذيب , فأبتكروا نوعا جديدا من أنواع الخط الكوفي الذي تظهر فيه مدات الحروف أكثر وضوحا وسمي ب (الكوفي الإيراني) الذي يرى في المصاحف السلوجقية خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين , كما أوجدوا خطا آخر وهو خط التعليق خلال القرن السادس الهجري وهو من الخطوط الصعبة لا يعرفه إلا من تعلمه ومارسه من خطاطي إيران , ويمتاز بميل حروفه ومن خلال تسميته يبدو أن حروفه قد علقت بعضها ببعض , ويتصف كذلك بالتباين الواضح في شكل الحروف ومساحتها , ويعود السبب في ذلك إلى كتابته بقلمين مختلفين العرض إذ يبلغ عرض أحدهما ثلث عرض القلم الآخر , فلا يكاد يستقر القلم في عرضه حتى يتغير بشكل مفاجئ إلى ثلث عرضه وكذلك يحتاج إلى رسم الكثير من أجزاء الحروف بواسطة رأس القلم حتى يكتمل شكلها . ويغلب على أشكال حروفه استدارات بيضوية الشكل ومفتوحة .
(5)
وهنالك خط آخر وهو خط (النستعليق) الذي أسس على يد (ميرعلي تبريزي) أعظم أساتذة الخط في القرن السادس الهجري وابرزهم , ويتصف هذا الخط بأنه أكثر رشاقة من باقي الخطوط اللينه , ويتكون هذا الخط من خطي (النسخ) و (التعليق) , ويحتفظ في ذات الوقت بصفات كلا من من خط النسخ والتعليق وأصبح فيما بعد من أكثر الخطوط شيوعا ونتج عن خلط كل من خطي (الكوفي) و (النستعليق) خط ثالث يسمى ب (شكسته) .
ثانيا : إستخدام المصطلحات العربية وإدخالها إلى ثنايا القاموس الفارسي
أدى الإنتقال الكبير من إستخدام اللغة البهلوية إلى اللغة العربية وإستعمال الحرف العربي للكتابة بعد الفتح الإسلامي لإيران ومن ثم غستعمال لغة جديدة وهى اللغة الدرية أدى كل ذلك إلى الإستعانة باللغة العربية لتكون المنهل الرئيسي للغة الفارسية الجديدة والمورد الذي تستسقى منه اللغة الفارسية كل ما يلزمها من كلمات ومصطلحات لتغنى بذلك قاموسها خصوصا في نهضتها الفنية فقد إستعارت هذه اللغة من العربية الكثير من المعاني والمصطلحات بشكل عام والدينية والفقهية بشكل خاص . وإذا ما أردنا البحث عنها فإننا سنجد أن هناك سيل فياض منها وسنلاحظ أن القاموس العربي قد دخل في ثنايا القاموس الفارسي بشكل واسع جدا . ماتزال اللغة الفارسية ومنذ نشأتها الاولى حتى وقتنا الحاضر تستعمل المصطلحات العربية وبكافة مجالات الحياة وفي شتى الأغراض العلمية والفنية , ويلاحظ الدارسون والمهتمون باللغة الفارسية هذا الكم الهائل من المصطلحات والمعاني في كتب الفقه والتفسير والتاريخ والفلسفة والشعر والتصوف والطب والرياضيات وان الكثير من الكتب الفارسية قد عنونت بأسماء عربية , وتبدو بأنها مؤلفات عربية على حين مؤلفة باللغة الفارسية ولا يفهمها الإدريسي هذه اللغة بشكل جيد ومنه على سبيل المثال : التوسل إلى الترسل , مجمع التواريخ والقصص , ومجمع الفصحاء , وحبيب السير , لباب الألباب ......إلخ .
(6)
وقد بدأ علماء اللغة الفارسية خلال القرن الخامس الهجري بتأليف ووضع كتب عن لغتهم على غرار الكتب التي ألفت في العربية , وكان أقدمها كتاب (لغة الفرس) ل (علي بن أحمد الأسدي الطوسي) المتوفى سنة 465هجريا ووضعت كذلك كتب لتعلم العربية لغير العرب مثل (مقدمة الأدب) ل (جارالله الزمخشري) وإن المطلعون على الكتب اللغوية الفارسية يلاحظون أنها وضعت بإسلوب الكتب العربية ومنها (صحاح العجم) ل (هنوشاه النخجواني) المتوفى سنة 730 هجريا وهذا الكتاب معارض لكتاب (صحاح العرب) للجوهري . إستعارت اللغة الفارسية أيضا من العربية مصطلحات النحو والصرف لبناء قواعد لغتها فالأفعال ومشتقاتها وكذلك الأسماء وأقسامها والمبتدأ والخبر والفاعل والمفعول وغيرها , إذ استعملت في الفارسية بدون أي تغير واستغنى في الوقت نفسه عن بعض المصطلحات التي لا تحتاجها وزيدت لها اخر اقتضاها التعريف الفارسي مثل الماضي القريب والبعيد والشكى والألتراس بعد مجئ السلاجقة إلى الحكم ، أصبحت اللغة الفارسية لغة البلاط والأدب مما أدى ذلك إضعاف نفوذ اللغة العربية لكنها لم تفقد مركزيتها لإنها استمرت لغة العبادة والفقه هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى قيام المدارس النظامية التي انشئت في هذا العهد وبرعاية واهتمام عربي وذلك تطبيقا لسياسة السلاجقة الدينية مما دفع ذلك إلى زيادة دخول المفردات والمصطلحات العربية إلى الفارسية فظلت اللغة العربية كذلك اللغة الرئيسية للتعبير عن مظاهر الحضارة الإسلامية من طب وعلوم وفلسفة وغيرها، وهنا لابد من الإشارة إلى مشاهير الفلاسفة والعلماء امثال الغزالي وابن سينا كتبوا معظم مؤلفاتهم باللغة العربية مع قدرتهم العاليه في الكتابة بالفارسية وما هذا إلا لأن اللغة العربية هى لغة الحضارة الإسلامية بالإضافة إلى طواعية اللغة العربية في الإشتقاق والتعبير عن كافة الأمور المستجدة ، من كل ذلك نلاحظ الفضل الكبير للغة العربية على الفارسية وعلى سكان هذه البلاد إذ أعانتهم العربية في التخلص من اللغات القديمة .
تمتاز اللغة الفارسية ببعض الخصائص:
لا يوجد بها أدوات تعريف او جنس تذكير او تأنيث
ليس هناك حاجه في استخدام الضمائر في بعض الأحيان، حيث يخبرك تصريف الفعل بالفاعل والفعل.
تشبه قليلا اللغة الفرنسية حيث يوجد تشابه في بعض الكلمات مثل كلمة ميرسي (mersi) بالفارسية تكون ( (merciبالفرنسية.
اللغة الفارسية لها الكثير من اللهجات، لذلك اللغة التي يتم التحدث بها تختلف كثيرا عما تقرأه او تكتبه.
(7)
اللغة الفارسية ودورها التاريخي والثقافي وخدماتها للسنه النبوية :-
لما سيطر الاسلام وتوسع رقعته وفتوحاته حول الكرة الأرضية الا وخلفت ثقافتها تتخلل في أواسط المجتمعات المحرره والنادرة ان تتفلت دولة لا تتأثر من الثقافة الدينية أو اللغة. على سبيل المثال مصر مع قدم حضارتها المرموقه ولغتها القديمة تحولت انسلخت من لغاتها، ولا تكاد تذكر لان كمال اللغة العربية وفصاحتها و رساله الاسلام السمحة وما تحتوي فيها من التعليم والقيم اغنيا المجتمعات ، وكان سبب لنصره الاسلام والمسلمين . الاسلام تعاليمه قيمه واصوله كانت مؤثره وجذبت اليها القلوب.
وقد خضعوا لله بالطاعة كما ذكرنا ، إلا أن اللغة العربية بجانب غناها ومكانتها في الدين حيث انها لغة دين وعباده لم تزح اللغة الفارسية من المجتمع لأنها موروثه قديمة جذورها تنتمي الى عهد بعيد ، وحفظت نفسها بأثار وكتب من عهد الساساني ، وتوالت في القرون من جيل الى جيل.
وقد مرت في حوادث وأشد ماعانت واطول من الفتوحات الإسلامية لم تتأثر ولم تضمحل لأن الفرس بجانب ما حفظوا لغتهم في هذه المدة بل أثروا في إغناء الثقافة العربية ولغتها. وبعد إضمحلال الدولة الساسانية وما عاشت من الزمان بدأت نفوذ الثقافة الفارسية وحضارتها تدب في المجتمع العربي وخاصة في عهد خلافة بني عباس حيث إن المسلمين الفرس آنذاك ساعدوا مع بني عباس في إزاحة خلافة بني أمية من السلطة ، بذلك تمكنوا من إحراز وظائف وولاية أمور في الخلافة الإسلامية واستمالوا الخليفة لاتخاذ منهج وأسلوب لإدارة أمور المسلمين على نحو ملك الساسانية والحضارة الساسانية إلى زمن ولاية الحجاج بن يوسف وإلى الخلافة الأموية على العراق ، حيث كان التعامل في الدواوين والكتابة بأسلوب الفارسية وثقافتها ، ونمط في أصول الإجراءات الإدارية على طريقة عهد الساسانيين وعلى اللغة الفهلوية.
(8)
ثم بعد ما تولى العباسيون الخلافة بدأت حركه ترجمه العلوم من اللغات الى العربية وشاعت الترجمة وازدهرت الحضارة الإسلامية وأخذت ثوب الرقي والمدينة. نلاحظ ان الفرس والعجم كما أنهم أناروا بثقافتهم العالم وهكذا دورهم في تنوير الحضارة الإسلامية بعد إسلامهم مشاهد وملموس فنعيد ونكرر دور الناطقين باللغة الفارسية في رقي الحضارة ، فهذه اللغة بتعبيراتها الجميلة ودلالات كلماتها المميزة كانت ولابد ان تمثل اللغة الثانية للحضارة الإسلامية على مر قرونها المديدة حيث ساهم الفرس والناطقين بها بدورهم لحمل العبء من الدعوة والتعليم إلى التأليف والتصنيف .
قدم علاقه العرب والفرس :
كانت علاقه القبائل العربية مع الفرس منذ عهد ، بعيد ولم تخلوا من التاثير والتاثر الثقافي لجانبين ، وفي بعض الفترات تأثيرات العادات والثقافة والتقاليد ادت الى اختلاط القرشيين بالروم والفرس والا حباش واخذهم الكثير من تقاليد هذه الشعوب ، فتأثروا بهم ، و افادوا منهم و قلدوهم في اللباس والذي وفي الطعام والشراب واخيرا ظهور الاسلام من الجزيرة العربية وتمدد الدعوة الإسلامية نحو بلدان العجم والفرس واخضاع اولئك القوم لطاعه الله ورسوله ومن ثم بدا امتزاج بمحاسن القيم والاعراف الثقافية والامور الإدارية وما يخص الدولة ، من مجتمع تلك البلاد ، التي لا تعارض مبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها ، مما جعل حضارة الاسلام ثوب الرقي والاحلال . بدأ المسلمون في فتح بلاد فارس بعد فتره يسيره من وفاه النبي صلى الله عليه وسلم حيث شرع المثنى بن رضي الله عنه ، بذلك في خلافه الصديق رضي الله عنه . وتوالت الفتوح الفارسية في خلافه الصديق ثم الفاروق عمر رضي الله عنه ، وكان لخالد بن الوليد و سعد بن ابي وقاص اثر عظيم في فتح بلاد فارس واكتمل فتحها بالكلية في خلافه عثمان رضي الله عنه ، وقتل آخر الأكاسرة في عصر هو ودانت بلاد فارس بأكملها للمسلمين . التعرف على العلاقات بين العرب والفرس ، تبدا العلاقات بينهم لامتداد الف قبل الميلاد .
(9)
تبدا العلاقات بين العرب والفرس امتداد الى ألف قبل الميلاد وتولت إلى القرون العديدة ، ونمط العلاقات تشمل السياسة ، التجارة ، والثقافة خاصه ايام الساسانيين حيث كانوا لهم الولاء من امراء الحيرة ، وكان بعض الفرس الذين باليمن قد اسلموا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكانت اليمن حينذاك تابعه للفرس ، وعليها والي من قبل كسر انوشروان وفيها العديد من اجنادهم الذين ارسلهم كسرى للقتال مع الاحباش النصارى وطردهم من اليمن . العرب قبل الاسلام كانوا يقصدون جنوب بلاد فارس ما يسمى اليوم ايران للهجرة والتجارة عن طريق عمان والبحرين ومروا الى الموانئ ، وفي عصر بعد الاسلام كانت رحلتهم عن طريق الكوفة والبصرة الى بلاد فارس ومن خلال مخالطتهم وتعاملهم مع بعض في اقصى بلاد المجتمع الفارسي الايراني تأثرت الثقافات بينهم حتى صار كثير من مشهوري الشعراء و الكتاب والعلماء باللغة والدين من ابناء فارس وكان من اثر القران على اللغة الفارسية ان فقدت اللغة الفارسية شخصيتها القديمة ، وظهرت الفارسية الجديدة ، فهي اللغة الفارسية الحديثة إذ جاءت بعد دخول ايران في الدين الاسلامي وأخذت حروفها وقواعد كتابتها من اللغة العربية وتسمى بالفارسية ب(زبان دري) مشحون باصطلاحات العربية . اسباب هذا التاثيرالعلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية منذ الاف السنين عاش عليها العرب والفرس مع بعض في ظل التعاطي المتبادل .
وبعد الاسلام تشكل نصف معجمي كما شكلت اساليبها واوزانها من العربية ، لذلك تبرز دور اللغة العربية جليلا حيث من اكثر اللغات تأثيرا على اللغة الفارسية حيث كونت منها لغة مشابهه من الكلمات ، والاصطلاحات العربية حتى صارت لسانا اخر غير اللغة السابقة على الاسلام كما ان كتاب التاريخ ومترجمي الكتب العلمية الى اللغة العربية ، من هذه العلاقات تأثروا فتراهم اكثر مؤلفاتهم بالعربية وهو عجم ، أمثال الطبري ، ابو حنيفة ، يعقوبي ، مسلم ، محمد بن إسماعيل البخاري ، ليث بن سعد ، الديسنوري والمسعودي وغيرهم.......
(10)
"بحث بعنوان"
"علوم اللغة الفارسية"
)بسم الله الرحمن الرحيم (
قبل ان ابدا الحديث عن اللغة الفارسية اذكر هنا ما قاله الدكتور احمد شوقي رضوان في مقدمه كتابه (مدخل الى دراسة الجملة الفارسية) يتداخل مع الأهمية التراثية لتعلم اللغة الفارسية اهميه حاضره تتمثل في كون الفرس مجاورين لنا جغرافيا، ومشاركين لنا في العقيدة، مما يؤكد انتماء يستوجب التعرف والتواصل مع الشعب الفارسي مهما كانت الشوائب التي تطرا على العلاقات بين ان واخر، إن تعرفنا على الشعب الايراني يزيدنا معرفه بأنفسنا، وتواصلنا معه يزيدنا قوه إنتمائية.
فاللغة الفارسية لها وضع خاص بالنسبة للعرب، و خاصة دارسي الحضارة العربية، فعلى المستوى التاريخي ليس ثمة شك في ان اللغة الفارسية كانت وما زالت تمثل احضر الروافد الرئيسية في بناء الحضارة الإسلامية على مر العصور منذ بزوغ فجرها، ولا يمكن لاحد ان يماري في ذلك.
وبداية فإن اللغة الفارسية هي احدى اللغات الهندوأوربية، تتميز في كونها قد مرت بثلاث مراحل مهمه.
المرحلة الاولى
هي التي تسمى الفارسية القديمة وكانت لغة آرية تتحدثها القبائل الفارسية القديمة في عهد كورش الكبير ثم اصبحت اللغة الآرامية في عهد الإمبراطورية الإمبراطورية الإخمينية وكان توتا الخط المسماري.
والمرحلة الثانية
وهى الفارسية الوسطى وهى اللغة البهلوية، في العهد الساساني التي كانت تكتب بالخط البهلوي وفي هذه المرحلة ظهرت لغات ولهجات عديده في الإمبراطورية الإيرانية مثل الباكتاريانية والسوغديانية والافستية.
واما المرحلة الثالثة
وهى مرحلة اللغة الفارسية الحديثة التي بدأت مع الفتح الاسلامي لبلاد فارس في عهد الخلافة الراشدية والتي مرت بدورها في مراحل عديده والجدير بالذكر فإن اللغة الدرية هي احدى اللغات الفارسية الحديثة التي يتكلم بها الافغانيون اليوم، وكذلك الطاجيكية في طاجيكستان .
(11)
وحسب مايشير الباحثين فإنه قد مر حوالي قرنين من الصمت قبل ظهور اللغة الفارسية الحديثة .
اليوم في العصر الحالي حيث يوجد أكثر من أثنين وثمانين مليون نسمه يتحدثون اللغة الفارسية كلغة ام ليس في إيران فحسب , وهي لغة رسمية في كل من إيران وأفغانستان وطاجيكستان ويتحدث بها أيضا بعض سكان أوزبكستان والهند وعن الصلة بين اللغتين العربية والفارسية , نستشهد بالتعريف الرائع الذي وضعه أستاذ اللغة الفارسية بجامعة طهران والباحث المترجم الإيراني الدكتور محمد علي آذرشب في مقدمة كتابه (جملة ساده فارس) أن اللغة الفارسية جزء من اللغات الإسلامية بل ومن أهمها , لما دون فيها من تراث أدبي , وعلمي ضخم .... كما أن هذه اللغة أثرت على آداب اللغة العربية شعرا أو نثرا .... ثمة تراث ضخم في الأداب والتاريخ والعلوم الإسلامية والفلسفة والطب والهندسة .... مدون باللغة الفارسية ولا يستغنى عنه الباحثون في هذه العلوم واحرى بالدارسين والباحثين العرب أن يطلعوا عليه , لأنه يشكل جزءا من الرصيد الحضاري المشترك بين العرب والإيرانيين أن التواصل العربي الإيراني ضرورة من ضرورات النهضة الشاملة لذلك لا يجد العربي أي صعوبة في تعلم اللغة الفارسية لإنها سهلة جدا بالنسبة إليه فهو بالأصل يحفظ أكثر من 40% من مفرداتها قبل أن يطلع على معاجمها وقواميسها , خصوصا وأنها أى اللغة الفارسية قد أستعارت الحروف العربية جميعها وحتى الحركات الإعرابية بالإضافة إلى التطابق الكبير بين القواعد والكثير من معاني المفردات وهذا ما جعل الأستاذ محمد محيو أستاذ اللغة الفارسية في لبنان , بتسميتها ب "الأخت الصغرى للعربية" وهى تسمية تشير إلى القيمة العربية المغروسة في اللغة الفارسية على حد رأيه .
إننا نجد أدبا وتراثا ضخما قد دون في اللغة الفارسية , وقد شكل ذلك التراث وهذا الأدب حضارة وتاريخ أمة عظيمة .فلقد دونت تعاليم زرادشت فيكتاب الأفست باللغة البهلوية , ومعظم شعراء التصوف كانوا من الفرس وكتب لاللغة الفارسية دواوين وكتب لازالت تحمل أثرا كبيرا في العالم مثل المثنوي لجلال الدين الرومي وغزليات سعدي الشيرازي وحافظ الشيرازي ومنطق الطير لفريد الدين العطار والشاهنامة للفردوسي ورباعيات الخيام ومؤلفات أخرى عديدة في مجالات مختلفة . وإلى جانب ذلك تمتلك اللغة الفارسية اليوم ادبا حديثا ضخما . ونجد من الاهمية البالغة دراسة هذه اللغة لما تمتلكه من علاقات واواصر وشيجة بينها والعربية إضافة إلى الروابط الممتدة بين الأمتين العربية و الفارسية و بحكم الموقع الجغرافي يبدو هذا التقارب شديد الصلة.
في بحث نشرته مجلة كالتشر العالمية حول أقدم لغات العالم الحيه حددت عشرة من اهم لغات العالم كانت اللغة التأملية بالمرتبة الاولى ما يشير إلى وجودها في القرن الثالث قبل الميلادي اما اللغة الفارسية فهي التي احتلت المرتبة الثالثة ما يشير إلى وجودها في القرن الثامن الميلادي. ومن حيث المحتوى على شبكة الإنترنت تأتي اللغة الفارسية في المرتبة التاسعة بين لغات العالم.
(12)
الاستنتاجات ومستخلص البحث:
كان للغة الفارسية القديمة الفضل الكبير في حمل رموز اللغة المسمارية البابلية والتعرف من خلالها على اولى الحضارات في العالم.
كان للغة الفارسية الاثر الكبير في نقل حضارات البلدان الأسيوية إلى الحضارة العربية الإسلامية.
كان للحرف العربي الأثر الكبير في رسم شخصيه اللغة الفارسية الحديثة، من خلال استخدام الحروف العربية في الكتابة والاستغناء عن الحروف الفارسية القديمة.
ان اللغة الفارسية من اللغات التي لها القابلية على الاستعانة باللغات الاخرى في رفد قاموسها اللغوي بالعديد من المصطلحات والمعاني وبسهوله كبيرة.
يمكن عد اللغة الفارسية من الروافد الرئيسية للحضارة العربية الإسلامية لما قدمته من نتاج علمي وادبي.
لم يكن الفارسي مقتبس اعمى بل استطاع ان يطور ما يقتبسه من لغة وادب.
ان التجاور العربي الفارسي وانعدام الحدود المانعه بينهما ادى الى التاثير المتبادل بينهما وفي كل مجالات الحياه.
تعرفنا على مدى تأثير اللغة العربية في اللغة الفارسية.
استخدام المصطلحات العربية وادخلها الى ثنايا القاموس الفارسي.
مميزات اللغة الفارسية.
(13)
مصادر البحث :
أولا : المصادر العربية :
براون , ادوارد , تاريخ الأدب في إيران , تر : أحمد كمال الدين حلمي
التونجي , محمد : المعجم الذهبي (فارسي – عربي)
الحسيني , إياد حسين عبدالله : التكوين الفني للخط العربي وفق أسس التصميم
الخالدي , عبدالله والمجذوب , طلال : مفتاح اللغة الفارسية
الجبوري , تركي عطية : الكتابات والخطوط القديمة
ديماند : الفنون الإسلامية , تر : أحمد عيسى
سليم , أحمد أمين : دراسات في تاريخ الشرق الأدنى القديم
الشواربي , إبراهيم أمين : حافظ الشيرازي – شاعر الغناء والغزل
ثانيا : المصادر الفارسية :
أبو القاسمي , محسن : تاريخ زبان فارسي / تهران
صفاء ذبيح الله ك تاريخ أدبيات إيران
الحمد لله جل جلاله فهو وحده سبحانه من وفقنا لما تمكنا من تقديمه إليكم , وها هي آخر محطاتنا في البحث الذي قد أخذ الكثير من الوقت والجهد لكي يخرج بتلك النتائج ولكنه جهد ثمين غير ضائع , حيث توصلنا من خلاله إلى الفهم التام والإدراك الكافي لجميع جوانب موضوعنا والإجابة حول جميع ما قد يرد حوله من تساؤلات , نتمنى أن يكون بحثنا نال إفادتكم وأتى على النحو الذي كنتم ترجونه منه .
(14)