يروى كتاب الدوتشي(قصة حياة موسولينى) لتوماس نوريز مشهداً استوقفنى كثيراً ، وهو أن موسوليني قبل سقوطه بعام ، قال لأحد أتباعه المقربين واسمه فروشي:
«إن ما أراه اليوم من فقدانى لتأييد غالبية الايطاليين لي ولأفكارى يمثل بداية النهاية لي ولمشروعى يا فروشي».
ليرد عليه فروشي(كغالبية أتباع الديكتاتوريين) قائلاً:
«سيدى .. أنت لم تفقد محبة شعبك ، وحتى لو حدث ذلك من اختفاء الحب كما تقول يا سيدى، فإن "المدفع" لازال موجوداً بأيدينا ، وهو قادر على حمايتك من كره معارضة تجمع بين الجهل والعمالة».
وأردف فروشي:
«سيدي الدوتشي.. تذكر نصائح مكيافيلى فى الأمير.. إن "رهبة" المحكوم من "سطوة" الحاكم أبقى وأفضل من "حبهم" له».
ليرد عليه الدوتشي موسولينى:
«لا يا فروشي .. إن حب الجماهير أقوى و أبقى من مدفعك .. إن تلك بداية النهاية كما قلت لك».
الغريب أن مؤسس نظام الفاشيست فى إيطاليا الدوتشي بينتو موسوليني كان لديه«البصيرة» ليرى و «يفهم» أن «شرعية الحاكم» تأتى «بالقبول» الطوعى للمحكوم بتصرفات وافعال الحاكم ، وليس«بوسائل القهر والجبر» مما تستخدمه الشرطة في «فض» المظاهرات والاعتصامات أو الجيش فى «تنفيذ» الانقلابات.
لقد فهم موسولينى درس التاريخ الذى يقول: [أن القبول الطوعى للمحكوم بالإقناع ، أفضل ألف مرة من إجباره عن طريق القهر].
وتلك عظة التاريخ التى فهمها الدوتشي ونسيها بقية أقرانه بعده من الجنرالات الذين تواجدوا على مسرح التاريخ فى غفلة من الزمن وفى لحظة عاثرة من التاريخ الإنساني.