الدكتور تيم لوجان

أستاذ علوم المناخ في جامعة تكساس

ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

ألم تلاحظ رائحة مميزة لدى سقوط أولى قطرات المطر الصيفية المكتنزة على الأديم الملتهب الشديد الجفاف؟

تغمرني مشاعر طفولية لأفراد عائلتي الذين امتهنوا الزراعة وهم يتحدثون عن مقدرتهم على "شم المطر"قبل حدوث العاصفة.

بالطبع لا يوجد للمطر أي رائحة ولكن قبل لحظات من هطول الغيث تملئ الجو رائحة عبقة تدعى بيتريشور يسميها الناس بالرائحة المسكية اللطيفة والمنعشة في ذات الوقت.

تنتج هذه الرائحة من استرطاب الأرض. ووثق العلماء الأستراليون عملية تشكل البتريشور للمرة الأولى عام 1964 ودرس العلماء في معهد ماساتشوستس للتقانة ميكانيكا العملية عام 2010.

يتكون البيتريشور من مركبات كيمائية عطرية وبعضها زيوت تصنعها النباتات. وتساهم الأكتينوبكتيريا بتشكيل البيتريشور بشكل أساسي. توجد هذه الكائنات الميكروية الدقيقة في المناطق الريفية والحضرية وفي البيئات البحرية. وتساعد على تحلل المادة العضوية الميتة والفاسدة إلى مركبات كيميائية بسيطة التي تصبح فيما بعد مواداً مغذية للنباتات النامية وكائنات أخرى.

وينتج عن نشاطها منتج ثانوي يدعى جيوسمين الذي يساهم بشذى البتريشور. وهذا الجيوسمين نوع من الكحول يشبه كحول التعقيم. تمتلك جزيئات الكحول رائحة نفاذة ولكن البنية الجزيئية المعقدة للجيوسمين تجعلها ملحوظة بشكل خاص للأفراد بمستويات متناهية الصغر. ويستطيع الأنف البشري استشعار أجزاء قليلة من الجيوسمين من تريليون جزيء من الهواء.

عندما تسود حالة طويلة من الجفاف ولا يهطل المطر لأيام عديدة يتباطأ معدل نشاط التحلل لدى الأكتينوبكتيريا . وقبل هطول المطر بقليل يصبح الهواء مشبعاً بالرطوبة وتبدأ الأرض بالإسترطاب. وتساعد هذه العملية على تسريع نشاط الأكتينوبكتيريا وبالتالي يتشكل المزيد من الجيوسمين.

عندما تسقط قطرات المطر على الأرض وخاصة السطوح النفوذة مثل الأرض الهشة أو الاسمنت الصلب تتناثر وتطلق جسيمات دقيقة تدعى الأهباء الجوية. تطلق الجيوسمين ومركبات البيتريشور الأخرى المتواجدة على الأرض أو المذابة ضمن قطرات المطر على شكل أهباء وتحملها الرياح إلى المناطق القريبة. وإذا كان المطر غزيراً تنتشر رائحة البتريشور بسرعة نحو الأسفل وتنبه الناس باقتراب المطر.

تتلاشى الرائحة بعد مرور العاصفة وبدء تجفاف التربة. مما يترك الأكتينوبكتيريا ترقد منتظرة ومهيأة لمساعدتنا على موعد قادم الغيث.

https://theconversation.com/why-you-can-smell-rain-101507