مهلاً.. لم أعد أنا ! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مهلاً.. لم أعد أنا !

" بدمٍ باردْ أخرج سكيناً حادة و غرسها في عنقها و صاح ( اللعنة عليكِ) "

  نشر في 30 نونبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 29 ماي 2023 .

بلاهة المبررات و برود الحضور أثار غيظه و حنقه من العالم أجمع. كوب قهوة و قطعة حلوى فيها مخدر. يقف على سطح مبنى. هل يودعها الوداع الأخير ؟ 

لا لن ينتحر... هو لا يفعل مثل هذه الأشياء. هو صلدٌ للغاية و لكنه يريد أن ينظر إلى سطح الكرة الأرضية من فوق. أراد أن يحيط بسواد العالم كما أحاط به. 

صاح بصوتٍ ردده الصدى : " اللعنة عليك " !

جاءت حبيبته بخصرها الهزيل. جسدٌ ضئيل لا يملك الكثير من الأنوثة و لما رآها تخطو إليه و الخوف يهيمن على ملامح وجهها أحب أن يستغل هذه اللحظة في التنفيس عن غضبه الشديد على من له مقدرة عليه. هو يعلم أنه لن يقدر على ظلام هذا العالم و خاصة بعدما صارَ مظلماً ، يعرف جيداً أن من يغيروا العالم هم أشخاصٌ سكنهم النور بل و هم ذواتهم مبعث النور.

رمى كوب القهوة على الأرض حتى انكسر إلى عشرة أجزاء إلا جزء!

كعدد خطاياه كانت عدد القطع المكسورة من الكوب. ارتعدت الفتاة و رغم ذلك أمسكت بيده بشدة و قالت : توقف ...

لم يعجبه كلامها. رمقها بنظرة احتقار رغم ما تحمله من انكسار. حن صوتها رغم أنه يرتجف و قالت بصوت أرق : توقف يا حبيبي. سأظل أحبك رغم ذلك...

- سأقوم بقتلك إن لم تبتعدي عني..

- أعرف أنك ترى نفسك شخصاً سيئاً و لكنني لازلت أحبك.

- أنت لم تحبيني قط. أنت مجرد نزوة كاذبة و خطيئة.

- و هل الحب خطيئة ؟

- بل الشهوة و الرذيلة .... دعيني قلت لك و إلا فإن هذا فراقٌ بيني و بينك.

- لن أتركك إذاً..

- هذه سكينة و هذا وجهي يولد على عروقه ألف شيطان فاسق.

- و ماذا بعد ؟

- سأقتلك.... 

- أنت محق. هذا العالم مظلمٌ جداً. تتعاطى مسكنات و دعني أقل لك أنك ضعيف و هش. أنا غبية لأنني أحببت مثلك و تركت جميع الرجال و رغبت بك.

- أضحكتني. و من كان سيرغب بفتاة مثلك تشبه غصناً ضعيفاً محروقاً.

- هل نسيت كيف تجليت لك في الليلة الأولى ؟

- نعم كنت حورية و ذلك لأنك شيطانة حرباء. هذه حقيقتك.

- لازلت أحبك رغم دعواك الباطلة.

- أنت تحبين جري إلى الجحيم لا أكثر.

- قم بقتلي إذاً ...

كل شيءٍ صرخ في أعماقه بأن يدق عنقها و يطرحها أرضاً. تدارك نفسه. نظر إلى يده فلم يجد كوب قهوة و لم يجد حلواه المخدرة. نظر أمامه فلم يجدها.

" لم أعد أنا ... ! " هتف في أعماق نفسه. بكى بحرقة. 

شريط حياته يمر بسرعة كسرعة انهمار دموعه. أوجاعه. والده الذي قُتل خطأً و هو متجهٌ إلى عمله. أمه الأرملة التي أعالته هو و إخوته. أخوه الذي سافر إلى بلاد الخارج ليقوم بإرسال المال إليه حتى انقطعت عنه الأخبار ، فصارت والدته أرملة و ثكلى أحد الأبناء. أخته أدركت الزواج متأخراً بعدما دفع الخوف والدته أن تزوجها إلى أي " شخص" فهي لا تضمن عمرها و إذا كانت ستعيش لترعى ابنتها أم لا... ابنتها ذات " الحال الموقوف ". تعود الفتاة بعد سنة بطفلٍ و كدمات تركت ندبات على جسدها.

يهيم هو بحب فتاة يعرفها من أيام الدراسة. يتقدم لخطبتها و لكنه لا يملك وظيفة تلائمُ مستواها الاجتماعي و لا يمتلك نسباً و لا حتى عائلة!!

لا يمتلك سوى قلبه. يدهسه العالم و يبصق عليه ، و بين عصيانه و طاعته يتردد. يقف بباب الله تارة و بباب الشيطان تارة حتى توفت أمه بمرضٍ عضال.

ترك المنزل لأخته و هاجر بعيداً... لم يعد هناك ما يبقى لأجله. 

بكت أخته كثيراً. أصر هو أن ذلك أفضل لكلاهما و أن يحرص كلٌ منهما على أن يبدأ حياة جديدة بدون أي ذكرى و بدون أي انتماءٍ لأسرة ما ... لأسرة لم توجد قط !

قد يكون الحظ حالف أخته فتزوجت رجلاً صالحاً أعالها و أعال طفلها ، لكن الحظ لم يحالفه بعد فهو لازال متخبطاً بين الشهوة و بين الطاعة و الغضب و السخط اللذان أقاما حفلاً بدواخله أراد أن يحرق العالم أجمع و في لحظة .... في لحظة أدرك أنه لم يعد هو ..!


  • 2

  • آيــآ
    شخصٌ يحتضن ذاته برفق ~ مهتمة بالفنون ككل و بالكتابة.
   نشر في 30 نونبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 29 ماي 2023 .

التعليقات

Abdou Abdelgawad منذ 6 سنة
القصة جذابة انتظر التكملة
1
عمرو يسري منذ 6 سنة
أعجبتني بداية القصة و حمستني لتكملة القراءة , لكن النهاية أشعر كأنها مبتورة كأن القصة انتهت فجأة أو أن لها تكملة , ماذا فعل هل قفز من فوق السطح ؟ أم قتل حبيبته ؟
أم انها نهاية مفتوحة ؟ :)
0
آيــآ
لها تكملة

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا