الجسد... وطن لنا... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الجسد... وطن لنا...

مقال

  نشر في 25 غشت 2015 .

الجسد... وطن لنا...

الندم أصبح عائلتي الصغيرة. أصبح فاكهتي. الندم يخْمِشُ روحي كأظافر صقيلة طويلة.

ندمي كل مساء، أقطعه فصوصا، فصوصا وأجوب به أزقة وشعاب روحي.. يتوقف الزمن الذي يتعب أعصابي ولا يجعلني أركز...

في غمرة أنانيتي أكتشف في النهاية أنني لم أكن أهتم سوى بترميم الثقوب... كنت أنانيا، بامتياز أرغب في الحياة بقدر محسوب... كنت لا أفكر كثيرا حين أخطئ بل أعيش على الطبيعة...

كان هوس الزمن ينتابني بين الفينة والأخرى، ينسل القلق إلى الأعضاء، فأكون مع النساء مجردا من كل شيء عدا جنوني ورغبتي في أن أكون كائنا علويا إلى جانبهن، وأني متشرد البطالة والحقارة وأنتصر في معركة أخرى... معركة الجسد، وأنا المتربع على فوهة الوله...

في الفضاء الفسيح لعنفوان الجسد والحركة، حين يهزنا الرّهزُ القوي وتطغى الظلمة الخفيفة بعد الغروب مباشرة، أخرج من الإطار.. أصمت وألمح الدمع متلألئا دوّرا في عينها... فأندحر إلى بئر الذنب السحيق وأفكر في عطائها وجحودي...

حين أفلت من الزمن وتبعاته، تنهال شباك الأسئلة دون انتظار كمائن الأجوبة... أهنأ وأشعر مع هذا الجسد؟... ما الذي يجعلني أعرف الدقيق فيه وفي مجراه؟... ما الذي يجعلنا عموما نعرف الجسد ونحس إلتباسه في الوقت ذاته؟... هل لأننا نحس رخاوته؟... لأننا نتحسسه طيعا مقبولا وينقلب مع الأمزجة وحالات الساهرين عليه؟... لأننا نعرفه تحت الغطاء؟... نعرف ثغراته؟... نعرفه طبيعيا، حارا، باردا؟... ثم أين نريد للجسد أن يكون: متعاليا في الشارع أم متواضعا في المرحاض؟... مستقيما أم منحدرا؟... مريضا أم في صحة عالية؟... يشهق أم يحنو أم يتثاءب أم يتربص؟...

تجيبني آناي، القابعة بداخلي، بعد أن تضحك مما تسميه ترهاتي الجميلة، بأن المسألة فعلا تكمن في السؤال: أين تريد للجسد أن يكون؟ في المقهى ليشرب العصير؟ أم في القبر ليموت؟ أسترسل وأقول أريد ذلك وأريد الكثير من الأمور...

أريد ذكرياتي أن تتهذب وأريد أن يتحول السياسيون عن النفاق، وأريد للبحر أن يُكفّر عن خطاياه اتجاه الأجساد التي أكلها السمك... ثم سرعان ما أطوي أفكاري مثل طي السجل للكتاب، فأحمل القلم وأكتب عن جسد الوطن وأقول يا رجل، كيف تريد لجسد الوطن أن يكون؟ كيف له أن ينتعش؟ تريده وطنا رخوا أم صلبا؟ حارا أم باردا؟ صلبا ومفتوحا على مصائر القانون أم رخوا بالتوافقات المشبوهة؟

اختبرنا كل الطرق والدروب، اختبرنا الخارج، خارج الجسد، بعطاياه وقسوته، اختبرناه حتى ضجر منا... ولم يبقى في الحكاية إلا نفق المقاطعة... مقاطعة... مقاطعة ترهلات الجسد... مقاطعة صراط تؤدي إلى العمالة والولاية ثم... ثم... ثم...

طريق نختبر فيه المشي والتفكّر في حالات الناس وأوضاعهم... ولا نطمئن...

سبل المقاطعة عديدة منها: الوقت... فالوقت بنزين في صالحنا، يهدد باحتراق طنجرة ضغط اقتصادهم...

مقاطعة الإنتخابات واجب شعبي.. رغم عدم وجود نخبة تنظمه وتأطره...

سعيد تيركيت

الخميسات - المغرب - 18 / 08 / 2015 



   نشر في 25 غشت 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا