ومضة على القسم السوري في البالتوك - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ومضة على القسم السوري في البالتوك

تحليل..

  نشر في 07 غشت 2020  وآخر تعديل بتاريخ 07 يونيو 2023 .

ومضة على القسم السوري في البالتوك..

مع دخول العالم وولوجه في تسعينيات القرن الماضي .... بدأت ملامح العولمة .... واصبح العالم كقرية صغيرة ... التغت فيه كل الحواجز والموانع السياسية والجغرافية والحدود الطبيعية .... واصبح بالامكان نتيجة ثورة الاتصالات والمعلوماتية وتلك القفزة النوعية التي تحققت .... مراقبة ومشاهدة ما يجري في ابعد نقطة من الكون عن منطقة سكناك دون ادنى ادنى عناء وجهد .... واصبحت المعلومة والصورة في غرفة النوم والمطبخ كما في مكان الحدث ذاته ...

على ان تشعبات هذه الثورة التقنية الهائلة .... دخلت الينا جاهزة ومكتملة .... الامر الذي حال دون ان نرتقي بمستوى وعينا للوصول الى حالات الذروة فيها ..... فاقتصر الاستخدام لتلك المنجزات في مناطقنا وفقا لعقليات ومعطيات كانت سائدة ابان الخمسينيات والستينيات في عالمنا الثالث ....

فبقي التعاطي لمن سعى الى استخدام وامتلاك هذه التقنيات في غالب الاحيان .... وكأن شيئا لم يكن ....

فعلى الرغم من ان وجودها ساهم واسس للعديد من اسس المعرفة ... وتبادل الثقافات والخبرات ... ونكاد لا نغالي من انها واقعيا فرضت حضور غربي قوي جدا على مناطقنا ... وتغلغلت في ثنايا وتفاصيل ثقافتنا .... وهو الامر المنطقي الذي يفرضه واقع اننا الحلقة الاضعف رغما من محاولة التغني الدائم بحضارة وتاريخ لم يعد بمقدورنا الدفاع عنه ....الا ان الية تفكيرنا حالت دون التقاط الجوانب المشرقة في السلوك الاجتماعي الغربي .... ذلك الجانب الديمقراطي الغني والنير والمتمثل في فلسفة قبول الاخر .... ومرد ذلك لحالة الانغلاق والتردي في ثقافتنا .... التي قطعا ستحول دون الاستخدام الافضل والامثل لميزات العصر الحديث .....

و مع التقدم التكنولوجي تعددت وسائل التواصل الاجتماعيه/ السياسيه/ الثقافيه, فاشتهر من بينها برنامج اسمه البالتوك اصبح من الممكن بواسطته التواصل بالكتابة وبالصوت والصوره بين المتواجدين في مختلف قارات العالم, حيث بإمكان المرء فتح غرفه الكترونيه للدردشه يديرها بنفسه (كأدمن) او يساعده احيانا اشخاص آخرون (أدمنيه) يختارهم من بين رواد غرفته لمساعدته في ادارة الحوارات بين مختلف ومتفق في الرأي, فتحتدم حدة النقاش لدرجة التشنج والزعل احيانا مما يدفع الزعلانين من رأي واسلوب مدير الغرفه الى ترك الغرفه وفتح اخرى تدار من قبلهم. اي المقاطعه واستبعاد اية فرصه لحلحلة المشكله بالحوار والتفاهم.

هنا أردت ان ألقي الضوء على طريقة التعامل والتعاطي السائدة في بعض مزايا هذه الثورة التقنية ... والمتمثلة في خدمة ( البالتوك ) .....

ووجدت ما يعزز وجهة نظري ... تلك الطريقة التي يتم التعاطي فيها مع الداخلين الى غرف ( البالتوك ) من التوجهات الاخرى واصحاب وجهة النظر المغايرة .... ولمست ذلك في غرفتين من غرف البالتوك في الشرق الاوسط ....وتحديدا القسم السوري..

يقينا ان هذه الحالة ستكون موجودة وسائدة في الغالبية العظمى والنسبة الاكبر من الغرف في الشرق الاوسط عموما .... الا ان ما لفت انتباهي هو ما يخص الجانب السياسي السوري ..... حيث تجد ان غالبية الغرف السياسية للاتجاهات والتيارات السياسية في الساحة السورية منغلقة على ذاتها ...

ويدهشك ان هذه الغرف تحاور ذاتها وترفض محاورة الطرف الاخر .... بل تضع عليه حجرا في حال حاول ولوج ودخول الغرفة مرة اخرى ....

إن المتصفح لبرنامج البالتوك في القسم السوري لايملك الا ان يأسف لهذا المستوى الاخلاقي الذي انحدر اليه البعض، والذي يتنافى مع ابسط القيم الاخلاقية والوطنية التي يجب ان تشكل شخصية الانسان السوري من موالاة او معارضة.

من حق كل انسان او مجموعة او حزب ان يدافع عما يعتقده صحيحا ولكن شرط الا يخرج عن اعراف وتقاليد وثقافة وقيم مجتمعه، كأن يلوي عنق الحقيقة وان يعمل على تشويه حقيقة منافسه ويعكس صورة غير صحيحة بالمرة عنه ، متسلحا بقاموس ضخم من اقذع الالفاظ والسباب والشتائم، دون مراعاة لاي خطوط حمراء، اخلاقية اواجتماعية او دينية وحتى انسانية ، نافخا بنار الفتنة الطائفية عبر اكثر الابواق شذوذا وتخلفا.

منذ سنوات و انا مشارك بهذا البرنامج الذي من خلاله رايت ان اتواصل مع السوريين والعرب لنتبادل الافكار السياسية و نرى صورة شاملة عن مطالب الشعوب العربية في تقدم البلاد و ازدهارها.

الا اني رايت أن الغرف قد تحولت الى منابر للنفخ في الفتنة الطائفية، والتهجم بشكل استفزازي هستيري على القوميات التي تشكل النسيج السوري اي الفسيفساء السوري التي عرفت فيه سوريا من اكثر من 8 الاف سنة.

ايضا المستمع يرى ان هذه الغرف تستعجل الفتنة وخراب البلد، لاسباب باتت واضحة، اسباب دينية و طائفية . ايضا هناك شن حملات نفسية، ملفقة من الالف الى الياء، للنيل من سمعة وشرف رموز ناس وطنيين و اتهامهم بالخيانة.

وتحريض الشعوب العربية على ابناء وطنهم وعلى السوريين من خلال العزف على وتر الطائفية وتكرار تلك الاسطوانة المشروخة عن الخطر الذي يتهدد كل الطوائف وان الحساب سوف يكون كبير بعد انتهاء الازمة.

استخدام عبارات غير اخلاقية وركيكة تزكم الانوف ضد علماء الدين في محاولة لاستفزاز الطرف الاخر وجره الى سجال غير اخلاقي وعقيم لا يصب الا في مصلحة اعداء سوريا و خراب المجتمع سواء كان هذا في غرف الموالاة ام غرف المعارضة و هذا الشيء الذي يبكي له القلب..

ان اناس سوريين ساكنين خارج الوطن منذ فترة بعيدة و لا يعرفون شيئا عن الوطن او عن هموم المواطن و يتكلمون بناءا على ما سمعوا.. او بسبب اتصال هاتفي مع الاهل و يعمموا هذا على كل سوريا..

او موالاة يتكلم بلسان القنوات السورية او معارض يتكلم بلسان الجزيرة و العربية فعلا هزلت اذا كان الوطن يبنى على اقوال و افعال سمعناها عن فلان نقلا عن فلان اليست هذه مهزلة اتسائل؟

وارى كمراقب وازعم ان لدي بعض من علم النفس ان الاسباب التي دفعت وتدفع اغلب الموالاة و المعارضة في برنامج البالتوك الى الانحدار الى هذا المستوى الهابط اخلاقيا وسياسيا هي:

* عدم امتلاك الموالاة اي تبرير سياسي لكل الفساد والتمييز والظلم على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية و هذا الشئ يؤدي الى المواجهة الكلامية ..و لعدم المعرفة يسود السباب و الكلام الطائفي بدل ان الانسان يقول انا لست عارف بالشئ و الامر كان ينتهي و لكن الغرور و الانا و التظاهر بانه يعرف كل شئ و هم ليس لديهم اي فكر سياسي تتحول الغرف من النقاش الى انتهاكات.

* وجود جيوش من المتجنسين الذين تم تجنسيهم لتغير ديموغرافية الشعب السوري والذين هم على اهبة الاستعداد للقيام باي مهمة توكل اليهم مهما كانت خطورتها، ومن بين تلك المهام، قمع الناس على قول الحق و ارغاب الناس على ان لا يقولوا الا الامور التي تسير على هواهم بالكذب و الترهيب من عمد الكلام او الكتابة في الغرفة .. هل هذه ديمقراطية اتسائل ؟

وجود التيار الراديكالي ، السلاح المشرع في كل حين، الذي اخذ يتوغل في المجتمع السوري والعربي وهو تيار ليس بحاجة الى ان يستفز ليرشح طائفية، فهو خطاب طائفي استفزازي اصلا، ويمكن تلمس خصائص هذا الخطاب عبر الاستماع للغرف التي لاتعترف باي خطوط مهما كانت قدسيتها.

و غرف الموالاة التي اختزلت سوريا في شخص (الدكتور بشار الاسد ) و ذهب بعضهم الى القول الملك بشار الاسد و المملكة السورية.

هذه الغرف تجد شعورها بالحاجة الى الخطاب الاستفزازي والطائفي والتحريضي، لان مطالبها سياسية وتحركها كذلك، ولم تستمد اي عون من خلفيتها الطائفية و الجاهلية في السياسة ..

اذا تلك الغرف تشوه و لا تقدم اي شئ عن الواقع السوري و جعلت الناس يهربون و ينحصروا فكريا و هذا لا يبشر بالخير لان سوريا بحاجة الى كل هولاء لبناء سوريا ديمقراطية.

يروى ان سقراط الحكيم كان جالسا كعادته على قارعة الطريق يفكر في الكون والانسان فلم ينتبه الا بعد ان تعالى الضجيج من حوله فاذا بالناس يطلبون منه ان يتنحى جانب ليمر فارسا مهيبا كان على صهوة جواده، فاذا بسقراط يلتفت بهدوء الى الفارس دون ان يرتعد من هيبته وقال له: "ياهذا تكلم كي اعرفك".

مقولة سقراط الحكيم هذه تحولت الى حكمة يتداولها الناس الى يومنا هذا، والتي تؤكد حقيقة تتفق عليها ثقافات كل الامم رغم تنوعها، فان بالامكان الحكم على الانسان وعلى مايختلج في صدره من خلال ما يتفوه به من كلام.

فأذا اردنا ان نتناول مقولة سقراط الحكيم ونسقطها على مايترشح عن عقلية وذهنية القائمين على الغرف السورية للموالين و المعارضة والمتفاعلين معها، لتبين لنا ان هؤلاء الناس ليسوا الا مجموعة غير سوية منتفعة معنويا او ماديا او بسبب الحقد الطائفي الذي يسود اغلب اصحاب الغرف و المستخدمين منهم.

وكأنهم ذئاب مفترسة، لاتتحمل كل شريف واصيل، مدفوعين بمشاعر الدونية والنقص، وبتحريض من جهات تعمل وفق خطة جهنمية محكمة، لدق اسفين بين ابناء الشعب الواحد عبر تخوين اكثر الكثير من السوريين و العرب و كانهم هم الوحيدين السوريين والعرب .

طبعا هذه شريحة من السوريين الذين في الانترنيت شريحة غريبة لديهم افكار من موالاة و معارضة لا يمكن ان تنم على وعي سياسي او وطني.

و اعتقد ان على الوطنيين الحقيقيين العمل على تثقيف هولاء على المواطنة و كيفية الاختلاف السياسي من دون التخوين او انتقاص الاخر.

ان ما يفترضه المنطق ... يذهب الى التأكيد على ان الخدمة وجدت للترويج لفكرة مالكي الغرف ... واقناع الاخرين بوجهة نظرهم .... إلا ان ما هو قائم وفقا للالية المتبعة والسياسات المعتمدة ... تؤدي الى حجب حقيقة ما ترمي اليه الغرف الحوارية .... وتضع طوقا حديديا يعزز من فرضيات العزلة والانغلاق على الذات .... وهنا يطرح السؤال ذاته .... اذا كنت بصدد ان احاور كل من يتفق مع فكرتي ويلتزم بها ... فما هو مبرر الحوار حينها ؟؟؟؟!!!

يأتي ذلك في سياق ان اصحاب فكرة انشاء الغرف ... ينزعون للجوانب الاستعراضية ... ولا يقيمون وزنا لاعتبارات انهم اصحاب رسالة يؤدونها من خلال هذه المنابر ... التي افترض من يدخلها انها حرة وتلتزم احترام الرأي الاخر ...

للاسف في الواقع القائم ... يبدو ان لغة التحشيد والتخندق هي السائدة والميزة الغالبة لمعظم هذه الغرف .... الامر الذي يؤدي الى وقوع الداخلين ومن التيار الفكري والتوجه السياسي ذاته لضغوط كبيرة وتحت تأثيرات صدمة كبيرة في لحظة حدوث انفراج او تلاقي بين التيارات المختلفة ...... فألية التحشيد في الشارع العربي عموما والشارع السوري خصوصا تقوم على الاستبعاد المطلق والالغاء التام للطرف الاخر .... وهو ما يجعل الملتحقين بركب هذا التوجه او ذاك يقعون في التناقضات ... وغير قادرين على فهم الامور وادراكها ..... مما يؤدي الى ردات فعل عكسية تضرب التماسك الداخلي لاصحاب الفكر ذاته .... وهي النتيجة المغايرة التي يتعاطى بها اصحاب الفكرة في الغرف الحوارية.


* Goodsoul*



   نشر في 07 غشت 2020  وآخر تعديل بتاريخ 07 يونيو 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا