زبالة البرامج الإعلامية الرمضانية . - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

زبالة البرامج الإعلامية الرمضانية .

الإعلام العربي أذاة لزرع التخلف .

  نشر في 24 يونيو 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

أصبح دور وسائل الإعلام في المجتمع بالغ الأهمية ناجع الفاعلية مستسبب للتنمية ، إلى درجة خصصت جميع الحكومات وزارات إعلام تتولى تحقيق أهداف "داخلية وخارجية" عن طريق تلكم الوسائل ، ومن تلك الأهداف الداخلية رفع مستوى الجماهير ثقافياً و معرفيا و فكريا ، وتطوير أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية بإرشادات عملية لاستسباب شروط التفتح و التطور ، أما خارجياً فيتجسد دور الإعلام في تعريف المشاهد بحضارة الشعوب ووجهات نظر الحكومات في المسائل السياسية الدولية ، و من جانب آخر بإشهار أحدث الأفكار العلمية و التقنية ، كل ذلك لتمليك المشاهد * كفاءة * بمعناها الواسع ، لكن هل هذه هي وظيفة إعلامنا العربي ؟

حري بالإشارة إلى أن الفضائيات الإعلامية طول السنة لا تقدم جديدا من حيث البرامج بل تجترر و تعيد ما بث في الماضي ، سوى بعض البرامج الصباحية و سهرات المجون ، لكن متى نشاهد الجديد ؟ في رمضان ، شهر الفضيلة كما هو معروف في الثقافة الإسلامية ، فهل هذا الجديد الرمضاني فاضل صالح أم طالح بديء ؟

من ساعات الصباح الأولى و نحن نشاهد القرف و التفاهة بكل ما تحمل الكلمة من مدلولات و معاني عجيب ، تبدأ اليوم ببرامج تشمل نوعا من الفكاهة الهابط يفتقر إلى أدنى شروط الإبداع الحقيقي ، من بعد تبث مسلسلات الغرام التي تعمر في التلفاز كما يعمر النسر في الأرض ، البطل فيها يشيب و يشيخ و يذهب عمره جفاءا هو و من يشاهده ، حيث تجد لهذا البطل الواهن عشيقات و خليلات و زوجات و في المسلسلات الإسلامية يضاف إلى هؤلاء الجواري و السريرات ، عندما ينتهي المسلسل يأتي أحد المتملقين و يسأل " فلان ( البطل ) عرض على خليلته للعشاء اليوم ، ما اسم المطعم : أ) ... - ب )... ، إذا أجبت صح ستربح فيلة و طائرة إرباس 366 و عطلة صيفية إلى ميامي ، أوليس حق لهؤلاء أن يخجلوا من كرامة المشاهدين ، و ما يزيد الطينة بلة هو " إشهارات البذخ " لأكبر الشركات الرأسمالية للإتصالات أو البنكية و العقارية التي حولت المواطن إلى بقرة عندما يجف حليبها تذبح ، و يوزع لحمها كغنيمة .

أستغرب بمرارة تقرح الأكباد ألا يستحيون هؤلاء ، هل يظنون أنهم يخاطبون الحمقى و المجانين بأسئلتهم الفارغة ؟ ألم يكتفوا بإشهارات كانت سببا و لا تزال في عدت مشاكل تعمل على هشاشة المجتمع مدنيا و فكريا و سياسيا ؟ من له مصلحة في الترويج لكل هذه الأعمال الحقيرة التافهة والممولة من ضرائب المواطنين ؟ واضح أن كل هذا يهدم أكثر مما يبني ، يغبش الرئية على الإنسان أكثر مما يوضحها ، يزرع بذور الشر و الإنحلال و التفكك لا رسالة حقيقية نافعة له ولا مضمونا يمكن الحوار معه أو حوله ، كله تسطيح و تتفيه و مضيعة للوقت ، هل أنا موجود فوق الأرض لأشاهد مسلسل عدد حلقاته يقدر بألف ؟

المفروض أن تحمل الإنتاجات الإعلامية حس القيم الفنية المتطورة و أن تربي على النقد و المساؤلة من أجل تحفيز العقول على التفكير و التفلسف بغية توليد فكر و عقلية و أسلوب حياة جديد متقدم يساير روح العصر ، للأسف العكس هو الحاصل الإعلام يسوق الجهل و الرجعية يضر و لا ينفع ، ينفث باستمرار معاقل التخلف في محاولة لاستدامته و استمراره ، هذا ما أفهمه من هذه الحملة الإعلامية الرمضانية المنحطة ، و كتجسيد لهدف نشر التخلف هو انعدام أي برنامج تثيقفي يستضيف أحد المفكرين أو العلماء الذي يمكنهم أن يغطوا بحديثهم كل ساعات الضحالة الثقافية التي بتث من قبل ، كل هذا غير موجود ليس هناك إلا سهرات الرقص البغية و مسلسلات الإستقذار و أسئلة الإستحمار ، فإن ذل هذا على شيء فإنما يذل على أن الإعلام أذاة بل ماكينة لزرع التخلف و لعرقلة و تأخير أقصى ما يمكن نهضة و صحوة فكرية ثقافية إجتماعية ، تقطع مع كل ما هو ضد التنمية و تقف أمام كل مصلحجي مرتشي يعيق الإلتحاق بالركب الحضاري .

من ناحية أخرى ارتفعت في الأيام القليلة الماضية حناجر تدعوا إلى توقيف برنامج تنويري اسمه * صحوة * يستضاف فيه ، أفضل مفكر إسلامي في الفترة الراهنة في نظري ، و هو د.عدنان ابراهيم ، حيث دعى عبر منبر البرنامج إلى تحرير المرأة و توفير الضروف الملائمة للشباب من أجل الإنتاج الفكري و الحضاري ، فظلا عن نبذه للطائفية و الإرهاب و القتل باسم الدين ، كما أقر بأن الموسيقى و المزح حلال شرعا لأنهما محرمين عند الأعم الأغلب من فقهاء الإسلام في الماضي و الحاضر ، كما اقترح مجموعة من الحلول في مجموعة من القضايا الإجتماعية و هو ما نحن بحاجة ماسة إليه في واقعنا المتهور على جميع الأصعدة ، لكن الغريب و العجيب هو خروج هيئة كبار العلماء السعوديين ببيان يحذر من " ضلالات عدنان ابراهيم " حسب تعبيرهم ، أتسائل إذا كانت مثل هذه الأفكار التنويرية ضلالات ، ماذا يمكن أن نقول عن برامجكم التافهة ؟ " مخذرات مغيبات عن الواقع و الحقيقة " .

أخيرا أحب أن أقول وسط كل هذه المهزلة و النصب و الإحتيال على عقول و عواطف الناس ، إن هذه البرامج باتت تستلزم من نقاد التلفزيون ومن نجوم النقد الفني عموما أن ينهضوا بواجبهم في نقد وإدانة كل المسلسلات والبرامج التخريية هذه ، ويكشفوا حقيقة من يقف وراء دعمها و ما هي الجهات التي تسترزق جراء انتشارها ، إن وجدنا طبعا نقادا مستقلين بضمائر حرة و لياقات معرفية ترقى إلى قيمة النقد الذي يغني و لا يلغي حسب هواه ، إن لم ينوجدوا و الحال هذا إلى متى سنبقى مصطفون وراء هؤلاء المجرمين الأذكياء ، متى نحيد عن موقع التبعية وراء المتنفذين و أصحاب القصور ؟



   نشر في 24 يونيو 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا