من منكم بلا خطيئة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

من منكم بلا خطيئة

كلنا خطائون وخير الخطائين التوابون

  نشر في 21 فبراير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

من منكم بلا خطيئة

انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة نشر الفضائح لشخصيات عامة على جميع الأصعدة … اجتماعي سياسي ، فني ، رياضي ، سواء بهدف تصفية حسابات من أي نوع ، أو بهدف ادعاء الغيرة على

الفضائل أو الشرف أو الدين . وهذه الظاهرة إن نجمت عن شيء فهي تنم عن انحدار في أخلاقيات المجتمع ، بل هي وسيلة متدنية لا تناسب أخلاقياتنا ، و المفروض إنها غريبة عن مجتمعنا الشرقي الذي يحكمه التدين الكامن فيه بالفطرة.

نحن كبشر معرضين أن نخطأ بصرف النظر عن نوع تلك الخطيئة أو الخطايا ، ..ولكن الكارثة الكبرى أن نصنع من أنفسنا حكاما وقضاه ونقوم بفضح من أخطئ ونشر عوراته عبر كل منفذ ممكن أن يصل للآخرين سواء عن طريق الوسائط الإلكترونية أو عن طريق الإعلام بكل وسائله المقروءة والمرئية.

وبرغم إن الدين يدعو لستر العورات وعدم كشف ما ستره الله لعباده ، ولكن للأسف تفشت في مجتمعنا ظاهرة السكاكين التي تكثر حينما تقع البقرة كما يشير المثل المصري ..وكم من سكاكين وجهت في الفترة الأخيرة نحو أناسا — أنئ بنفسي عن ذكر أسماءهم حتي لا أشارك في نشر تلك الظاهرة اللاأدمية — لا يهمني إذا كانوا أبرياء أم متهمين بالفعل بما نسب إليهم من جرائم أو فضائح ..فمن أنا أو غيري حتى ندينهم أو نغتب في سمعتهم وشرفهم .. ومن نحن لكي نسن السكاكين ونطعن بها سمعتهم أو أعراضهم..ونقوم بذبحهم وسلخهم علي الملأ ! لماذا لانترك سكين العدل يعدل والقانون يأخذ مجراه ويقول كلمته..

لماذا هذه الظاهرة البشعة التي تنم للأسف عن مجتمع انحدرت فيه كثير من قيمنا الإجتماعية والدينية الأصيلة ! ..دائما وأبداً نردد ونفخر إننا مجتمع متدين بطبعه ، نعم لنا الحق في الغيرة علي فضائلنا وتقاليدنا الإجتماعية ولكن ليس أبدا من الفضائل أو التدين أن نغتب في سيره الناس ونكشف العورات ونروج للفضائح ، أين الستر التي حثت عليه الكتب السماوية ، أين تقاليدنا الشرقية التي تربينا عليها وتوارثناها جيلا بعد جيلا ، أين ذهبت أخلاقنا وأين ذهب رقي مجتمعنا ، إن أي مجتمع يقاس تدينه بمدى رقي سلوكيات أفراده ومدي إنسانيتهم ، ولكن للاسف ما حدث في الأيام السابقه من نشر لفضائح علانية وترويج وتشهير لشخصيات - لا يعنيني ما مكانتهم أو مدى شهرتهم - لكن كل ما يعنيني هو إنهم بني أدمين يتاجر البعض بقصتهم إعلاميا ومجتماعيا ويتخذوا منها مادة رابحة تملأ صفحاتهم و قنواتهم التي لا تقوم إلا علي فضائح الغير والنبش في الأعراض، نعم قد يكون هناك خطأ أو خطيئة ، ولكن من منكم بلا خطيئة … فكلنا خطائون وخير الخطائين التوابون ، فما بالنا بالمعترفين ! وعلى الملأ  أيضا .. إلى أين ينجرف مجتمعنا وإلي أين تنحدر إنسانيتنا أكثر من ذلك .

كذلك ظاهره شغف الناس بمشاهده فديوهات الفضائح تتزايد يوما بعد يوم بسبب انتشار الثقافات الغريبة عن مجتمعنا وسهولة تداولها حيث اصبحت في متناول أي شخص حتى لو كان تحت العمر القانوني وذلك من خلال ضغطه زر والذي يؤدي في النهاية إلي انفلات المجتمع وانهيار لضوابطه .

وأتساءل أين القانون من كل هذا .. هل هكذا نترك الأبواب مفتوحة أمام كل مجرم أو حاقد أو مضطرب نفسيا لكي يلهو بأعراض الناس ويقوم بنشرها علانية؟

هل لا يوجد تفعيل حقيقي لقوانين الجرائم الألكترونية ! وهل الحبل متروك علي الغارب هكذا للإعلاميين لتعرية الناس والتشهير بهم ، ويا ليتهم يلتزمون بالحقيقة ولكن لابد من التجويد وأضافة التوابل اللازمة للحصول علي أعلى المشاهدات وأعلى سعر علي حساب التشهير بالغير ودهس سمعته !

فبدلا من الإنجراف وراء فديهوات الفضائح والإعلام الذي يتسول مادته من نشر العورات والمتاجرة بالإنسان في سبيل جمع الأموال ، ياليتنا نتصدي لمثل هذه الظواهر الكارثية التي تسيء لأدميتنا أولا وتسيء لقيم مجتمعنا ككل وقبل هذا أو ذاك تسيء لفطرتنا المتدينة التي يفتخر بها المجتمع المصري.

سامية فريد

 


  • 17

  • سامية فريد
    سامية فريد كاتبه ..صحافية ومدونة .. اعشق الكتابة واتنفسها ولا يهمني تصنيف بصمات قلمي … المهم كتابة ما استشعره ومايحمله من صدق وشفافية.
   نشر في 21 فبراير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Abdou Abdelgawad منذ 5 سنة
الموضوع عصري ويعبر عن واقع مقزز واليم لايتناسب مع اخلاقياتنا وقيمنا او مع اقل الناس التزاما بالدين بمجتمعاتنا العربية والعرض من كاتبة صحفية متمكنة _فقط اطلب من حضرتك المراجعة اللغوية للمقال فقد ازعجني اخطاء ببعض الكلمات اعتقد انها غير مقصودة _ تحياتي لحضرتك
3
سامية فريد
أستاذ عبد الجواد .. شكرا جزيلا لتعليقك وملاحظاتك وعفوا على الأخطاء ..للأسف أكتب على جناح السرعة كما يقولون وانشر دون مراجعة أو تنقيح..تقديري وتحياتي
مي اسين منذ 5 سنة
بداية اشكرك على هذا المقال الرائع . و مضمون المقال يتوافق بشكل كبير مع ما هو موجود داخل المجتمعات العربية الان وقد اصبح فن تتسابق عليه الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي , و كذلك القنوات بالطبع و ذلك بهدف جمع اكبر عدد ممكن من المشاهدات و الاعجبات و لكن لا يمكن لوم هذه الفئة فقط فالمسبب الرئيسي هو نحن فالفضائح تتصدر قائمة اكبر عدد المشاهدات ,للأسف نحن السبب الرئيسي و أظن انه بسبب نقص فينا اين نحاول ان نظهر هذا الشخص المعني بصورة سيئة لنشعر انفسنا بأننا افضل منه ,فتقديرنا لأنفسنا يعلو بعض الشيء ,خاصة الفاشلين في تسيير امور حياتهم فيتم ملئ هذه الفجوة بالترويج للفضائح ليشغل نفسه عن ما هو مهم الا و هي التحكم في حياته و النجاح
2
سامية فريد
استاذة مي تقصدين نوع من الإسقاط ..قد يكون هذا وارد بالفعل بجانب اسباب آخرى منها الهروب من إحباطات الحياة وكذلك سهولة التواصل مع مثل هذه الأخبار والفديوهات من خلال الشبكة العنكبوتية وانتشارها في معظم البيوت والأمكنة وكذلك الجرئة التي حلت بالمجتمع ، جرئة حد التبجح كل هذه اسباب أدت لذلك..
اشكرك لزيارتك البهية وتقبلي تحياتي وتقديري
مي اسين
اشكرك كثيرا و نعم هذا صحيح مئة بالمئة كذلك مزيدا من التألق
سامية فريد
شكرا مي..تحياتي
نعم لنا الحق في الغيرة علي فضائلنا وتقاليدنا الإجتماعية ولكن ليس أبدا من الفضائل أو التدين أن نغتب في سيره الناس ونكشف العورات ونروج للفضائح..
يكفيني من عبارتك هذه أن اعرف شخصية سامية فريد.و احيانا الصمت في التصريح بهذه الشخصية هو اعجاب ليس الا.
فقط أريد مراجعة لهذه الجملة لو سمحت :
مجتمعنا الشرقي الذي يحكمه التدين الكامن فيه بالفطرة.
الدين أم التدين .؟؟
1
سامية فريد
د.سميرة لم افهم ماذا تقصدين بجملة :الصمت في التصريح بهذة الشخصية هو اعجاب ليس إلا
اعجاب من بمن ؟ ممكن توضيح.

نعم اقصد التدين ..فدائما نقول في مصر عبارة شهيرة وهي اننا مجتمع متدين بطبعه
تقديري وتحياتي

.سميرة بيطام
اعجاب بك انت في كتاباتك
ما قصدته من سؤال التدين كما ذكرت في مجتمعكم :
هل معناه التدين بالفطرة التي يفطر عليها المولود فأبواه يهودانه او يمجسانه او ينصرانه..الى غير ذلك ام أن التدين كما ذكرت هو فطرة التمسك بالدين الاسلامي من الصغر للكبر ام أن الفطرة تجعل التدين ينمو في المسلم دون ان يتلقى المزيد من الثقافة الاسلامية
أتمنى لك التوفيق
سامية فريد
د. سميرة اولا اشكرك على زيارتك وتعليقك ..شكرا ويشرفني رأيك كثيرا
أما عن التدين فهو بالفعل فطري في الشعب المصري حتى لمن لم يقرأ جيدا عن دينه ..هو نوعا من الموروث الإجتماعي وهي فطرة لاتقتصر علي مسلم أو يهودي أو مسيحى ..هي فطرة جبل عليها كل المصريين وفي الحقيقة موضوعي عن المبادئ أو الأخلاق وهي لا تتجزأ في كل الأديان .
شكرا مرة آخرى لمرورك الرائع
تحياتي وتقديري
.سميرة بيطام
شكرا جزيلا لتفضلك على المسك بميزان الفخر في الاعتزاز بالدين.
تقبلي تشجيعي و تقديري لشخصك الكريم
سامية فريد
اهلا بيكي دائما د.سميرة وشكرا لحضورك الراقي
>>>> منذ 5 سنة
في لحظة لم أشك في أنك تتحدثين عن المجتمع المغربي... حتى مثال البقرة و السكاكين تساءلت لما نسبته للأمثال المصرية... فهمت عند نهاية المقال أنك مصرية... لأخلص إلى نتيجة واحدة أننا كشعب عربي نغرق في نفس المحيط و كلنا على نفس المركب المثقوب... شكرا لك للتنبيه على هذه الآفة و هذه الظاهرة التي استطاعت جعل شعوب تتآكل من داخلها فلم نعد نحتاج لأعداء يخططون لنشر الفتنة بيننا بل كنا نحتاج شاشة و شبكة عنكبوتية فقط لنتفنن في نشر الفتنة بيننا.
أشرت أيضا لشيء يؤلمني كثيرا... و هو السهولة التي أصبحت لدينا للأخذ في أعراض الناس علما أن الدين يحدر و يتوعد من يقذف الاخر من دون حجة... للأسف لسنا بخير ... و ويل لنا مما سنذوقه جراء أفعالنا نحن...
شكرا لك و آسفة على الاطالة لكنك أثرت موضوعا يؤلمني كثيرا....
2
سامية فريد
زينب للأسف أصبح الناس في مجتمعاتنا العربية مهتمون بفضائح الآخرين بل ويتفرغون لها وينصبون من أنفسهم قضاه يحاكمون غيرهم .. ويساعدهم على ذلك الثورة الإلكترونية للأسف.. عموما شرفتني وأهلا بك دائما
>>>> منذ 5 سنة
في لحظة لم أشك في أنك تتحدثين عن المجتمع المغربي... حتى مثال البقرة و السكاكين تساءلت لما نسبته للأمثال المصرية... فهمت عند نهاية المقال أنك مصرية... لأخلص إلى نتيجة واحدة أننا كشعب عربي نغرق في نفس المحيط و كلنا على نفس المركب المثقوب... شكرا لك للتنبيه على هذه الآفة و هذه الظاهرة التي استطاعت جعل شعوب تتآكل من داخلها فلم نعد نحتاج لأعداء يخططون لنشر الفتنة بيننا بل كنا نحتاج شاشة و شبكة عنكبوتية فقط لنتفنن في نشر الفتنة بيننا.
أشرت أيضا لشيء يؤلمني كثيرا... و هو السهولة التي أصبحت لدينا للأخذ في أعراض الناس علما أن الدين يحدر و يتوعد من يقذف الاخر من دون حجة... للأسف لسنا بخير ... و ويل لنا مما سنذوقه جراء أفعالنا نحن...
شكرا لك و آسفة على الاطالة لكنك أثرت موضوعا يؤلمني كثيرا....
1
راوية وادي منذ 5 سنة
سلمت يمناك عزيزتي . المقال جداً جميل و أعتقد أن حالة الفراغ النفسي و العاطفي يدفع البعض لإشغال نفسه بمشاكل و مصائب الآخرين ،و هو احساس مرضي ولكن المشكلة الثانية في سهولة التواصل و نشر الأخبار و الإشاعات عبر مواقع التواصل الإجتماعي المتاحة على طول الوقت تفقد بعضهم الإحساس بالمسؤؤلية و الإعتبارات الأخلاقية لمجرد متعة آنية باثارة فضول و اهتمام الآخرين.
2
سامية فريد
شكرا راوية.. ولكن اعتقد أن المرجع للأخلاق والمبادئ قبل السهوله في تداول سيرة الآخرين واوافقك تماما أن الفراغ عامل مهم جدا ولكن من اديه مبدأ لن يجعل الفراغ يخسرة مبادئه ابدا
شرفتيني
تحياتي
bouchra منذ 5 سنة
جميل جدا
3
سامية فريد
شكرا عزيزتي

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا