عاطفة غير مترجمة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عاطفة غير مترجمة

قصة قصيرة الجزء الأول

  نشر في 08 أبريل 2019  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

في ضجيج المطارات والأصوات الصاخبة المختلفة انتظر "عمرو" صديقه وزميله "عروة" الباحث الفلسطيني المتخصص في علم الآثار ثلاث ساعات في مطار القاهرة الدولي ، وفي تمام الساعة السادسة مساءً وصل "عروة".

التقى بعمرو وقال له: ما هذا الشيب الذي أصبح يملئ لحيتك.

ضحك "عمرو" ثم قال: قد شبتُ باكراً يا "عروة".

"عروة ": كم أنا متشوق لرؤية المقبرة الفرعونية التي اكتشفتموها حديثاً.

"عمرو": إن أم الدنيا ما تزال تفاجئنا بأسرارها.

جاء يوم السبت وقد ذهبا الصديقان معاً إلى الآثار الفرعونية.

تحمس "عروة" كثيرا لهذا البحث ، وبعد مرور عدة ساعات شعر بالتعب، ثم جلس يريح قليلاً مستلقي على صخرة فرعونية، وإذ بلحظات قليلة اشتم رائحة مسك قوية آتية من الجهة الشرقية، وإذ هي بفتاة عشرينية تأخذ الكوفية من رأسه وتضعها على رأسها قائلة له: ألا تقرضني هذه لبعض الوقت.

نظر إليها "عروة" باستغراب ولفت نظره أهداب عيناها لم يرى مثلهم في حياته، كما لفت نظره نوع بشرتها حيثُ إنها كنعومة القطن تماماً، ثم قال لها: وهل تظنيني أعرابي جلف لأقول لك لا، ثم سألها من أي البلاد أنتِ.

قالت له: من بغداد، حسناً.... ما رأيك أن أذهب معك إلى تماثيل "الاوشابتي"، أعلم هذه المنطقة جيداً.

"عروة": هل تأتيتن هنا باستمرار، وبالمناسبة إلى الآن لم تقولي ما اسمك.

اسمي "هند"... لنرى ماذا مكتوب على البطاقة لديك .."عروة" يا له من اسم جميل، هل تعلم من ماذا مصنوعة تماثيل "الاوباتشي".

"عروة": نعم من "الفيانس الأزرق" وقد كتبت هذا في بحثي، يا "هند" أنتِ جميلة جداً لمَ تتجولين وحدك في مثل هذا المكان، ألا تخافين.

"هند": لا شيء يدعو للخوف، أنظر إلى هذه الجدران التي على اليسار يا "عروة" ألا تشعر أنها شاحبة، فقد بنيت في زمن غابر، وقد توفي قربها شاباً من "اليمن"، فقد ملاذه الروحي بسبب كمية الغدر التي تعرض لها، لهذا شحبت هذه الجدران.

"عروة": هل تصدقي الخرافات والقصص القديمة.

"هند": ليست خرافات.

أكملا طريقهم بالمسير إلى تماثيل "الاوشابتي" وفي الطريق قال لها "عروة ": حسناً أصبح لدي بعض الفضول لأعرف قصة الشاب الذي تحدثتِ عنه منذ قليل.

"هند": قبل بداية العصر "البطلمي" بقليل كان هناك ..، ثم صمتت وقالت له: لا لا نسيت القصة، حسناً قل لي ماذا تضمن بحثك.

حاولت "هند" تغيير الموضوع بشكل كلي، وخلال كلامها إذ بقطة تمزع طرف ثوبها.

ارتبكت "هند" وقالت لعروة: حسناً تشرفت بمعرفتك، فرصة سعيدة، تستطيع الآن أن تصل إلى التماثيل لوحدك، علي أن أذهب.

"عروة": حسناً سأعطيكِ كتاب قد كتبته عن آثار الفراعنة كتذكار مني، ثم فتح حقيبته وبدأ يبحث عن الكتاب إذ هو بآخر الحقيبة فقام بأخذه والتفت إلى "هند" ولكنه لم يجدها، قال في نفسه: ما أسرعها من فتاة حتى أني لم أشعر بحركتها حين ذهبت.

في صبيحة اليوم التالي ذهب "عروة" إلى المقابر الفرعونية لينجز عمله بالبحث وخلال النهار قد لمح "هند" في إحدى الغرف الفرعونية.

دخل إلى الغرفة التي دخلت منها ليسلم عليها ولكن وجد الغرفة فارغة! ويوجد هناك طائر صغير أبيض اللون.

بدأ "عروة" يفرك عينيه جيداً وبعد ثواني قليلة إذ بهند خلفه تضع كوفيته على كتفيه.

التفت إليها وقال: هند ! ظننت أني أتخيل عندما رأيتك منذ قليل، ثم دقق بعينيها قليلا إذ هما باللون الأسود وأمس كانت بلون الشهل!، قال لها ممازحاً: هل أنتِ من الفتيات التي لديها هوس بالعدسات اللاصقة.

"هند": لا لم استخدمهم في حياتي.

"عروة": وكيف ذلك لون عيناكِ بالأمس كانت مختلفة.

ارتبكت "هند" وقالت له: حسناً جئت لأعيد لك الكوفية فقد نسيتها معي في المرة الماضية.

لاحظ "عروة" تغير لون بشرتها قليلاً .

همت "هند" بالرحيل، أمسك "عروة" بيدها وقال لها: توقفي هناك شيء لا استوعبه، يريد أن تفسر له تلك الأمور الغريبة التي تحدث معها.

"هند": أرجوك دعني أذهب.

وإذ بالقط نفسه الذي كان بالأمس مر بالمكان وحدق بهند بغضب.

أصبحت "هند" في موقف لا تحسد عليه، تمنت في هذا الوقت لو أنها ذهبت إلى قافية الحروف في الجاهلية أو إلى هاوية الاختفاء وحذافيرها، أو تختفي في هواجس اللحظات، ربما ذلك لأن عاطفتها لم تترجم بعد.


  • 3

   نشر في 08 أبريل 2019  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا