التصنيف والإقصاء توأمان فلا نكاد نذكر التصنيف إلا ونعرج بعده على الإقصاء سواء في فلسفتنا أو فلسفة العدو، انها حيلة بشرية شرعها الإنسان للهروب من تبعية الذنب ،وللهروب من لوم الآخرين،وللفرار من عقدة الذنب وتأنيب الضمير،
إنها من حيل إبليس تلبس الذئب لباس الماعز،وتلبس اللص لباس النزاهة،و تلبس المجرم لباس الرهبان،و تلبس العاهرة لباس الشرف ، ان الإقصاء ضرب بقضبانه الحديدية على أمتنا العربية فأصبح كالسجن الذي نودع فيه كل من نختلف معه فيعيش فيه القهر ،والكبت ،والقمع،وانعدام الحرية، فإذا اختلف أحدنا مع المخالف ما عليه الا أن يلبسه لباس التهمة الجاهزة المسبقه
خصوصا إذا كنا لا نملك الحجة الدامغة ولا الدليل القوي،ولا الفهم بالواقع،ولا الفقه الشامل فعليك أن تصنفه فإذا صنفته فقد أقصيته وانتهت المعركة تلك بضربة قاضية شلت أركان الخصم، وهكذا أصبح التصنيف سلاح من لا حيلة له،وقوة ضاربة لمن لا حجة معه، وامتهنه الساسة،والمثقفون،والمتفيقهون، بل امتهنه مدعي الحرية المطلقة ،بل وصل دخنه الى العامة فلا يكاد يسلم منه احد ،الإقصاء داء دوي سجن فيه اهل الحق، وغيبت فيه الحقيقة ،وظلم فيه الناس، كم من صاحب علم حرم الناس من علمه بسبب الإقصاء، وكم من صاحب
مبادئ وقيم صرف الناس عنه بسبب التصنيف ،بل كم دول دمرت بسبب التصنيف والإقصاء،
بل كم من ثقافات ومبادئ صحيحة صودرت وسرى اليها الإنحلال بسبب. الإقصاء
إن أول من مارس الإقصاء إبليس حين قال أنا خير منه، وتبعه أتباعه ،فقال فرعون عن موسى :(إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) ،وقال قوم لوط:(أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون)⏪ عندما تنتكس الفطرة يصبح الطهر عارا، والشرف عيبا، وقال كفار مكة عن النبي ساحر ،وكاهن قال تعالى :(أم يقولون ساحر نتربص به ريب المنون) كما كانوا يقولون لمن دخل في الاسلام بأنه صابئ (أي تارك لدين أهله وعشيرته وأبائه وهو عار عندهم)، بل أصبح من يمتهن التصنيف يأخذها همزا ولمزا وسخرية بكل من يخالفه
-
عائضة القرنيحاصلة على درجة البكالوريوس في الشريعة من جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية