سلسلة: دمشق مع روسيل - 4 - - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

سلسلة: دمشق مع روسيل - 4 -

قطرات وردية

  نشر في 30 نونبر 2019 .

سلسلة دمشق مع روسيل - 4 -

مع الرسامة همسة شلهوب

قطرات وردية



لا هدوء لنا في هذا العالم، ولا طمأنينة أيضاً

قبل أن نراجع أوراقنا الأخيرة يا روسيل، أتذكرين قبل عديد السنوات؟

فترة ما قبل الاعتياد على التدخين، في طريقنا إلى السكن الجامعي، أتذكرين؟

قطرات وردية

حينها وصلنا في الساعة 10:15، أيّ ما بعد الوقت المسموح لدخولك السكن، فلم نقدر على إقناع حرّاس الباب الخلفي بدخولك، حينها عرضت على العسكري القليل من المال، فرفض وصرخ ليلتم كُلَّ حراس السكن على صوته، هاجمني وضربني بقبضة محكمة على كتفي الأيمن - الذي أعاني منه منذ ولادتي كآفة خُلقية - وبعدها دفعني لأرتطم بشجرة خلفي، حينها صرخت واندفعتِ عليه بقوة، وضعت يديكِ على وجهه الذي شوهته أظافرك ولونته بلون وردي تنبع منه قطرات دماء صغيرة، حينها أذكر أننا نفذنا بأعجوبة من شراسة دفاعك الاستباقي، فلم تردعك المخاوف، بل اتخذتِ منها سبيلاً لوصف جمال ألوان الجروح المملوءة بقطرات دماء مبعثرة على وجهه معللةً ذلك: والله لو كانت الكاميرا معي لالتقطت صوراً كثيرة لوجهه.

فمنذ ذاك اليوم يا روسيل، أدركت أن الأمان شعوراً متبادل بين العشاق، ولكننا نحن الذكور نخشى البوح به، بغَضِّ النظرِ عن ماهية الأمان ونوعه، قد يكون روحياً وقد يكون جسدياً أيضاً، لأسأل نفسي سؤالاً ماذا لو رددت عليه بصراخ مثلما فعل، أو ضربته مثلاً؟

حسناً... مضى ما مضى، فلنتوقف عن ذكر حادثة لا طمأنينة فيها، المهم هو الساعات التي أمضيناها بتلك الأزقة والشوارع حتى تدخلين السكن مجدداً في الصباح، والحمد أنك دخلته يا روسيل دون أن يصيبك أذى أو ألم، ولكن دخلته بصورة مُدّخنة حقيقية يا ابنتي.

في الساعة الرابعة فجراً، على رصيف الأمويين، سيجارتي السادسة خرجت من علبة السجائر، والسابعة كانت من نصيبك، وأنتِ عنيدة جداً، وأنا سلبي جداً، فلم أرفض إعطائها لكِ، لينتهي المطاف بكِ كمُدَّخنة قبل بزوغ الفجر، كأسرع متعلم للتدخين في العالم، ولكن أتعلمين!

إنها تليق بكِ يا روسيل وتزيدكِ جمالاً أكثر مما تخيلته مسبقاً، فعلى ما يبدو أنني رفضتُ رفضَ طلبكِ قاصداً رؤية سيجارة بين السبابة والوسطى، حيث أنني أحبُ الفتاة المدخنة كما كُنتِ ترغبين بتحقيق تلك الغاية عندي، ولكن على عاتق من يا أنيني، عاتقي أم عاتق الندم والحنين أم الثلاث معاً؟

فأنت التضحية يا روسيل، وأنتِ من تَقصَّدها في يوم السنة الكبيسة - 29 شباط 2016 - حيث استيقظت على رنين هاتف يحمل نبأ وفاتك أثر نوبة قلبية فجائية ليلاً وأنتِ نائمة، فمن ألوم الآن يا الله، أألومكَ أنت على تقصيرك بخلق جسد كامل لا نقصان فيه، أم ألوم نفسي على السماح لها بأخذ سيجارة تلو الأخرى فتصير مُدَّخنة معتقة!

كلانا أذنب بحقها، قلبٌ مشوه لا يحتمل التدخين، وعاشق شهواني يستلذها كمُدّخنة، حيث أنها حتى في يوم رحيلها، اتخذت يوماً لا يتكرر في كل عام، لتخفف عني ثقلاً لا تقدر أنت على حمله، فتخرج هي من حِنطة الذكريات، قبل أن يصير عُمري خريفاً، لا أوراق خضراء فيه.


عبدالله فيصل كيوان


  • 4

  • Abdallah Kiwan
    عبد الله فيصل كيوان من محافظة السويداء -سوريا 21 عام ادرس هندسة الإضاءة في المعهد العالي للفنون المسرحية -والإخراج السينمائي في دبلوم علوم السينما. في رصيدي كتابين: رواية فِضَّة - دفتر الذاكرة في دمشق
   نشر في 30 نونبر 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا