هل الاخلاق في حاجة للدين؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هل الاخلاق في حاجة للدين؟

الكاتب:محمد سعيد الشلفة

  نشر في 27 يونيو 2014 .

يتساءل البعض عن دور الدين في رسم الجوانب الأخلاقية من شخصيتنا، ويدعون زورا بأنه لا علاقة له بأخلاقنا، مؤكديين اننا نستطيع أن نكون أخلاقيين وفقا للعقل والمنطق لا للدين، فيرون ان المرء يكون صادقا لانه من المنطق انه لن يفعل ما يكره أن يفعل به، وأنه لن يسرق لأنه يعلم أنه لو ابيحت سرقة فسينضر هو كذلك، وكذلك فان الانسان لا يخون زوجته لانه في قرارة نفسه يكره ان تخونه هي بدوره، ولن يغتصب احدا لأنه يعلم أن ذلك سينجر سلبا عليه وعلى مجتمعه حيث ستنتشر ثقافة العنف والقهر بدلا من ثقافة التراضي والتوافق مما يضر المجتمع بجميع فئاته، وهكذا يمضون مدللين اننا لسنا في حاجة للدين كاطار ضابط لسلوكنا مقوما لانعواج أنفسنا.

ومدليلين على قولهم هذا أيضا بأنه لو الدين حقا الصائن الأكبر لأخلاقنا والموجه الأمثل لسلوكنا ما كنا لنرى، ما يجري من تحرش رجال الدين في الكنائس بالأطفال، وما كناا لنرى سفاكيين الدماء من المتشددين دينيا يريقون دماء الأبرياء دون واعظ جلي من الدين الذي يتخذونه بدورهم سببا في لقتل الأخريين والتنكيل بهم.

ولكن رغم ما ساقوه من أدلة فإن توجههم لا يزال باطل لا حجة حقيقية له، يستطيع المرء أن يكون على خلق عظيم بناء على العقل والمنطق ولكنه قد يلتبس عليه اشياء جمة اذا ما استخدم عقله فيفعل ما يظنه خيرا وهو في حقيقته ضررا بالغا له ولمجتمعه، فاذا ما اتينا للمواعدة بين الذكور والاناث بالعقل قد نضل كما يضل كثيريين ويعتقدون انه لا غبار عليه مادام بالوفاق بين طرفي العلاقة، ولكن اذا ما اتينا لوجهة نظر الاديان السماوية فسنجدها جميها تجمع على أن ذلك محرم وأنها هذا في حقيقته زنا يؤدي لهلاك الفرد والمجتمع، وبالفعل نجد أن العقل والمنطق والعلم يؤيد كلام رجال الدين اذا ما امعنا النظر فيه، فالمواعدة لا تمثل التزاما حقيقيا لطرفي العلاقة تجاه بعضهما البعض، ففي حالات كثيرة قد ينتج من هذه العلاقة حمل للانثى في وقت يكون فيه الطرفين او احدهما غير جاهز لتحمل اعباء الابوة او الامومة، فيفسخان بدورهما العلاقة ويتنكر الرجل في غالبية الاحيان لهذا الامر ويترك صديقته تواجه مصيرها بنفسها وفي احيان كثيرة تجهض الطفل الذي هو اعدام لنفس بشرية وهذا جرم عظيم أو تلده وتتركه يعيش عيشة اطفال الشوارع وهي بذلك تكون قضت على طفولته واقل ما يجب ان يحظى به من دفء حنانها الذي حرمته منه وهذه جناية كبرى واعدام بالحياة لطفل برئ.

كذلك الامر بالنسبة للاجهاض فالاديان تحرمه بينما كثير من العلمانيين والمتحررين دينيا ممن يحتكمون للعقل يجيزونه،بدعوى أنها حرية المرءة في جسدها، اتحمل جنينا في رحمها وتتحمل تبعات ولادته وتربيته او لا، متجاهليين ان ما في رحمها هو نفس بشرية مثلها مثلنا حقه في الحياة لا يقل باي وجه من الاوجه من حقنا فيها، واذا ما كانت كما قد يبررون انها من حقها اجهاضه اذا كانت غير مستعدة لتتحمل مسؤولية تربيته، فلما أصلا اقامت علاقة جنسية وهي تعلم تماما ان تبعات هذه العلاقة لن نستطيع على تحملها، ام اننا يجب ان نشبع نزواتنا اولا ثم نفكر في تبعاتها غدا حتى ولو كانت هذه التبعات تقضي بان اقتل نفسا بشرية لها من الحرمة مثل غيرها من الانفس البشرية.

والأمثلة على ما سبق كثير، البشر بشر رغم أننا في فطرتنا حسني الأخلاق وخيريين إلا أن المصالح المادية والشهوات ولنزوات أحالة ذواتنا التي يفترض فيها الخير الى وحوش كاسرة، سفاكة للدماء قاتلة، سارقة للاموال ناهبة، مستبدة في قراراتها متحكمة، مستغلة للضعفاء والمساكيين متكبرة، نحن بنو البشر احالتنا المادة مسوخا همجيين حتى ونحن ندعي العقلانية والمنطقية فنحن حين نتشدق بان عصرنا عصر الحرية والديموقراطية والمساواة، ونوهم الكون من حولنا اننا نعيش في أكثر العصور الانسانية تحقيقا لكرامة الانسان وعزته، وفي حقيقة الامر لا نضحك بهذا الوهم الا على انفسنا، اي كرامة تلك التي نتحدث عنها والحرية والديموقراطية كلمات تتشدق بها دول البلطجة العالمية، اي ديموقراطية او عدل ذلك الذي نشره جورج دابليوا بوش بالعراق ما نشر الا القتل والدما واستباحة والاعراض زارعا بذور الاسى والحزن والفتنة للابد في بلاد الرافضيين، وما كانت حربه على العراق الا طمعا في ثروات البلاد ورغبة في تجرع المزيد من الاموال.

واي عدالة تلك التي يتفاخر بها اصحاب العقل والمنطق في ظل ما انتجته عقولهم الغبية من نظام راسمالي مجحف، حول انسانيتنا لبهيمية رعناء جعلتنا في مرتبة دون البشر، فأي راسمالية عادلة تلك التي تجعل قلة معدودة من البشر يعيشون منعميين غاطيين في ثراء فاحش بينما اغلبية شعوب دولهم غارقيين في الفقر والععوز ويقدمون على انهاء حياتهم بيدهم من كثرة الضغوط ومشاكل الحياة التي اثقلت كاهلهم.

اي وئام اتى به عقلنا مع الطبيعة التي ندين لها بحياتنا وبانفاسنا، فكم قتلنا نمورا وفهودا من اجل ان تلبس جلودهم فتاة مدللة من هوليود نظل محدقيين لها مهللين لاناقتها التي كان ثمنها حياة حيوان حر ينطلق في البرية يسبح خالق الكون ويحقق التوازن البيئي بالأرض وينفع الاحياء قاطبة أكثر مما تفعله دمية هوليود المغرورة، وكم اسماكا وطيورا وحيوانت قتلت للهو والزينة من اجل مال زائل لن يذوق صاحبه الا طعم دماء االحيوات التي قضى عليها دون سبب وجيه يذكر كاتخاذها طعاما نقطات به.

اما النقطة الخاصة بان رجال الدين المنحرفيين خير دليل على عدم اهمية الدين للاخلاق فهو كلام واه جملة وتفصيلا ، نعلم جيدا ان هؤلاء المنحرفيين من المتديين قلة وان اغلبية المتدينين يتسمون بالرحمة والرافة والعدل، واما القتلة باسم الدين فهم ايضا قلة وهم اما اغبياء ممسوحة عقولهم يتبعون مستغليين لا يتخذون من الدين الا غطاء لتحقيق مصالحهم واشباع نزواتهم وشهواتهم المادية وغير الامدية.

واذا ما استددللنا بهؤلاء فلما لا نستدل بالانبياء والمصلحيين الدينيين العظماء الذين علمونا المعنى الحقيقي للاخلاق وكانو للبشرية بلسما بعثه لنا الالاه الواحد ليرطب حياتنا وينعش امالنا.

فكفانا تشكيكا في اهمية الدين في حياتنا فالمشككون يعلمون جيدا قبل من يخالفوهم الراي انهم ما يشككوا في الدين الا ليوهمو انفسهم ويوهمو الاخريين بان ما يفعلونه لا تثريب عليه، حيث انه كثير ما تصطدم شهواتنا مع اوامر الدين واحكامه ولا يكون امام الماديين الشهوانيين الذين لا يستطيعوا ان يوطدوا انفسهم على مكارم الاخلاق الا ان يشككوا في الدين واهميته بالنسبة للاخلاق، ساعيين لجعل عقولنا التائهة التي ما اورثنا تتبعها مع انكار الدين الا الاسى والحزن والغرق في المجهول في الوقت الذي اورثنا تتبعها تحت ضوء الدين الا العزة والسعادة والامل.

الله جل جلاله خلقنا وهو اعلم بما يصلح حالنا أكثر مما نعلم نحن، فاذا ما اسلمنا وجوهنا كما اسلم الصالحون وجوههم لدينه صلحت حياتنا كما صلحت حياتهم،واذا ما تنكرنا لدينه نغصت علينا حياتنا كما نغصت على من ضل من قبلنا.



   نشر في 27 يونيو 2014 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا