ما هو البديل عند غياب القانون في احتواء الإرهاب الاداري
سميرة بيطام
نشر في 24 ماي 2022 .
كان لي مقال عن الإرهاب الإداري وأدرجت المنصات الرقمية كآلية مراقبة الظاهرة في الإدارات، وحاليا لاحظت حتى ولو أني بعيدة عن العمل الإداري أن التقدم في مشروع المنصات الإدارية لم يتطرق لظاهرة الإرهاب الاداري..صحيح لغة التفاؤل هي لغتنا كلنا ونحب دائما أن يسود هذا التفاؤل الواقع من النتائج المشرفة وأحدد ظاهرة الإرهاب الإداري في الإدارات الجزائرية وما ترتب عليها من تعسف ملحوظ في حقوق بعض العمال ومهني الإدارات العمومية في مختلف القطاعات ،فهل تم التفكير في ادراج قسم في المنصات الرقمية لمراقبة هذه الظاهرة مثلما تم رصد ومراقبة لفايروس كورونا؟.
المنصة الرقمية في حقيقتها منصات تضم معلومات وتسرع وتيرة العمل وحصر الاحصائيات والمعلومة والتعامل عن بعد ضمن برامج وسأضع هنا تعريفا منقولا عن منصة أريد للباحثين العرب الناطقين باللغة العربية أن المنصة الرقمية أو الالكترونية تعرف بأنها البيئة الرقمية التي تقوم بتوظيف جميع التقنيات المختلفة المرتبطة بالويب كما تجمع المنصة الالكترونية بين مميزات أنظمة المحتوى وبين شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة مثل التويتر والفيس بوك وغيرها، هذا التعريف بصفة عامة وأكيد ان التعريف التخصصي للمنصة يأخذ له توضيحا بحسب البرنامج أو النشاط الذي أعدت له المنصة الرقمية.
وبحسب منصة أريد فان أنواع المنصات الرقمية أنواع أهمها :
1-المنصات التجارية:
عبارة عن منصات عبر الإنترنت تسهل التفاعلات التجارية بين مجموعتين مختلفتين - على الأقل – وعادة إحداهما من الموردين والأخرى من المستفيدين، وبالتالي فقد أنشأت كل منصة قواعد مختلفة لتحسين هذه التفاعلات.
2-المنصات التعليمية:
هي منظومة برمجية تعليمية تفاعلية متكاملة متعددة المصادر على شبكة الإنترنت لتقديم المقررات الدراسية، والبرامج التعليمية، والأنشطة التربوية ومصادر التعلم الإلكترونية للمتعلمين في أي وقت وفي أي مكان بشكل متزامن وغير متزامن، باستخدام أدوات تكنولوجيا التعليم والمعلومات والاتصالات التفاعلية، بصورة تمكن المعلم من تقويم المتعلم.
أما الفوائد التي ذكرتها منصة أريد من المنصات الرقمية فهي:
1-المنصة الإلكترونية وهي عبارة عن بيئة خاصة بجميع أنواع النشر سواء كان نشر معلومات أو نشر منتجات ويكثر فيها التفاعلات.
2-تهتم هذه المنصة بتوظيف جميع التقنيات الخاصة بالإنترنت مع الإدارة المسؤولة عن نوع المحتوى الموجود على المنصة أو على وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي.
هنا ومن خلال الفوائد التي ذكرتها منصة أريد على حساب المثال والحصر نجد ضالتنا في الفائدة الثانية وهي توظيف التقنيات الخاصة بالأنترنت مع الإدارة المسؤولة عن نوع المحتوى الموجود على المنصة ونستثني وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي لأن قضايا التعسف الإداري لن تكون في متناول الجهات القانونية المختصة والتابعة للحكومة ،بمعنى ربط المنصات الرقمية بقضايا الإرهاب الإداري هو مكسب مهم وضروري طالما أنه يعالج مشكلة نخرت جسد وهيكل وروح الإدارة الجزائرية وطبعا ما يُقال عن الإدارة الجزائرية يقال على باقي الإدارات العربية الأخرى، خاصة وأن خطابات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في ضرورة إيلاء الكفاءات حقهم من الاهتمام في بناء جزائر جديدة صاغها بعدة كلمات وعدة شروحات توصل الى أن الوزير الذي لن يطبق تعليماته ستتم اقالته، وهو ما يوضح الحرص على صرامة العمل على جميع المستويات و ليس إدارات المستشفيات فقط ، بل يشمل جميع الإدارات الجزائرية لأن المتعسف في حقه لا يجد طريق ليبوح بانتهاك حقوقه خاصة و ظاهرة الإرهاب الإداري غالبا لا تترك أثر مادي بل هو عبارة عن ضغوطات نفسية وعملية تهميش واقصاء يتعرض له الموظف أو العامل على السواء بلا مقدمات ولا توضيح للأسباب بل ربما السبب الجوهري الكامن أنه غير مرغوب فيه خاصة اذا كان من النوع الصارم والمجتهد في عمله، فكيف اذا نستصيغ البديل اذا عجز القانون أو تمكنت الثغرات القانونية من تفويت فرصة اقتصاص الحق لصاحبه؟.
تبدو البدائل عن أهل التعسف أكثر بكثير ممن لم يتعرضوا له وأهمها :
1-ربط منصة رقمية معدة خصيصا لأعمل و سلوكات لإرهاب الإداري يكون مقرها بإحدى مكاتب أي وزارة لأي قطاع.
2-يتم التعامل مع القضية بالتواصل بشكل يومي مع لجنة النزاعات والخصومات الموجودة على مستوى الإدارة.
3-توثيق الخروقات الإدارية في حالة عدم احترام الإجراءات الإدارية بما فيها عمل أي نقابة كطرف مدافع عن الموظف أو العامل الضحية.
4-الاستدعاء الفوري لأطراف الخصومة على مستوى مكتب أي وزارة لمناقشة القضية قانونيا واداريا قبل أن تتحول الى أي جهة أخرى قضائيا.
5-اتخاذ الإجراءات الفورية و الاستعجالية بما في ذلك الاقالة بحسب جسامة الفعل و ما يتركه من أثر على المتعسف في حقه.
6-المتابعة والتحديث الدوري للمنصة بما يضفيه مستخدمو الاعلام الآلي من تقنيات جديدة بإمكانها أن تساهم في اختزال الظاهرة الى عمليات حسابية بالنسب المئوية من أجل اجتثاث الورم الذي تسبب في نخر الإدارة وتعطيل المهام و تلفيق التهم بصيغة مباشرة أو غير مباشرة لمن لم يكن طرفا في النزاع.
7-اعداد تقارير شهرية او نصف سنوية او سنوية وجرد أهم النتائج واطلاع أي وزير عليها ليكون قريبا من الموظف مهتما للشأن الإداري و للحقوق المهنية من اجل حمايتها وضمان استرجاعها.
8-ربط المنصة عند بعد بوزارة العدل من شأنه تعميق البحث والتحري من خلال فتح تحقيقات لمعرفة الأسباب الحقيقية للإرهاب الإداري وعدم ترك المجال لذوي المستويات الضعيفة وأصحاب القرارات الارتجالية في هضم الحقوق العمالية بدافع انتقامي بعيدا عن الموازنة العقلانية للفعل الإداري وإعطائه حجمه الحقيقي من الخطر وكذا تجنبا لاستمرار بقاء التأثيرات النفسية والصحية على الضحية.
9-تحيين القوانين الإدارية بما يتوافق مع نسب التحصيل الإداري من مظاهر الإرهاب الاداري في الاستقرار العملي بعد دراسة أهم المشاكل التي يتعرض لها الموظف ومعرفة أسبابها الحقيقية، فلم يسمى إرهابا إداريا الا لأن الفاعل والخلفيات تكون مبهمة الفهم والسبب والدافع الحقيقي.
يبقى طريقة رصد السلوك الإرهابي على مستوى أي إدارة فهذا يحتاج الى برمجة بيانية للمعلومات تقوم بها جهة محايدة في الإدارة من أجل مصداقية المعلومة والسلوك لأجل حصر الظاهرة و علاجها العلاج الأنسب بما يتوافق و سرية العمل الإداري وكذا سمعة المؤسسة الإدارية بعيدا عن المغالطات و التأويلات الخاطئة و هو ما يحتاج الى بيانات توثيقية لي مشكلة تقع في الإدارة أو في أي مصلحة استشفائية حتى لا تبقى مردودية العمل تتأرجح بين سلبيات الآداء الإداري و تأخر القانون لاحتواء الظاهرة، خاصة اذا كانت النقابة لا تتحرك على المحو الذي خوله لها القانون لضمان الحقوق و حمايتها الحماية اللازمة و اللائقة باعتباره خلفية حقوقية ونموذج للدفاع عن العمال بجميع فئاتهم.
وأخيرا ، لا يمكن تصور أي نهضة حضارية لأي بلد ان لم يكن فيه تدارك واستدراك للأخطاء على جميع المستويات وتعتبر الإدارة في أي مؤسسة عقل مخطط وموزع للمهام و للمسؤوليات بما فيها طريقة تعيين المسؤولين والمعايير المعتمدة في الاختيار، فليس كل مسؤول يصلح للقيادة الإدارية و ليس كل قانون يحتوي أي ظاهرة بنجاح تام، تبقى النقائص قائمة وتظل الاشكاليات مطروحة و لا وجود لمجتمع مهني مثالي لكن يبقى الهدف الأول والأخير هو محاصرة ظاهرة الإرهاب الإداري وتقنين قوانين صارمة لا تشفع لمخطئ ولا تضيع حق مظلوم أيا كانت درجته ومنزلة تعيينه والرتبة التي يحوز عليها في الترقية آنيا ومستقبلا.
-
د.سميرة بيطاممفكرة و باحثة في القضايا الإجتماعية