فضلّ الإسلام المرأة فخصّها بسورة في القرآن، ورفع من شأنها بأن سواها بمخلوقاته بإعطائها حقوقها وإنصافها حيث جعل لها أولوية التفضيل، والتعليم، مساواة بالرجل، ومنحها حق العمل بشريطة مساعدة زوجها وتقاسم أعباء بيتها، ومنحها حق إبداء رأيها والتعبير عن ذاتها بأن جعل لها حق الالتحاق والمشاركة في العمل السياسي، ليكون لها صوت فاعل ونشط في التعبير عن هموم وطنها. وبذلك أضحت المرآة فاعلة في مجتمعها تتحمل كافة الأعباء الملقاة على عاتقها مساواة بالرجل على حد سواء.
رغم أنّ الإسلام منح المرأة العربية وأعطاها جلّ حقوقها، الإ أن البيئة العربية قد حرمتها من أبسط حقوقها، كحقها في التعلمّ، وإبداء الرأي ، واختيار الزوج المناسب، وترتب على ذلك مشكلات اجتماعية وتربوية. فأضحت المرآة كائنا سلبيا كرامته تمتهن وذاتيته مسوقة لغيره، ورأيها مهمش لا يأخذ به، تعيش في حالة اغتراب، لا تستطيع معها أن تقدم الأفكار ولا الحلول التي من شأنها أن ترفع من ذاتيتها، فأضحت كاللوحة الصمّاء محاطة بكومة من الغبار لا يمسح عنها إلا في الأوقات التي ترى أنها مناسبة.
لم تستطع البيئة العربية أن تخرج من عنق الزجاجة لتقدم إصلاحات اجتماعية بحق المرأة، وأن تبذل قصارى جهدها في أن تقدم لها جلّ حقوقها، بل لم تلتفت إليها إلا عندما تقع المرأة في محظورات أخلاقية يستدعي معها تعنيفها، أو إلقاء اللوم عليها بل قد يصل بها الحال إلى التخلص منها، ووصمها بعبارات لا تليق بها. أمام هذا الوضع المزري والحالة المتردية التي تعيشها المرأة العربية، أقدمت المؤسسات الغربية الناشطة في حقل المرأة لتقدم ما بوسعها من رؤى وتصورات نظرية وواقعية تسعف المرأة، وتنقذها ممّا هي عليه عبر لبرلة المراة ومنحها الحرية الكاملة في التمتع بذاتيتها، فأصبحت المراة لها الحق في الحياة والتعلم وإبداء الرأي والمشاركة في كافة الأنشطة التي تقدمها المؤسسات العربية في هذه الدولة أو تلك.
أمام هذا الواقع الجديد للمرأة العربية، لم يعد بمقدور المؤسسات العربية أن تقف مكتوفة الأيدي حيال الإصلاحات الاجتماعية التي تقدمها المؤسسات الغربية بشأن المرآة. بل أضحت المؤسسات العربية مجرد أدوات لتطبيق ما تمليه عليها المؤسسات الغربيه من مشاريع، وأورق عمل، تعرض في المؤتمرات الإقليمية أو العالمية لتحسين ظروفها، أو الإرتقاء بها إلى واقع أفضل تساهم بفاعلية في بناء مجتمعها وبيئتها بعيدا عن أي مؤثرات تعّكر صفوها، أو تحيل من بناء ذاتيتها. فالمرأة بحاجة إلى من يحترمها ويقدرها في كافة المواقف والظروف، وليس تمثالا يقّدسه المارة وقت ما يشاؤون.
-
معاذ عليويمعاذ عليوي. سكان فلسطين . المؤهلات:- بكالوريوس علم اجتماع- ماجستير تخطيط وتنمية سياسية.