لقاء
في تلك اللحظة, لم يدرك لماذا تركها ونزل مهرولا, وهو لا يعلم إلي أين ستقوده الخطوات. أراد فقط أن يبتعد ليخفي عنها دموعا اختنق بها قلبه قبل صوته فلم يكمل حديثه معها, كان يشعر بوجع لن تشفيه إلا لمستها ولن يداويه إلا قربها. فقرر أن يبتعد ولكن الكلمات التي خبأها عنها لازالت تتصارع في رأسه: فهناك أوجاع لا يزيلها إلا دفء البعض... همس قلوبهم بارع في التخفيف عنا... بعض الأوجاع خلقت لتقربنا من هدايا خبأها الله لنا في ثنايا أقداره... ذلك الوجع الذي خلق لنسجد ونتقرب لله, خلق أيضا لكي يخبرنا أن في القلب صدع لا يملك إصلاحه بعد الله إلا لمسة منهم. تلك اللمسة التي تهمس في أوجاعنا بلهجة اليقين: ستكون أفضل... لأنك تستحق! رقتهم ترسم بسمة علي ملامحك الجميلة حين تتناثر الدموع... تزرع داخلك كل جميل حين يمتلئ كل شئ حولك بالسوء... وحين ينفض الجميع من حولك... أيديهم تقترب وبلمسة حانية... تنسيك الجرح وتنسيك أنك يوما كنت مجروحا.
أنهمر في نوبة بكاء شديدة وتذكر أنه يوما:
لاحظ أن ثمة فتاة تسير ببطء وتحمل في يدها بعض الأكياس، لم يتبعها بنظراته فكان شارد الذهن ومشتت الفكر, لكنه فجأة سمع صوت صراخ والفتاة تقع علي الأرض والدراجة البخارية تبتعد. جري نحو الفتاة وأسندها إليه وإذا بها تصرخ من شدة الألم وتمسك بذراعها، فأسرع بطلب سيارة الإسعاف التي نقلتهما إلي المستشفي. ظل يمسك بيدها وهو يراقب كيف أنها تبكي طيلة الوقت حتي شحب لونها وذبلت عيونها ولكن: لماذا لا تنظر إلي ولا تتحدث معي ولا تجيبني, وأنا أسعي جاهدا لطمأنتها؟ حين وصلوا إلي المستشفي تلقت الفتاة الفحوصات اللازمة بعد أن تعرض ذراعها للكسر وبعض الكدمات التي تستوجب الراحة. خرج الطبيب من غرفة الفتاة ليطمئن الشاب ويوصيه برعايتها حتي تشفي وأن يعاودوا الفحص مرتين كل أسبوع, وإذا بالطبيب يشد من أزره لما سيبذل من مجهود مضاعف مع الفتاة الكفيفة!
نعم كانت الفتاة كفيفة وخرجت لشراء بعض المستلزمات بمساعدة عصاها التي لا غني لها عنها وقد صدمتها الدراجة البخارية وأحدثت بها إصابات, حينها تذكر أن ثمة عصاه كانت ملقاة علي الأرض بجانب الشابة. اتجه إلي غرفة الفتاة ليسألها عن عنوانها ويوصلها إلي المنزل فأخبرته واصطحبها إلي بيتها فلم يجد به أحدا وكان من الواضح أن الفتاة تعيش بمفردها، فوعدها بأن يمرعليها كل يوم ليرعاها وأنه سيصطحبها إلى المستشفي في المواعيد المحددة. ذهب الشاب وهو لايزال يفكر: كيف لفتاة كفيفة أن تعيش بمفردها وتخرج لإقتضاء احتياجاتها بمفردها ودون مساعدة أحد!
في اليوم التالي، وهو يحتسي معها القهوة لم يتواري عن طرح الأسئلة التي تدور بمخيلته, فابتسمت الفتاة وأخبرته بأنها الإبنة الوحيدة لأب توفي في حادث وهي ابنة الخامسة ولأم توفت منذ بضع شهور. بعد انتهاءهم من احتساء القهوة طلبت منه أن يصطحبها إلي الشرفة وأنها تريد أن تحكي له عن كتاب كانت قد قرأته لها إحدي الصديقات ، فأجابها بلطف أنه لا يهوي القراءة ولا يستمتع بالكتب بل يجدها مملة وأنه يفضل الخروج مع أصدقائه والسهر والسفر. ابتسمت الشابة وخرجوا معا إلي الشرفة التي كانت تطل علي شارع هاديء وجلسا لتروي له عن الكتاب. كان الشاب لا يستمع للفتاة باهتمام حتي أنه كان يدير وجهه عنها فهو يعلم أنها لا تري. استمرت في الحديث عن الكتاب بصوت حنون ودون أن تتجاهل أيا من تفاصيله حتي أن السرد استمر ما يقرب من الساعة, من حين إلي آخر كانت تسأله عما يدور في ذهنه وإذا ما كان يريد أن يحتسي مشروبا...
بعدها استأذنها في الرحيل علي وعد بلقاء آخر, وأنه سيعود في اليوم التالي للاطمىنان عليها. وعاد الشاب ليطمئن عليها بالفعل وكان ينظر إليها بشفقة كونها وحيدة وكفيفة. كانت مواعيد الفتاة وذهابها المتكرر إلي المستشفي بمثابة وسيلة ضغط مارسها الشاب علي نفسه ليبتعد عن كل ما تسبب في تخريب حياته. ولأنه كان يريد أن ينشغل عن تلك الحياة الفارغة التي لا تخلو من السهر وأصدقاء السوء, وجد لدي الفتاة ملاذا آمنا منهم. استقبلته الفتاة بترحاب وحكت له بصوت متعب أنها عانت طيلة الليل من آلام مبرحة في ذراعها المكسور, كان يراقب وجه الفتاة الشاحب من قلة النوم فإذا بها تنهض لإعداد القهوة, لكنه طلب منها أن تستريح وأنه سيقوم بإعداد القهوة لهما. اصطحبته إلي غرفة المكتب الخاصة بوالدتها وسألته أن يختار كتابا وأنه يمكنها أن تلخصه له وتحكي له عن محتوي الكتاب, وكانت تضحك بصوت عالي وهي تعرف أنه لا يحب القراءة ولا الكتب. فضحك بدوره وسألها ألهذا الحد تحبين تلك الكتب المملة وتعشقين القراءة؟ فأجابته أن والدتها كانت تقرأ دوما لها وأنها قد حفظت عن ظهر قلب كل تلك الكتب والأهم أنها لا تنسي أبدا ما تسمع: فكل ماتستقبله أذنيها يذهب إما إلي القلب أو إلي العقل وفي النهاية... يبقي!
كان الحديث مع الفتاة شيق نوعا ما ولكنه أراد أن يغادر المكان ليلحق بأصدقائه ويقضي معهم بعض الوقت, ولكنها اقترحت عليه أن يبقي معها وأنها ستروي له قصة شيقة كانت قد سمعتها. وافق الشاب عن مضض وكان يستمع إليها تارة وهو يتصفح بعض الرسائل علي جواله وتارة وهو ينظر من نافذة الغرفة. هي لا تريده أن يذهب فتعود وحيدة وهو لا يريد أن يعود للقاء أصدقاء السوء ولكنه لا يهوي البقاء بالمنزل وحيدا. وجد نفسه يحكي لها دون أن يدري عما يشغل باله ويرهق روحه, قص عليها كيف تغير في الاآنة الأخيرة وكيف تلونت الناس حوله, كانت لقاء تستمع إليه بحماس شديد ولا تقاطعه, اقتربت منه أكثر وحين بدأ يخفض من نبرة صوته شعرت وكأن الحزن يخنقه فأربتت بيدها الحنون علي كتفه وأمسكت بذراعه وقالت له: لا تحزن أرجوك ولا يسعني أن أسمع صوتك حزينا إلي هذه الدرجة... إن تغير من حولك الناس, فاعلم أنه إما قد انقضت مصلحتهم فلزم عليهم الرحيل, أو لربما أرهقهم التمثيل عليك فعادوا إلي شخصياتهم الحقيقية! في النهاية إن تألمت فقد تعلمت... ومؤكد أن صورتهم الآن اكتملت... وحقيقتهم انكشفت!
في ذلك اليوم, قضي الشاب مع لقاء وقتا طويلا وحكي لها الكثير وهي بدورها كانت تريد أن يفصح لها عما يشغله بعد أن همس لها قلبها بأنه في حاجة لذلك, فصمتت شهرزاد عن الكلام وكانت المستمعة, بدأ هو يستطرد ولم يشعرا بالوقت. كان يمر علي منزلها بشكل منتظم ويومي ليطمئن عليها أو يصطحبها إلي المستشفي لإجراء الفحص الدوري علي ذراعها وينتهز الفرصة ليحكي معها ويروي لها عن عمله وأصدقاءه. كانت لقاء تستقبل منه الكلم بكل ما يحمل من مشاعر مرهقة ودموع وخيبة أمل بصدر رحب فتغزل له من الألم... أملا ومن الصلادة... وسادة يستريح عليها عقله المزدحم.
ذات يوم اتصلت عليه الفتاة لتخبره أنها تريد الذهاب إلي المستشفي وتريده أن يصطحبها فهي لاتزل تخشي الخروج بمفردها إلي الشارع فيلحق بها أي أذي مثلما لحق بها في تلك الليلة. حضر الشاب واصطحبها للموعد المحدد وفي طريق العودة لاحظ أن الشابة شاردة الذهن ولا تبتسم ولا تتحدث إليه, ربما أنها حزينة لثمة أمر هو لا يعلمه وربما تعاني من مشكلة ما. فهم بتغيير وجهتهم وذهب إلي أحد المطاعم الجميلة علي نهر النيل وفوجيء بأن الفتاة بدأت تتوتر وتحرك رأسها يمينا ويسارا وسألته: أين نحن؟ هل نحن بالقرب من النيل؟ نطقت الفتاة بتلك الجملة وكأنها تتمني ولا تستفهم، فأجابها بأنه لاحظ سوء حالتها المزاجية وأراد أن يتحدث معها قليلا ويتناولوا سويا طعام الغذاء. ارتسمت ابتسامة جميلة علي ملامح الشابة وكانت تتلهف للخروج من السيارة وكأنها الطفلة ذات الثالثة من عمرها والتي تتوق للجلوس علي ضفاف النهر العظيم وتتنفس الهواء العليل. أمسك بيدها وأجلسها إلي المنضدة وتناولا الغذاء وهي تتحدث بدون توقف وتضحك وتروي له تارة قصة كانت قد سمعتها ذات مرة وتارة أخري توجه له الأسئلة للاستفسار عن حياته... عمله... عائلته وماشابه...
من حين لآخر كان هاتفه الجوال يرن ويجبرها علي التوقف عن الحديث وكان الشاب مرارا يتفحص الهاتف أو ينظر إلي النيل وهي لا تراه ولا تشعر إن كان مهتما بالحديث أم أنه لا يعيرها انتباهه. كان دائما ما يفكر ويعيد النظر في علاقاته المعقدة التي لا تضيف إلي حياته قدر ما تسيء اليه وتغير من شخصيته وتضيع من وقته. علاقات الشاب ببعض أصدقاء السوء كانت قد تسببت في إنهاء عقد عمله في شركة كبيرة وألحقت بسمعته بعض من القيل والقال وهو شاب مجتهد حاصل علي شهادة دراسية عالية وكان قد عمل لدي تلك الشركة لعدة سنوات حتي أنه اكتسب خبرة جيدة بمجال عمله, ولكن سوء حظه دفعه للتعرف ببعض الأصدقاء اللذين ما ادخروا جهدا في تغيير مساره من أقصي اليمين نحو أقصي اليسار... فكان عليه التهرب من تلك العلاقات التي من شأنها تدمير مستقبله. فجأة التفت إلي الشابة التي بادرته بالسؤال عن رأيه... فاعتذر منها وأوضح لها أنه قد شرد بذهنه بعض الوقت بعيدا وأنه لم ينتبه لحديثها.
صمتت الفتاة وتحجرت الدموع في عينيها وشعر الشاب بالذنب تجاهها وحاول أن يعتذر منها وأمسك بيدها وتوسل إليها أن تسامحه وأنه حزين لما سببه لها من ألم جراء تصرفه الغير لائق, ووعدها أن مثل هذا الموقف لن يتكرر مرة أخري. أراد أن يهون عليها تلك اللحظة القاسية, فبادرها بلطف أنه يريد تناول القهوة معها فلديه بعض التساؤلات حول حياتها ودراستها وأصدقائها, فابتسمت الفتاة الرقيقة وبدأ كل منهما يتبادل مع الآخر أطراف الحديث, وبدأ الليل يحل والوقت يمضي وهما لا يشعران والحديث لا ينتهي وعلت ضحكاتهما. فجأة انتبهت الفتاة إلي البرد الذي تشعر به ومن المؤكد أن الليل قد أقبل وأن عليها العودة للمنزل.
طلبت منه أن يوصلها لأنها تشعر بالتعب, لم يكن هذا اللقاء هو الأخير فقد تعددت اللقاءات... لقاء يتبعه آخرا وزيارات بشكل منتظم ودون سبب أو موعد. اعتاد أن يصطحبها يوميا لأي مكان جميل أو لشاطيء النهر, واعتاد أن يحادثها يوميا للاطمئنان عليها وهي بالمثل اعتادت أن تسمع صوته كل يوم وإن خرجت فهي دوما في صحبته وإن استقبلت زائرا كان هو.... لقاء كانت تنتظر مكالمته بفارغ الصبر وكأنها جرعة الدواء التي ستشفيها وهو بدوره كان قد اعتاد علي الاستماع إلي قصصها الشيقة ويشتاق لصوتها والجلوس في حضرتها متأملا عينيها وهي تحكي له قصصها الشيقة, فتضحك تارة وتدمع أخري وهو في الحالتين هائما في بحر عينيها... ذات يوم مر بمنزلها باكرا واصطحبها في نزهة إلي إحدي المدن الساحلية ولم تصدق لقاء أنها بالقرب من الشاطيء وتسمع أمواجه فكادت تطير من الفرحة. أراد أن يساعدها للنزول من السيارة وما أن أمسك بيدها حتي اقتربت منه وقالت له كم هي سعيدة بتلك الفكرة حتي أن قلبها ينبض بسرعة كبيرة من شدة الفرح. شعر الشاب أن لقاء كانت في حاجة لمثل هذه الرحلة وأنها بالفعل سعيدة وكانت مبتسمة طيلة الوقت.
كان الوقت يمر وهما يقتربان أكثر من بعضهما البعض, ولكم شعر الشاب أنه برفقتها سعيد وأنها برفقته آمنة. لم تكن تري الشمس ولكنها تشعر بأشعتها ولم تكن تري البحر ولكنها تلمس أمواجه, لم تكن تري الشاب ولكنها كانت تشعر بنبض قلبه ودفء مشاعره كلما لمس يدها. بعد تلك الرحلة بدأ كلا منهما يفكر في ذلك الإحساس الذي ولد فجأة ودون سابق إنذار. بدأ الشاب يلحظ كم هو متعلق بها ولا يريد أن يمر يوما دون أن يراها. بدورها لقاء كانت تنتظر أن يرن هاتفها الجوال لتسمع صوته, كانت تشتاق لسؤاله عنهوا كانت تحب الحديث إليه عن كل شيء وفي كل وقت.
حدث بينهما شيئا ما كان لهما يوما أن يتوقعاه: تناغمت مشاعرهم وتقاربت قلوبهم... فكانت تسهرليلها تستمع إلي الموسيقي وتفكر فيه, وهو بدوره كان يهتم بتفاصيل تحيط بها, انشغل بها وبإعادة تهيئة البيت حولها, فاهتم أن يزيل كل ما يعترض طريقها ومن شأنه أن يعيق حركتها أو يجعلها أصعب أو يؤذيها. اعتاد أن يصطحبها إلي الشاطيء, وكان يذهب إليها فرحا وهو يحمل الزهور التي تعشقها. حتي لاحظ يوما أنه كل مرة يقدم لها الورود كانت تستقبلها بوجه حيادي جدا فلا هي فرحة ولا هي غاضبة. ذات مرة, سألها عن السبب فأجابته بأنها لا تري الورد الذي يشتريه لها وأنها لا تراه هو شخصيا ولا تري البحر الذي تعشقه. تأرجحت الدموع في عينيها فأدار لها ظهره وأمسك بقبضة الباب ونزل مسرعا. سار هائما علي وجهه ومشاعره تزيد عليه الخناق, كان كلما ابتعد شعر أنه يريد أن يعود إليها وكأنه يفتقد حضن أمه التي ستربت علي كتفه وتمسح دموعه وتعيد إليه اتزانه فلا يضيع ولا يفقد طريقه... حتي تلك اللحظة كانت ذكريات لقاء مع الشاب قد مرت كفيلم قصير أمام ناظريه.
فعاد مسرها إليها وكأنه لم يعرف للهرب طريقا. وجد الباب لا يزل مفتوحا وكأن كل الطرق إليها ممهدة, هرول إلي الشرفة, أمسك بيدها وهمس لها:
كنتي لي ذلك المجهول, الذي ظهر ليأخذني إليه شريد...
ظهرتي فجأة كنور, لا أراه ولكنه رآني من بعيد...
استدرجني... اتبعته...
فوجدت نفسي وصلت حيث أريد!
وضع يدها علي عينيه وقال لها اقبليهم مني هديه حبيبتي فمن اليوم أنا لكي عينين وأنتي لي روحا دونها لن أعيش. ارتعشت وارتسمت علي وجنتيها ابتسامة عذبة وتراقصت الدموع في عينيها فلم تستوعب أنه أخيرا قد شعر بحبها له, فقبل راحتها برقة وكأنه يعتذر لها عن خروجه من بيتها مسرعا دون عذرا, وأعترف لها أنه هائما في عشقها بعد أن سبحت به ضد التيار الذي كان سيودي به. وضع يدها الأخري علي قلبه وصارحها أنه كان في صراع مع نفسه قبل قلبه والتساؤلات كانت هي ما دفعته لأن يسمي ما بينهما ويضع لقصتهما عنوانا, هي قصة حب... قصة لقاء!
من يحبك لن يتحمل أن يطرق الحزن بابك: ما يوجعك سيوجعه, ما يحزنك سيحزنه, حتي أن أحاسيسك ستذهب إليه من صوت تنهيدتك, من يحبك سيراعي تصرفاته معك وسيكون حذرا حتي في خلافه معك, من يحبك سيحافظ عليك... سيلحقك ان يوما عنه غبت... وان ابتعدت فسيعرف أين يجدك...
لقاء كانت المجهول الذي سار ليلا ذاك اليوم يبحث عنه ليخرجه من دوامة فرضت نفسها علي حياته,
لقاء هي ذلك النور الذي لفت نظره وسار ورائه وحين وصل إليه أشارت له أن ينظر خلفه فكان بالفعل قد اجتاز المرحلة المظلمة من حياته وها هو قد وصل الي بر الأمان,
لقاء روت علي مسامعه قصصا كل يوم, فسرقته من نفسه إلي عوالم لم يكن يعرف عنها شيئا,
لقاء أعطته جرعة الدواء في أحاديث المساء ورحلات الشاطيء, فتجرعها دون أن يدري,
في النهاية, استطاعت لقاء أن تزيل عنه فوضي أفسدت حياته دون أن يشعر بأي ألم.
فقط لأنها كانت تحبه منذ أن ضمها إلي صدره ليخفف عنها صدمة الحادث, فكانت نبضات قلبه لها حياة وتمنت أن تبقي لجوار هذا القلب.
-
أميرة أحمدطالبة دكتوراة في تخصص اللغة الفرنسية وآدابها
التعليقات
لكن هذه القصة أثارت في عقلي تساؤلاً هاماً : ألا يمكن أن يكون هذا ليس حباً حقيقياً لكن فقط مجرد احتاج مؤقّت للحب من الطرفين؟! أقصد كيف يمكن للإنسان أن يفرّق بين الحب و الإحتياج للحب ؟! هذا السؤال دائماً ما يشغل بالي.
بالتوفيق و في انتظار كتاباتك القادمة .