همسات ذات فجر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

همسات ذات فجر

أمريكا والقدس والحرية .. الحاكمية لله

  نشر في 04 ديسمبر 2022 .

 صليت الصبح بحمد الله وتوفيقه، إذ لم يكن سهلا الاستيقاظ لأداء تلك الفريضة الليلية ومغادرة الفراش الوثير الدافئ لولا بركة السيدة عائشة، الزوجة المخلصة، التي تحرص أشد الحرص على إيقاظي وبنتها البكر، كل يوم لأداء صلاة الصبح، توضأت وصليت، وعدت مسرعا أتدفأ بغطائي سابحا في عالم التفكير اللامتناهي متجولا بين حقول الفكر والتأمل، غير أني فضلت بعد هنيهة الاستماع لدرس من دروس العالم والفقيه المحبوب لدي، سعيد الكملي الذي دائما ما يتركني مندهشا للمنطق الذي يعتمده وللاجتهاد الفقهي الذي يطرحه، اليوم كان شديد الانتقاد لهؤلاء المتفيقهين الذين وصفهم بأنهم لا يحسنون صياغة جملة سليمة ولا يستحيون من استنباط الأحكام الفقهية والحديث فيما يعلمون وما لا يعلمون، غفت عيناي وسبحت أفكاري من جديد، هذه المرة في عالم لا تتحكم فيه حواسي ولا أدوات الإدراك لدي، رأيت فيما يرى النائم أني طرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لا أعرف كيف، فلا أملك حق اختيار الراوي الذي كان يعرض أمامي المشاهد، الولايات المتحدة الأمريكية التي لم يهفوا فؤادي إليها من قبل ولم تتحرك مشاعري اتجاهها أبدا، بسبب المآسي الكثيرة التي تتسبب فيها للشعوب الضعيفة آخرها ما أقدم عليه رئيسها الأحمق بوصف وزير خارجيتها عند إقالته إياه بتغريدة عبر التويتر، بنقل سفارة بلاده إلى القدس غير آبه باعتراض المسلمين ولا مراعيا مشاعرهم، لم لا تكون الكعبة المشرفة هي الصورة التي تعرض أمامي، ولم لا تكون المدينة المشرفة التي يعتصم بمسجدها خير البرية صلى الله عليه وسلم، هي الملاذ التي تحلق فوق سمائها طائرتي، لم عالم "ترامب" هو الخيار الذي يتيحه لي ذلكم الراوي الذي اقتحم علي ذاكرتي واستغل حالة اللا وعي لدي ليعرض علي الويلات المتحدة كما يحلو لي دائما تسميتها بسبب سياستها البئيسة اتجاه المسلمين واستقوائها عليهم بآلتها المدمرة وخيبات حكامها وجبنهم.

انتظرت في المطار وصول أحد أصدقائي في الرحلة اللاحقة، وعشت لحظات عصيبة أنظر للقادمين والرائحين، للقادمين والمغادرين، باغتني أحد المسافرين، كان شابا وسيما، لطيف المحيا، بالسؤال، ماذا علي فعله للقيام باستكمال إجراءات السفر أجبته وكأني الخبير بلا تردد، هل لديك جواز السفر والتذكرة، لا عليك تفضل فأنت لست في إحدى البلدان العربية التي تكثر فيها الأسئلة وتتعقد فيها الإجراءات، يمكنك المغادرة، بدا كأنه اقتنع بجوابي واندفع نحو الممر دون تردد، سأله الضابط مهلا أين تذهب استجاب الشاب في تردد واضح، موجها نظره إلي كأنما يقول لي لقد ورطتني باستشارتك المتطفلة، لكن سرعان ما استعاد ابتسامته لما سمع رجل الأمن يرحب به ويسأله كيف كانت إقامتك في بلاد العم سام وهل احتفظت ببعض فواتير مشترياتك، وعند تسلمها قام بإعادة مبلغ الضريبة له، رأيته يتسلم الدولار، عنوان السخاء الأمريكي وتوحشه، كأن الرؤيا حقيقية، أحسست بالسعادة حينها، بدا التعجب أيضا واضح الرسم على وجه صديقنا، رفع يديه مشيرا إلي، ربما شاكرا وربما معترفا بصدق ما سبق أن سمعت أذناه مني،، ومودعا،،

كانت هذه اللقطة الأولي،، بعد قليل التفت أتساءل كيف يمكنني أن أعرف وجهة القبلة هنا، أريد الصلاة، طلبت السجادة من أحدهم، شجعني على هذا مظهر رجل أسمر يرتدي قميصا يميل إلى البياض، محتفظا بلحية طويلة بالغة السواد، عليه دينار أعلى جبهته، تأكد لدي أنه من مسلمي هذه ه البلاد، واضح أن أصوله تنتهي إلى إحدى دول القارة السمراء، أشار علي أن أتوجه إلى مخرج قريب لألتحق بإحدى المساجد القريبة، فرحت أيما فرح، قلت في نفسي إنها فرصة لأكتشف المكان قبل وصول صديقي، وأؤدي في نفس الوقت صلاتي، في بلاد قل ما يظن أحد أنها تحتضن المساجد أو تسمح ببنائها، ما إن ولجت إحدى الأزقة حتى لمحت البحر ولمحتني أيضا أمواجه الهائجة، التي بدا لي أنها أيضا فرحت لرؤيتي، لكن عناقها لي لن يكون خفيف الملمس فإسراعها نحوي هيج مخاوفي فكأنها تبغي احتوائي ها هي مياه المحيط تلتهم ما كل شيء أمامها، الناس يهربون، كل يهرول إلى اتجاه، بلا اختيار أو رغبة، ترددت قليلا ولكني ما لبث أن أعطيت الإذن لسيقاني فليس من سبيل غير الركض بأقصى ما يملكان من قوة، ولو لم أرم بنفسي يمينا عائدا إلى بوابة المطار لكانت التهمتني تلك الأمواج العاتية التي لاحقتني بحب ورغبة، ولكنت بائدا بين ثناياها الباردة، برودة أحسست بها مرفوقة بصوت الشيخ سعيد الكملي الذي كان على وشك ختم درسه قبل أن أرحل غير طائع إلى أمريكا، كنت أستمع إليه من هاتفي، سمعته يحكي عن ربِّ العزة:

قوله تعالى :

"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما". النساء، آية 65.

ثم أردفها راويا عن أبي بكر أحمد القرطبي الأندلسي، لم يستقر في بطينات أذني غير هذه الأبيات:











   نشر في 04 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا