رائحة الأمس
لعل كان هناك صدفة قدرية بحت تراها بالمقهى أو مشهد غير متوقع أو شغف لم يكن ضمن الحسبان
نشر في 14 نونبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
في ليلة سمائها ملبدة بالغيوم ذهبت فتاة الأمارلس إلى مقهى في منتصف المدينة مصطحبة معها حاسوبها الشخصي، وقد وضعته أمامها على الطاولة وبدأت بالكتابة بالقرب من نافذة المقهى، تحب "أمارلس" أن تجلس وحدها لترتب أفكار عالمها الغريب وتجد طرق للنجاة من صفعات القدر ومن غصات العمر.
بدأت تستمع إلى الموسيقى الإيطالية، كان الجو في الخارج هادئ بخبث ، لا يوجد في الشوارع سوى قطط تبحث عن مأوى للهروب من البرد والمطر الذي أصبح على الأبواب، جاء بها النادل بقهوتها الخالية من السكر كما تحب وأضاف إليها قطعة صغيرة من الشوكلاته الداكنة ضيافة من المقهى، ولكن لغلاف الشوكلاته رائحة غريبة ، استنشقتها "أمارلس" بعمق.. يا إلهي انها تلك الرائحة !!!.
وضعت "أمارلس" رأسها على طاولة المقهى لتتذكر أين كانت تشم هذه الرائحة، نعم هي رائحة يدي شخص كانت تعرفه في القدم، هي رائحة قريبة من رائحة زهرة القرنفل، تعد تلك الرائحة أجمل رائحة بالنسبة إليها.
رفعت "أمارلس" رأسها وأحست بشوق دفين، ثم بدأت تنظر حولها لعل كان هناك صدفة قدرية بحت تراها بالمقهى أو مشهد غير متوقع أو شغف لم يكن ضمن الحسبان، ولكنها لم ترى شيئاً من هذا القبيل.
بدأ الزمن يرتجف وأصبحت تشابك أصابعها ببعضهم البعض لتدفئ نفسها من شعور البرد، ثم قالت في ذاتها : يا إلهي ما أجمل هذا الشعور، أنا أشعر بالبرد أنا أشعر.
تلك الرائحة أعادت إليها أحاسيسها المنفية منذ زمن، إنها رائحة الأمس، مرت أكثر من نصف ساعة على تلك الحالة ثم خرجت من المقهى لتتمشى بالشوارع المليئة بالمطر وشرارة البدايات لوحدها لتنفرد بحزنها.
في هذه اللحظات كانت "أمارلس" عبارة عن كتلة من الأحاسيس الساكنة، وما إن مر بعض الوقت وإذ بها تتحدث مع نفسها وتفكر وتسأل ذاتها لماذا لم أُذكر في كتب التاريخ، ألم تكن فلسفتي الخاصة غريبة ما يكفي، لمَ خاتمتي مغلقة وقراراتي غير منطقية.
لدى " أمارلس" رقة في المشاعر على هيئة حزن، حيث أن التعبير عن شخصيتها أمر نسبي، بعد عدة دقائق اشتمت الرائحة نفسها في زاوية الطريق، ذهبت إليها مسرعة.......يتبع
-
سهام السايحمؤلفة كتاب كأنه سديم وكتاب عمر مؤجل