متلازمة ستوكهولم فى الوطن العربي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

متلازمة ستوكهولم فى الوطن العربي

  نشر في 30 يوليوز 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

“أعتقد أنك لا تقوم بشيء سوى الجلوس هناك واللعب بأرواحنا، إنني أثق بإيريك وبزميله، ولا أشعر بأي نوع من اليأس، هم لم يرتكبوا أي أمر سيء معنا، بل على العكس، كانوا لطيفين جدا معنا.”

كلمات قاسية وجهتها الرهينة إنمارك هاتفيا لرئيس الوزراء السويدي أولوف بالم أثناء احتجازها وآخرين داخل بنك “كريديت بانكن” بستوكهولم من قِبل شخص يُدعى إيريك أولسون، سبب قسوتها تلك رفض السلطات إرسال سيارة تُمكن أولسون من الهرب مع رهائنه, فكيف يدافع المُختطف عن خاطفه إلى حد مُريب كهذا!

صيغت تلك الواقعة تحت مُسمى “متلازمة ستوكهولم”، وتعني إحساس الشخص المُختطف بقرب مُعانقة الموت، فإذا ما عوُمل بلطف وكُتب له نجاة مُجردة الحقوق، تعاطف كثيرًا مع المُجرم وذاد عنه، أليس هو المانح لحياة كانت في مهب العاصفة منذ دقائق؟ أعقب واقعة ستوكهولم حوادث عديدة جرى خلالها الأمرَ ذاته، فهل هناك مُصابون بأعراض بالمتلازمة لا تُكبلهم أغلال الأسر؟

تابعنا ما حدث من ثورات الربيع العربي بداية من ما حدث في تونس مرورا بمصر وليبيا وسوريا وما أعقبها من أحداث في مختلف البلدان العربية.

شاهدنا جميعاً كيف كانت وما زالت تتم المدافعة عن الأنظمة من فئة محددة بالرغم من ما كانت هناك بعض السلبيات وظهور الفساد بمختلف أشكاله، كيف يمكن أن ندافع عن قاتل ونترك آلاف الضحايا .

ما حدث في مصر وما وصل إليه الحال فى سوريا وضياع اليمن يمكن أن يستحضر لنا متلازمة استوكهولم وكيف لهذه الشعوب أن اصبحت على وفاق شديد مع الظلم والاستبداد والفساد وان ترفض التغيير لمجرد أنها ألفت ما هو موجود ولانها لا تعرف هل سيكون القادم أفضل أم لا.

هذه الحالة المرضية أيضاً ظهرت فى ثوب آخر ألا وهو رضا بعض العرب والمسلمين عن وجود إسرائيل في فلسطين، وظهر من يتعاطف معهم بل وينتقد حملات المقاومة وبرروا الوجود الإسرائيلي في فلسطين ، بل وهناك من يحاول تبسيط الأمور وتصغير المشكلة ويكتفي بذكر مصطلح الاحتلال أي أن الأمر مجرد خلاف سياسي وتاريخي.

ومن هذه الأمثلة ما ذكره د. حسن صبري الخولي في كتابه "سياسة الاستعمار والصهيونية تجاه فلسطين في النصف الأول من القرن العشرين" فقال: نحن نسلم بما جاء في التوراه، على أساس أنه كتاب مقدس من عند الله، ولكننا لا نستطيع أن نجاري اليهود في تفسيرهم التعسفي، العهد الإلهي ليس موجها إلى اليهود وحدهم، وإنما هو وعد لإبراهيم وذريته: إسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط، يتساوى في ذلك الحق إسحاق جد اليهود، وإسماعيل جد العرب، وعلى ذلك فالحق في فلسطين ليس مقصورا على اليهود، وإنما هو لذرية إبراهيم على الإطلاق، ومن هذه الذرية العرب واليهودفجعل للكيان الإسرائيلي حقا مماثلا للفلسطينيين في القدس وما حوْلها.

وأيضاً علي الصعيد السياسي العام وخلال مؤتمر “هرتسيليا للمناعة القومية” السادس عشر، الذى إنعقد في تل أبيب العام الماضى، كان ما يلفت النظر أن قائمة المشاركين في المؤتمر برزت فيها أسماء عربية بل وفلسطينية أيضًا، حيث عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، وسفير مصر لدى إسرائيل، حازم خيرت، وسفير الأردن لدى الكيان الصهيوني، وليد عبيدات، وممثل الجيش الحر، عصام زيتون، إضافة إلى بعض الشخصيات العربية والفلسطينية الأخرى، أبرزهم عدد من رؤساء بلديات الداخل المحتل.

وبذلك يمكننا القول انه فى العام الماضى إجتمع العرب لطمأنة المخاوف الصهيونية لذلك ما حدث فى القدس الأيام الفائتة ومكالمة عباس لنتنياهو وعدم وجود رد عربي  كان أمرا طبيعيا جدا .

دون أن ندخل في مناقشة الحق المزعوم لليهود في فلسطين تود أن تسألهم: لماذا لم يظهر هذا الحق طوال القرون الماضية؟ بل لماذا لم يظهر في أول الأمر عند ظهور الصهيونية السياسية المنظمة على يد (هرتزل)؟ فمن المعروف أن فلسطين لم تكن هي المرشحة لتكون الوطن القومي لليهود، بل رشحت عدة أقطار في أفريقيا وأمريكا الشمالية كذلك، ولم تظهر فكرة فلسطين - باعتبارها أرض الميعاد- إلا بعد فترة من الزمن.

في ظل الأوضاع الحالية وانتشار ظاهرتي الارهاب وإلعنصرية وإختلاف الأوضاع السياسية والاجتماعية فإننا لا ينبغي علينا بكل شكل أن ننساق وراء دعاوى التعايش والانسجام تحت مظلة التسامح والسلام حتي لا نستيقظ يوما ما ونجد أبنائنا يرددون أننا والعدو يد واحدة.


  • 3

  • هبة الله محمد
    صحفية مصرية ، الكتابة الشيئ الوحيد الذى يساعدني للتعبير عن ما بداخلي لأني خجولة جدا فى العالم الواقعي ، بحب الخط العربي جدا والحمد لله كويسة فيه إلي حد ما.
   نشر في 30 يوليوز 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

مقال رائع، وبالاخص توقعك في الاخير.. فالتقارب مع الكيان الصهيوني بدأ في الطفو والخروج الى العلن، ولم يعد أحد غافلا عن تحالف وشيك بينه وبين دول شرق أوسطية عربية في تطبيق مثالي "لمتلازمة ستوكهولم" ولن اتحدث عن تعاطف بل عن شغف الضحية بالجلاد
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا