قلما كنت افكر في معنى تلك الكلمة (الفراق) .. كثيراً ما خضت تجربتها ولكن لم تكن بمعناها الحقيقي، شعرت في كل مرةٍ بالانتصار تجاه ذلك الشعور المزعوم ، فلم يكن يحرك لدي ساكناً ؛ لطالما شعرت بالقوة المفرطة تجاهه، لطالما كان مجرد شعور مكتوب في الاشعار والاغاني، بل تأثرت بتلك الاشعار والاغاني أكثر من تلك المواقف الواقعية التي مررت بها.
أتى انسان ورحل ثم آخر ورحل ايضاً، وهكذا من سيناروهات الرحيل المتكررة مدار سبعة وعشرون عاماً ؛ أتى من أتى ورحل من رحل حيث تساوى الجميع من غريب لقريب، حيث لم أجد طوال حياتي قرب مطلق، بل كان دائماً نسبياً لأبعد الحدود.
كم من الممتع لدى الانسان شعوره بأنه لن يستطيع أن يتخلى عن أحد، أو يكمل حياته دونه، شعوره بالاهمية المتبادلة تجاه شخص آخر - انا مهم في حياته، وهو كذلك بالنسبة لي - حيث أرى أنني إنسان طبيعي مرغوب فيه ؛ حقا يحوي ذلك الشعور في طياته الكثير من الأنانية ولكن تلك هي الفطرة الإنسانية.
أنا أب لذلك أشعر بمدى أهميتي تجاه أبنائي وكذلك الأبناء يشعرون بمدى أهميتهم تجاه والداهم ولدى كل من يهتم، وفي الاصل أن كل من يهتم فهو يهتم لسبب ما يشعره بأنه سيكتمل بوجود ذلك الشخص في حياته.
تدور الدائرة ونجد أن كل منا يهتم لسبب ما حتى في أكثر العلاقات حميمية، لذلك لا وجود للحب المطلق فكل من يحب يحب لذاته، وذلك إلا إذا قرر أحداً أن يبذل نفسه لأجل من أحبه.
فالكثير والكثير من تلك الأفكار التي تدور في خاطر كل انسان والتي ايضًا قام العديد والعديد من المفكرين والعلماء والفلاسفة بالبحث عن تلك الحقيقة للحب المطلق آسفون لأنهم لم يجدوه في انسان...
فالحقيقة هي انه لا يوجد حب مطلق بدون اسباب طبيعية كانت ام فطرية او مصطنعة إلا حب الله سبحانه وتعالى للانسان، اما حب اعظم المتدينين والقديسين لله فهو حب لحاجتهم لله ؛ اما حب الله للإنسان ليس لأي حاجةٍ - فحاش لله ان يحتاج سبحانه اي شئ - ولكننا نحن من نحتاج...
حتى هنا لا اظن ان الكثيرين قد يختلفون معي في تلك الفكرة ولا اريد أن يختلف معي الكثيرين كي لا اثير أية مشاعر غاضبة لأي انسان، لذلك أترك الحديث دون نهاية فبالفعل لا توجد نهاية لتلك الحقيقة لأن المعنى الحقيقي للحب المطلق هو الله، والله سبحانه غير محدود وليس له بداية او نهاية ، لذلك لا توجد حدود او نهاية قد يصل لها الانسان تعرف الحب المطلق.
فذُروة الفراق لم تأتي بعد.
#الفراق_في_ساعات_الذروة
مقال ل/ وائل وصفي ذكي
-
Wael Zewailمحامي شاب مصري اهوى القراءة والكتابة، واعشق الفنون التشكيلية، وفن التمثيل المسرحي والسينمائي، اتقن فن التصوير، واتجرع الموسيقى يومياً وبكميات مرعبة احيانا.. عاشق للجمال