كانت عائلة بسيطة جدا ، كأى عائلة مصرية، تعيش يومها بعناء تقاومه السعادة والامل ، الاب يذهب لعمله بحثا عن رزق الله ، الام فى المنزل والابناء الثلاثة فى مراحلهم التعليمية المختلفة، كانت الأيام كسابقاتها إلى أن جاء اليوم الموعود ، ذلك اليوم الذى حنى ظهر الأسرة والعائلة والمنطقة القانطين بها رأسا على عقب.
ذلك اليوم الحزين الذى شق صباحه صفاء الأسرة وأعلن انتصار الخوف والضياع والموت على حلم الأسرة والحياة ، ذلك اليوم الذى حزمت فيه الأم الأمر جمعت أداتها قررت أخذ أبنائها والذهاب للجهاد.
بدأت القصة عندما ظهرت على الام علامات التعصب الشديد فى أشياء تافهة لدرجة تصل أنها كفرت أقاربها عندما عارضها فى رأى لا يمت للدين بصلة، ثم ظهر هذا التعصب على ابنتها وابنها الصغير اللذان تمكنت من اقناعم بأفكارها وأنها الصواب باقى العالم هو الخطأ ، خاصة بعد وفاة أشقائها المجاهدين فى سوريا.
وفى يوم مشؤوم قررت الأم أنه لا مكان لها فى هذا المكان البائس الكافر بالقيم والمعانى السامية، فأعدت أمورها وقابلت الجميع بشكل عادى جدا حتى زوجها اعتقد انها اصبحت تميل للعودة لطبيعتها.
نامت بجوار زوجها ، كانت بجواره ولكنها كانت تخونه وفى وجوده، كانت بجواره بجسدها ولكن عقلها وفكرها كان يطلق العنان للجهاد الذى ينتظرها والشهادة المؤجلة لحين وصولها والشرف العظيم المنتظر لأبنائها.
استيقظت العائلة كعادتها وذهب الاب والابن الاكبر الذى لم تستطع اقناعه بأفكارها والجهاد معها، للعمل وبعد ذلك حملت حقائبها وابنها وابنتها وانطلقت لرحلة البحث عن السعادة.
عاد الأب والابن ولم يجدا باقى الاسرة بحثوا فى كل مكان لم يتركا شخصا ولا طفلا الا سألاه ولكن لا مجيب، ظل البحث مستمرا لمده ثلاث أعوام بلا جدوى ، اختفى الافراد الثلاثة ، واستلم الاب عددا من المنتفعين فبعثوه بالأخبار إلى كل الجهات والمناطق بلا رحمة له ولا لابنه، تلاعبوا به تماما إلى أن أصبح كما يقولون عليه بالعامية "ماشى فى حب الله".
اليوم .. أصبح الأب ضائعاً ، والإبن الأكبر أصبح مشردا وتم ضبطه فى حالات كثيرة سرقة ولمن؟ إنه الطفل المحروق داخليا يسرق أعمامه وأقاربه وأصبح الشجار وأخبار الحوادث المجال الوحيد لمعرفة أخباره ، أما الأم والأبناء ظهرت بعد غياب بعدة اتصالات هاتفية تؤكد فيها أنها وابناها فى محنة شديدة لا يعلمها إلا الله وأن عودتها ليست بيدها بل أصبحت مستحيلة، وتطلب الدعاء!!!
قصة بسيطة قد نتأثر بها عند قرائتها ونهملها بمجرد الانتهاء منها لكنها قصةحقيقية عاصرتها بنفسي وهناك المئات منها فى مصر وغيرها من البلدان.
لقد نست تلك الام أن واجبات أسرتها هى جزء من الجهاد وأنها تؤجر كثيرا على ألم الحمل والانجاب ومصاعب تربية الأبناء ، لقد تناست كل تعاليم الدين من أجل البحث عن الشرف الملعون ، ولم تسأل نفسها قط عن ماذا سيحدث لزوجها وابنها وإن ما كان ذلك الأجر سيمحيه وزر خيانة الزوج وضياعه وتدمير الطفل الثالث؟
-
هبة الله محمدصحفية مصرية ، الكتابة الشيئ الوحيد الذى يساعدني للتعبير عن ما بداخلي لأني خجولة جدا فى العالم الواقعي ، بحب الخط العربي جدا والحمد لله كويسة فيه إلي حد ما.
التعليقات
مقالة رائعة , بالتوفيق .