"قُل للشغل أنا بنتي الصُغيرة زعلانة" ...
انتشر هذا المقطع لطفلةٍ صغيرة ، ببرائتها استطاعت أن تُلين قلوب الكثير ...
استهوتني تلك الكلمات كثيرًا ، و مع كل دمعة و شهقة أرهقت تلك الفتاة كان تيك عضلة قلبي يتآكل ، أصابتني بُغصة الفراق و أنا بعيدةً عنه ، أعادت لي ذكريات كنت قد محيتها ولا أُريد إعادتها ..، و لكن ما للماضي ممحاة ، سيبقى ..
كنت غريبةً ..، نعم اغتربت وسافرت بعيدًا عن وطني و عشت بعيدًا عن أهلي ولكن لم أجد مرارها ، فكنت أرى أبي و أمي بجانبي دائمًا فلم أتطلع لأكثر من ذلك !
لكن تلك الطفلة الصغيرة قد ظن والدها أنه تركها في وطنها في أحضان أعمامها و عماتها و خالها و خالتها و ..و ...
ولكنه نسي أن وطنها ليس أرضًا ، نسي أن الوطن بنفسه تركها و رحل ، نسيّ أنه هو موطنها ...
تركها بين عائلتها ، ولكنه نسي أنه هو العائلة ..
أذكر أن أبي قد قرر يومًا أن لا يسافر معنا في الإجازة الصيفية لعملٍ طارئ ...و من ثمّ جاء موعد سفرنا ...ولكن لم أستطع الوداع!
لم أستطع أن أُدير ظهري إليه ، بت أنظر إليه و ألعن اليوم ، و هذه اللحظة !
ما لهذا العمل الذي ينتشلك منّي ..لو كان رجلًا لقتلته..
ذكرتني هذه الفتاة الصغيرة بأيامٍ أعيشها من أسوء ما تمر عليّ سنويًا ، تلك الأيام التي يبلغ فيها العمل ذروته ، يأتي أبي مُتأخرًا و يستيقظ باكرًا ، يأتي بعد نومي و يذهب قبل استيقاظي ، و إن كانت المصادفة فنستيقظ سويًا فلا أراه سوى دقائق معدودة ...
أشتاق له في تلك الأيام و لسمرنا و أحاديثنا و أن أنهل من حكمته عليّ....
أعذرك يا صغيرة ، أنتِ قوية ، قوية لتتحملي هذا ..ها أنا ذات العشرين ، مازلت أجري لأفتح لأبي الباب عند عودته ، و أتسابق سرد حكايات يومي ...، و أهرع إليه عند فزعي و أمسك بيديه عند خوفي ...
أنا حقًا ألتمس العذر لوالدك الذي ما بيديه حيلة ، و أربد على يديكي لتصبري يا صغيرة ، و أمسك بيديكي لتمسحي دموعك و انتظري بفارغ الصبر عودته إليكِ ، يكفيكِ العيش على أمل لُقياه يا صغيرتي ..💜
-
Maryam Tahaطالبة بكلية الطب ، أهوى الكتابة شعراً ونثراً ، لي آرائي الخاصة التي أحب أن أبرزها للعيان بشكل بلاغي ..