بائع الاقنعة اغلق محله ماما...
لم يعد الناس بحاجة الى ارتداء الاقنعة.
نشر في 05 نونبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
طفل صغير ،وفي كل وطن طفل صغير ،رائع و بريء ككل الاطفال،رامي ،ككل يوم وحين عودته من المدرسة يتوقف قليلا عند بائع الاقنعة ،قبل اعوام كان يصل بصعوبة الى حيث يجلس ولكن في الاعوام الاخيرة صار المحل خاليا تماما.
_اهلا عمو بائع الاقنعة.
_اهلا يا رامي ،لقد صرت زبوني الوحيد هذه الايام.
_اريد قناع نمر .
ناول القناع لرامي وجلس مرة اخرى على كرسيه.
اعتاد رامي على الجلوس معه لسماع حكاياته الشيقة خاصة وان والدته سمحت له بذلك ،كان حلمها الحصول على احد الاقنعة الغالية الثمن لحضور حفلة القصر ،ولكنها لم تكن تملك ثمن احدها.
_عمو بائع الاقنعة ،لماذا يبدو محلك فارغا.
_لانني اقوم ببيع ما تبقى فقط ،ساغلق المحل .
_للاسف .
_سارتاح رامي ،لقد عملت لسنوات طويلة ولم يبقى في العمر الكثير ،لقد جمعت اموالا طائلة من هذا المحل الصغير وكما ترى ،لم يعد لي زبائن غيرك،ساسافر الى بلدان اخرى،ارى اشخاصا اخرين ،اشعر بالملل الشديد.
_سافتقدك كثيرا .
_وانا ايضا ،لقد كنت الصادق الوحيد في كل زبائني ،وساعطيك هدية.
ناوله علبة جميلة جدا .
_ماذا يوجد في داخلها؟
_الم تخبرني بان والدتك كانت تريد شراء قناع ولم تكن تملك الثمن ،اهديها اياه ،اعتبره اخر حكاية من حكاياتي .
يا لفرحته !تناول رامي العلبة واشار للبائع:الى اللقاء عمو.
دمعت عينا البائع وهو يقول :الوداع يا رامي .
رامي كان الشيء الحقيقي الوحيد في حياة بائع الاقنعة .
في المنزل
لم تصدق الام عينيها وهي تمسك بالقناع المرصع باغلى الجواهر .
_ما اجمله!قناع البراءة ،ساحضر حفلة القصر هذا العام واخيرا تحققت امنيتي،مازال شهر كامل على موعد الحفلة.
_انا سعيد جدا لسعادتك ماما.
بقيت الام تترقب الموعد بكل لهفة ،تعد الايام .
عبر زجاج النافذة
سأل رامي والدته التي لم تنتبه لدخوله المنزل.
_الى ما تنظرين ماما؟
_انظر حبيبي ،تلك جارتنا ام سليم تلبس قناع النفاق لقد اشترته مؤخرا فهي تجلس مع تلك المرأة التي لا تطيقها.وجارتنا ام رهف ترتدي قناع الطمع وتحدث الجارة الثرية ،هي تمدحها منذ ساعة،انا لن ارتدي قناعي حتى يوم الحفلة،حتى لا يفقد بريقه.
_ماما ولكن محل بائع الاقنعة مغلق منذ اسابيع.
_ماذا تقول،كيف مغلق!.....انتبهت ،فكرت ،فهمت:اذا لم تكن تلك اقنعة على وجوه الناس ،فما تلك؟ ،وجوه حقيقية !
فهم رامي بعدها بسنوات لما لم تحضر امه الحفلة ،لم تعد هناك حفلة لاجمل قناع،صار الناس يرتدون وجوههم الحقيقية بدون خجل ،لا المجرم يستحي ولا غيره ...هكذا يقابلون بعضهم ويقابلون الناس ،بدون خوف او خجل ،كان بائع الاقنعة اشرفهم...هكذا فكر رامي ذات يوم.
التعليقات
مقال رائع كعادتك , و أسلوب التشبيه و السرد المميز لكِ يختصر الكثير من الكلمات .
بالتوفيق , في انتظار مقالاتك القادمة .