استيقظ منذ الصباح الباكر فتهيأ وباشر مسرعا في ترتيب منزله ، فاليوم هو اول ايام عيد الفطر السعيد ..
اتجه الى غرفة الجلوس حيث استقبال الضيوف واخذ يغير من لونها ومن شكلها ويعيد ترتيبها مرة تلو الاخرى ،
كلما انتهى من ديكور معين خاطب نفسه قائلا :
لا ليس هذا عليّ اعادة الترتيب !
حتى استقر به الحال على ما يريد وما رآه قد يسعد ضيفه ويفرح قلبه ،
همّ الى تغيير ثيابه لينتقي انظفها واكثرها اناقة وجمال واتجه الى المطبخ ليبدأ في جمع ما يمكن جمعه من ضيافات وحلويات والقهوة السادة المعتادة ليكرم فيها ضيفه ..
استوى على الاريكة واشعل سيجاره وبدأ يناظر الساعة !
عقاربها تتسابق والوقت يمضي ولا من احد دق بابه !
سمع صوتا خافتا يخاطبه في سخرية :
يا لك من ابله احمق .. يا لك من غبي
لمن تتحضر ولمن تتزين ومن تنتظر !؟
انسيت من انت ومن تكون ؟
انت لست الا فقير مطقع .. لا صديق ولا حبيب ولا انيس ولا ولد من سيطرق بابك يا مسكين ! فرد عليه بعد ان ارتعدت فرائسه :
ويحك من تكون ومن انت حتى تملي علي درسا لا اجيد سماعه ؟! من اعطاك الحق في التنظير انه عيد الله ايها هالمغفل الوضيع ..
اما من اكون فقد كنت .. وكنت .. وكنت .. ولي من الاصحاب ما لا اقدر على عدهم ، ولي من الاحباب والخلان ما لا اعرف كيف استضيفهم اذا ما امتلأت قاعة الجلوس ،
فقاطعه صوته الخافت بعنفوان وحدة :
هيه هيه انت استيقظ من احلامك فلم تعد كمان كنت ولم تعد كما تحدث عن نفسك ها انت تقول كنت !!!
لقد ولى هذا الزمان الذي تخبر عنه وانت الآن بالكاد تملك قوت يومك فلا تنتظر احدا ايها هالطيب المسكين فلن يآتيك احد فقد تغيرت المعادلة وانقلبت قوانين الحياة .. وآن الاوان ان تصحو من يقظتك فلا عيد لفقير ولا صديق لمن لا يملك مالا دع عنك ذاك الزمن الوردي المخملي فقد ولى وراح ..
صاح باعلى صوته اغرب عن وجهي اذهب عني ايها اللعين واشعل سيجارة اخرى واخذ ينظر الى عقارب الساعة !
سمع صوت اقدام على باب بيته ارتسمت على شفاهه بسمة بددت كل توتره ، سمع طرق الباب ركض مسرعا وكأنه يعلن انتصاره على ذلك الصوت الشئم فتح الباب واذ بضيوف قد حلوا عند جيرانه عرف انه قد اخطأ سمع تلك الطرقات ابتسم لهم واغلق بابه بهدوء وصاعقة حلت ضيفة على صدره
رجع الى اريكته وقد قطعت ساعة حائطه نصفها وقتا !
وبعد ثلاثة ايام وقد ودع العيد احبابه وغادر بعد ان زار اقرانه ، قام وغير ثيابه ونظر الى غرفة ضيوفه والدمع قد اغرورق في عينه .. لملم حاجاته وخلد الى فراشه وقد انكسر قلبه وخرت قواه ولسان حاله يقول :
لقد جئت وبأي حال عدت يا عيد ..
اما انتظرت حتى اجمع المال واعيد ..
باعني جموع الناس حتى اقربهم صلة ..
بئس عيد الجاه والمال انت يا عيد .
-
ابو البراءان تكون او لا تكون تلك هي المسألة ...!!!