اشتقت للصباحات التي استيقظ فيها على صوت المنبه، الساعة الثامنة تحديدًا.
هدوء المنزل، ذلك الهدوء الذي سُخِرَ لأجلي، الأنوار مغلقة وليس هناك غير الشمس عندما تنفث طاقة صفراء وهاجّة ودافئة.
تقتحم بحنانها الشبابيك، وتنساب من تحت الستائر، ستائر غرفتي العازلة للضوء، لا أحد لا أصوات غير عقارب الساعة وطقطقة ثلاجة المطبخ.
أنزل الدور الأول بواسطة واحد وعشرون درجة، ولا أعلم إلى اليوم لماذا العدد فردي وليس زوجي، لأجد الصالة خالية، اللمبات مغلقة والتكييف مغلق، ألزم الخِفة في خطواتي عند ذهابي لتحضير الإفطار، ليس لأجل النائمين إنما لكي لا أقطع حبل الأفكار الذي نسجه ذلك الهدوء الذي أيقظني من أصوات أحلامي، التي تارّة ما تكون غريبة جدًا وسيريالية، وتارّة أخرى تكون مزعجة، وأخرى تكون عن ذكريات الماضي، استغرق في التفكير لدقيقة او اثنتين ماذا سوف أُعِد لأستفتح به يومي، والبنية الأساسية لأي وجبة أن تكون ذات قيمة غذائية، بالمناسبة، قطعت عادة شرب القهوة على معدة فارغة، لطالما كانت الصحة هوسي، ربما لأنني أتكيّف مع فكرة أني لن أضطر لدفع الضريبة في المستقبل، لا أحب فكرة أن يحملني أحدهم، أو أن تبرز لدي عظام المرفق من شدة الهشاشة، أو لأنني أؤمن بأن نظام الحياة الصحي أحد أهم عوامل العيش الطويل، أن أعيش أطول عمر ممكن.
أفتح الراديو، إذاعة مكس اف ام، استمع لبرنامج كافيين الذي كان يقدمه ياسر السقاف، شخصية إذاعية رائعة، أزعجني خروجه من الإذاعة، رغم أني كنت أتذمر من الإعلانات والفواصل المتكررة، إلا أن هناك صبغة مميزة تلوّن صباحي بلون إيجابي المكونات، أزرق اللون، زهريّ الرائحة، حالي المذاق، وعذب الصوت.
من الأمور التي لا نهاية لها عندي، هي التطوّر، أُفكر كثيرًا في إختيار الأوقات والمراحل التي أنشغل بها لتغييرها وتحسينها في شخصيتي وتفاصيل حياتي على جميع الأصعدة، صح قول من من قال بأن الإنسان يسعى للكمال دائمًا ولكنه لا يجده.
أذهب غرفتي لإحضار دفتر وقلم، أفتح الآيباد وأبدأ بدروس اللغة الإنجليزية، لطالما أحببت تعلم اللغات، لطالما كان التعلم نشوّة أسعى للوصول إليها بشتى السُبل، ولي الحق بأن أعترف أن أحد أسباب ذلك السعي هو عدم الآمان من المجهول، الحياة متقلبة وأنا أؤمن بتعددية التخصص، قد لا يستطيع المرء أن يتعلم كل شيء ولو أفنى حياته كلها للعلم، ولكن لماذا نقيّد المرء في تخصص واحد دون أن نترك المجال لأن يُتقن أشياء عدة؟.
أؤيد أن يكون المرء متعدد المهارات ومتوسط في إتقانها على أن يكون ذا مسلك واحد وإن كان محترف في أداءه.
كنتُ ولا أزال أصوّر نفسي في قوالب كثيرة، ولا أستبعد أي تغيّر قد يحدث، أكان تغيرًا طارئًا بحكم الظروف أو بالإرادة الحرة المطلقة.
-
نجّلاء .في كل مرةٍ أكتب، يُضيء مصباحًا بداخلي.
نشر في 25 أبريل
2020 .
التعليقات
Mohammed | محمد
منذ 4 سنة
تكِلُّ النفس أحياناً حتى من العلم ، ولكن النفس لها أهواءها ، ومن يجبرها تجبره على شئ آخر ومن يداريها تداريه بالذي هو يريد ....
0
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
جلال الرويسي
منذ 7 شهر
ابتسام الضاوي
منذ 7 شهر
مجدى منصور
منذ 7 شهر
Rawan Alamiri
منذ 7 شهر
مجدى منصور
منذ 8 شهر
ما بين التثقيف والتصفيق فى الجمهورية الجديدة!
دائماً ما كانت «الأنظمة» تستخدم «المثقفين» للترويج لأعمالها ومشروعاتها(هذا إن افترضنا أن هذا النظام يمتلك مشروع بالفعل)، ولكن فى الماضي كانت هناك أنظمة «عاقلة» ومثقفين «موهبين» قادرين على الحفاظ على الحد الأدنى من «الاحترام» والمعقولية فى «الطرح» و فى مستوى
ابتسام الضاوي
منذ 8 شهر
مجدى منصور
منذ 10 شهر
محمد خلوقي. Khallouki mhammed
منذ 10 شهر
عبدالرزاق العمودي
منذ 10 شهر