حدود بلا وطن - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حدود بلا وطن

مقال بقلم/ عبده عبد الجواد

  نشر في 12 أكتوبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

مرت لحظات صمت .. شاطرنى صديقى مرارة الألم فى حلقى ، ورُسِمَ على وجهينا سؤال:أين الوطن ؟! فلم تعد مشكلتنا وجود الحدود بين أجزاء الوطن ولن نستطيع ازالتها فقد بقيت بينما تاهت ومُسِخَتْ معالم الوطن !!

جال بخاطرينا أحلام الوحدة العاطفية القديمة بين مصر وسوريا، وأخرى مع السودان المسماة بوحدة وادى النيل ووحدة مصر والاردن والعراق ثم مجلس التعاون الخليجى التجمع العربى الوحيد الذى بدأ يتداعى هو الاخر!!

ننظر الى بلادنا..شرقا وغربا،شمالا وجنوبا نجد القتال والصراع فمن يُقاتل مَنْ ولماذا ؟

يتقاتل الجميع كلٌ من أجل هدف خاص به لذا تعددت الجيوش فى كل جزء من الوطن ، فجيش الوطن صار جيش النظام وهناك الجيش الحر والديمقراطى والاسلامى وجيش التحرير،ورفرفت رايات غريبة بكل جزء من أوطاننا فتلك سوداء وأخرى صفراء وحمراء وبيضاء بينما رايات الوطن صارت باهتة ممزقة تظهر على استحياء !!

وهكذا تركنا عدونا القديم ليأسنا وخوفنا -وظننا أنه بعيدا- بينما يتربص بناعلى الحدود ، وتفرغنا لعدونا الداخلى القريب- الذى يسلب حريتنا ويفقرنا ويظلمنا ويحارب الدين ، انه النظام الحاكم الذى يراه الفرقاء كافرا لأنه لايطبق شرع الله ، ويرونه وارثا لأنه جاء بالتوريث وليس برأيهم بانتخابات حرة والوطن ليس تركة ،ويرونه ظالما لأنه وأسرته وحاشيته يسيطرون على أغلب موارد البلاد،ويرون جيش الوطن الذى يحميهم من العدو لايفعل شيئا سوى حماية حكامهم لذا فهو جيش النظام !!

وتقاتلت الجيوش التى تبحث عن الحرية والديمقراطية والعدل والاسلام -مع بعضها ومع ماأسموه جيش النظام واحترقت المدن وخُرّبَتْ الثروات ودُمِرَتْ الجيوش .

وفى النهاية فلا صارت بلادنا حرة ولا ديمقراطية ولا اسلامية ولا عَمّ أرجائها العدل . بل صارت أشلاء وطن، وماصارت الشعوب سوى فقراء .. جهلاء ، وعبيد !! 

لماذا يحدث هذا الصراع الآن ولم يحدث طوال السنوات الماضية؟

يرجع جذور المشكلة لحوالى نصف قرن او يزيد قليلا حيث كانت أغلب الدول العربية تعانى من الاستعمار الأجنبى وكان حلمها الكبير فى التحرر وان يحكمها أبناء الوطن فكان الحكم أما ممالك( جمع مملكة) أو جمهوريات أشبه بالممالك تورث الحكم ، ومع اختلاف البيئات وأنظمة الحكم الا أنه لايخفى على احد ماتعانى منه الشعوب عموما من حكم قهرى أو عسكرى بشكل أو بآخر فى أغلب البلاد لايهتم بالعلم ولاالعلماء ويحارب الدين بشكل أو بآخر ففى داخل أغلب حكامنا أنه لو انتشر العلم وتثقف الشعب أو تعلم دينه بحق فلن يكون لحكمهم وجود- هكذا يعتقد أغلبهم- فتعمقت المشكلة عبر السنين وزادت جراحها ، ودخل الارسال الفضائى ، وكذلك الانترنت بعد معارضة شديدة فى البداية،وايهام الناس بأنه كارثة ستحل بأبنائهم وتدفعهم الى الفساد والانحلال الخلقى !!

واتصلت الشعوب رغما عن حكامها - بالعالم الخارجى المتحضر وتحركت العقول وحَنّتْ القلوب للحرية والديمقراطية والعدل ،وبدأ الشعور بالضجر من الظلم والقهر وبدات تظهر الحركات الثورية التى تطالب بالحرية والديمقراطية وأخرى تطالب بتطبيق الشريعة ، وتفرقت العقيدة بالحرب بين السلطة وجماعات الجهاديين والسلفيين والشيعة والاخوان والوهابيين وغيرهم ، وأُهْمِلَ التعليم ليزيد التعتيم فهرب العلماء إلى الخارج وبقى بعضهم تائهاً فى دروب الوطن يبحث عن وظيفة فلايجد واذا تظاهر مطالبا بحقه فمصيره السجن والقهر من الحاكم وسلطاته وحاشيته من أصحاب الأموال والنفوذ الذين يحتمون بالجيش وسلاحه الذى أسموه بجيش النظام !! وصارت الشعوب تشعر بألم وحسرة وكأنها فى استعمار جديد فثارت .

ليس لها من دون الله كاشفة

هكذا وجدنا هذه الآية الكريمة تخطر ببالنا ففعلا الأمر صعب ومعقد، فالشعوب لن تهدأ والحكام لن يتركون كراسى العرش الذى يرون أنفسهم أجدر بها وقد عَرّضُوا أرواحهم للخطر من أجل طرد الاستعمار والتحرر منه ، فلماذا يعيش فى دور الوصيف ،ولِمَ لايكون الملك أو الرئيس فكلاهما سواء؟! ولاسيما ان أتباعهم من حملة السلاح وأصحاب رؤوس الأموال وأغلب أهل الاعلام بالميكروفونات والشاشات ، وبعض أهل القضاء وبعض اهل الدين والفتوى وغيرهم من ذوى المصالح لن يكفوا عن تأييدهم !!

ولن يكف أعداؤنا عن مد كل المتصارعين بالسلاح وسيظل الأشاوس هنا وهناك يحملون السلاح فكلهم أبطال ،وكلهم حماة الوطن ،وكلهم شرفاء، وكل منهم المؤمنون حقا ومادونهم كفار ومنافقين يجب قتالهم وقتلهم ،ووقت الصلاة الجميع يصلون ويبتهلون ويدعون الله بالنصر والرحمة لشهدائهم الأبرار الذين هم بالطبع قد حجزوا منازلهم بالجنة -هكذا يعتقدون-رغم أنهم يعلمون أنه :" اذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار".

لاتحزن ياصديق.." فليس لها من دون الله كاشفة" ..أَعْلَمْ ان بُكَاءَنا سيستمر فقد بكى الآباء والأجداد على ضياع وحدة الوطن واليوم نبكى على وحدة كل بلد من بلاد الوطن ،سيستمر الضياع والدمار وستكثر الرايات ويستمر الصراع طالما غاب الدين وغاب العلم وغاب العقل وغاب القائد القوى الأمين الذى يساعد كل انسان أن ينتصر على نفسه ونزواتها ، ويحتوى فكر الفرقاء بالقرآن أو بالسلطان من أجل الوطن ..فقط الوطن ، وحتى يقضى الله أمره سيظل كل منا ينظر لسقف بيته بينما أصوات الانفجارات تدوى – ولايخشى لحظة سقوط أحجاره على رأسه وأهله فلعلها شهادة عندالله أفضل من الحياة البائسة ،و ستظل بوابات الحدود والأسلاك الشائكة صامدة شاخصة العيون الى الأفق البعيد باكية ساخرة تنتظر نهاية حرب ليس فيها منتصر ، تبحث عن الوطن أو حتى رايته التى إختفت بين رايات الغرباء !!

عبده عبد الجواد-مصر

للتواصل: عبر البريد الاليكترونى bd_gawad@yahoo.com


  • 3

  • Abdou Abdelgawad
    رحلتى الطويلة مع عشق الكلمات لسنوات هاويا، تحتوينى كلماتى أحيانا وفى أخرى أحتويها ، كفانى أراء وحب الأصدقاء كأوسمة ونياشين تفيض بها ذاكرة عمرى ، وسيظل عشقنا الكبير حتى يتوقف بنا قطار الحياة، وحينها ستبقى الكلمات شاهدا ...
   نشر في 12 أكتوبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

المؤسف اننا نقرا دائما عن مشاريع الغرب في العالم العربي و المرارة ان المشروع يطبق باياد عربية و تمويل عربي ايضا يجب ان يعرف العرب ان الوطن اهم من رضا الغرب و ان حدوده تنتهي بانتهاء النقاط المشتركة من الدين و المقومات الاسلامية لنا الله و للوطن ايضا بارك الله فيك مقال قمة و روعة و يخاطب المروءة
1
Abdou Abdelgawad
تسعدنى متابعتك لصفحتى ومقالاتى وانتظر رأيكم أيضا فى مدونتى المنشور روابطهما اسفل مقالاتى تحياتى لفكرك الراقى .
آلاء بوبلي منذ 6 سنة
صح لسانك
0
Abdou Abdelgawad
جزاك الله خيرا شكرا على متابعة حضرتك الدائمة واعتذر عن التاخير فى الرد لظروف صحية
انا خضت تجربتي في سجون النظام، وشاهدت قساوة المنظر، استطعت ان اكتب عنه الشيء القليل، اما الباقي فقد احتفظت به في قلبي، الظلم جعلنا نفر من وطنيتنا لا من وطننا، ولهذا نحن نلتف خلف رايات نجد فيها انفسنا، نبحث عمن نشاطره همومنا، تجمعنا بهم القومية والعرقية والدين والطائفة، قلوبنا الخائفة تبحث عن اطمئنان غير موجود، اوطاننا موجودة ولكن المشكلة باننا فقدنا وطنيتنا.
نحن بحاجة الى احياء وطنيتنا لنعيد النظر الى راية وطننا بانه هو من يمثلنا لا الرايات الاخرى.
كلام جميل منكم وهو واقع حال البلدان العربية بشكل عام، متمنياً للجميع حسن العاقبة والعيش الرغيد.
2
Abdou Abdelgawad
جزيل الشكر على متابعتك وحسك الجميل وأرجو أن تكون أيامكم القادمة أفضل باذن الله
لقد ظننت في البداية أنك جزائرى من الاسم حتى عرفت من صفحتك
صديقى الحبيب يشرفنى التعرف عليك فكل العرب أحبابى فعلا وليس كلام بالمقالات فقط
وصدقنى احساسى بالألم هو مادفعنى لكتابة المقالين ولعلك لمست ذلك
نجم الجزائري
الشرف لي ان اتعرف على اخوة واحبة من بلدنا الكبير، وبيتنا الواحد المتوحد من قبل ان يترك فيه الاستعمار بصمته في التقسيم، اما عن لقبي فهو مستمد من منطقة في اهوار العراق سكنها احد اجدادي، وهي عبارة عن مجموعة جزر ، ولكون الجمع الاكثر صحة للجزيرة هو الجزائر، فكانت اصولنا من هناك، ولقبنا بهذا اللقب، اما نسبي فهو يعود الى الامام موسى الكاظم ع ومنه الى الحسين ع، اجدادنا ونحن عشنا في العراق اغراباً، من بقي عانى ومن حكمت عليه الظروف رحل، وكلا الطرفين عاش غريباً، وامنياتي الصادقة للجميع ان يتجاوزوا الماضي لبناء الحاضر، وان يتذكروا الماضي ليتسلحوا للمستقبل.
مقال مميز صادر عن رؤية مثقف دقيق التوصيف ومرهف الحس اخضب مفردات الموضوع بإحساس الحسرة والتأسف لكون زمن التغيير قد قُصت اجنحته فلم يعد يتحلحل ، وأمسى كسيحا .. هذا هو وضعنا الراهن وأشاطر ك فيه الفكرة والغيرة معا .. ولكن الامل في هذه الامة لن ينقطع .. والليل مهما أرخى سدوله لا بد ان الفجر طارده .. فهي مسألة وقت وصبر .. واما عن واقع محنة الوطن العربي فلا يمكن ان نبرئ منها المواطن العربي باعتباره طرفا أساسيا في تكريس هذا الوضع من التخلف والاستبداد والصراع .. بسبب فساد اصاب نظرته للحياة و للأولويات ، فقدم الهامشي على الأساسي ، وانشغل بلقمة العيش اي انشغال ولَم يهتم بالموازاة مع ذلك بتربية النفس ومجاهدتها وتعليمها وتنشئتها على قيم أصيلة من العدل والحق والحب والبذل .. فمال الى الاستكانة والخضوع، او النفاق وعدم المبالاة .. حتى استأسد عليه فئران من بني جلدته فكان ما كان .. لهذا فان الحل قبل ان نواجه الاخر لا بد ان نواجه النفس ونطبب عللها .. ونبرئ أ سقامها .. ولا نبكي او نتخوف من ضياع الوطن ومقدراته لان الخالق قدر فيه أقوات عباده ولن تبور الا باذنه وحكمته .. بل علينا ان نتصالح مع أنفسنا وان نكثر النظر في المرآة الى عيوبنا الفكرية والسلوكية والعقدية ..حينها سيتحقق التغير القادم ان شاء الله بشرط ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، وبشارة ووعد صادقين في كون الخالق سبحانه وعد الفضلاء من الصالحين بالاستخلاف وتعمير الارض ،كما كان من قبل مع سلفهم الصالح .
فاعتقد يا اخي الحبيب ان المشكل والحل في تربية وتنشئة الفرد .. هذه الغاية الكبرى هي التى اصبحت شبه غائبة عند الكثير من أبناء الوطن العربي : فالرجل او المرأة يتزوجان ولا يعرفان رسالتهما في الحياة ، المعلم يدخل فصله ولا يبالي بتحقيق أهدافه ، الفنان والمفكر والعالم يتاجر ببضاعته دون ان يحاسب نفسه او يحاسب ..المواطن يبيع صوته لشخص عديم المسؤولية والضمير .. والأمثلة كثيرة ولهذا لا نتأسف اذا وجدنا حكامنا علينا غلاظا ولنا ظالمين ومستبدين ومستهترين ،لأنهم نتاج تربيتنا السيئة ،وكما قيل ( كما تكونوا يؤمر عليكم ) . وأختم بان هذه الأمراض حتى وان استفحلت فهي غير مستعصية على العلاج انما المسألة رهينة بالوعي والارادة وبعض الوقت .
استسمح إن اطلت في التعليق ولَك مني كل التقدير .

محمد خلوقي
1
Abdou Abdelgawad
جزاك الله خيرا على كلامك الجميل وذوقك الراقى وأسعد بمتابعتكم ورأيكم دائما فى كتاباتى

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا