يمنح البعض لأنفسهم مساحات واسعة على حساب مساحات الآخرين الخاصة ، يخوضون فيها بكل حرية فيما يعنيهم ولا يعنيهم ، ويبتبنون حقوقا ليست من نصيبهم ، ويتقمصون أدوار آداء "الواجب " الذي لا يخصهم إلى أن يصل الأمر بالبعض إلى التدخل في شؤون غيره واختياراتهم الشخصية وفرض آرائهم عليهم تحت مسميات "النصيحة" و " المصلحة" و" الأمر بالمعروف" في حين أنهم لا يمتون إليهم بأي صلة ، لا من قريب ولا من بعيد ، فيَظلمون ويُظلمون!
يظلمون ؛ لأنهم انتهكوا حريات غيرهم ولم يحترموا آراءهم ، ويُظلمون لأنهم اشتغلوا بترقيع اختيارات الآخرين ، ولو اشتغلوا بعيوبهم لكفتهم!
وتكون النصيحة عند عدم الالتزام بمبادئ الأخلاق القويمة ، ويأتي الأمر بالمعروف ليرد المخطئ إلى جادة الصواب ، وينبه من تنتهك تصرفاته حدود غيره وتؤذيهم ، أما أن نوظف معنى النصيحة من أجل فرض الآراء في مواضيع شخصية اختارها كل فرد بملء إرادته ومطلق حريته ، ونجعلها سبيلا لنحمل " من نفكر فيه" فوق طاقته واستطاعته من أجل إشباع غايتنا النفسية فذلك ما لا يقبله أحد!
الفرق بيّنٌ شاسع بين أن نحاول إصلاح الأمور وردها إلى نصابها ، وبين أن نتعدى خطوط الآخرين بدوافع الفضول وفرض الرأي والتعنت الذي لا معنى له.
بين الأمر بالمعروف الذي على قوامه تدوم الأمة وتزدهر ، وبين أخذ المرء بما لا يعنيه وخوضه فيه.
والأجدر أن يبدأ أحدنا بنفسه ، فيقومها ويصلح أخطاءها ، ويصفي حساباتها مع غيره ويقوم بواجبه على أكمل وجه ، ويراعي حقوق الآخرين عليه ،
يا أيها الرجل المعلم غيره
هلا لنفسك كان ذا التعليم
أقبل عليها فانهها عن غيها
فإذا فعلت إذن فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
ثم ينتقل إلى أقربائه بصفتهم أولى بالمعروف فيحاول إرشاد التائه ، ويبذل النصيحة للمستنصح ، " قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين".سورة البقرة ، ثم يدع الآخرين وشأنهم واختياراتهم الشخصية! " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
-
ريحان مرغم" أحاول أن أترك أثرا بمداد من قلم". ما زلتُ أمضي والطريقُ طويلةٌ ومشاعلي محدودةُ الومضاتِ