في زمن .. أقسم على تأديبك ! .. بقلـــــم / نـــــورا محمـــــد .
نشر في 14 أكتوبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
ألم تشعر بذلك الشعور الذي يُخالج قلبك ذات مرة بأنك مُهدد ؟! ..
تهديدك ليس من بشر ولا من قوى خارجية قد أجمعت على سحقك ولململة ما يتبقى منك وسحقه من جديد ثم التأكد من فناءك ونهايتك أشد التأكيد , ولكن الضربة اليوم قد أتت من زمنك أنت ! , زمنك الذي تحيا فيه , الذي وددت أن تُزينه بكل الوان الحياة والبهجة تبقى هي عنوانه الأول والأخير , الأمل والإقدام لن تُزحزح أقدامهم لحظة , النجاح والطموح بمثابة حجر أساس هذا الزمن " العنيف " , ولكنك وجدت النتيجة عكس ما توقعت , عكس ما اردت وطمحت وخططت ! , فكيف تتوقع أن يصبح زمنك بهذا الشكل المتلألئ وهو قد أقسم على تأديبك منذ بدايته ؟! , نعم لقد أبرم إتفاقاً بتفتيتك إرباً إرباً دون الإلتفات لما إقترفه في حقك , فقط هو مُنفذ مُطيع لأوامر الحياة , وتلك الأوامر واجبة عليه إلزامية لا تحتمل النقاش , " ألا يستحق فرصة أخرى ؟ , ألا تجدي فيه ملامح البراءة والطيبة المفقودة بين طرقاتك ؟ , ألا تسمحي له بأن يقضي ما تبقى له من خلال لحظاتي فيكي بسلام وأمان ؟ " , كانت هي تساؤلات زمنك موجهة لحياتك , وكانت الإجابة منها بالرفض التام كأنها هي الأخرى قد أقسمت على تدميرك ! ..
ذلك الشعور الذي ينتابك حين فجأة , شعور الإختلاف القاتل , تشعر أنك قد وُضعت في زمن غير زمنك , زمنك الذي تحلم به خلال يقظتك وخلال غفوتك لا تراه مُحققاً أمامك ! , دمار , حروب , كراهية , كلها مكونات زمنك الذي وجدت نفسك تحيا فيه ومُرغماً على ذلك دون أن تطلب التفاوض مع دُنياك لتخفيف تلك العقوبة الصاعقة لهدوء كيانك , دُنياك التي أجبرتك على التخلي , التخلي عن كل ما يسمو بإنسانيتك أيها البشري المسكين , بل هي لم تكتفِ بذلك وفقط , بل أسرت في عروقك سُماً ينهش فيما تبقى لك منها , كل ذرة إنسانية تمتلكها هي في نظرها عدواً خطراً عليها , فكان الحل الأمثل أن تقضي عليك أنت يا منبع السلام قبل أن تقضي أنت عليها , إيماناً وإنطلاقاً من مبدأ " إلتهمه قبل أن ينبض داخله الجوع فلا يجد سواك لتهدئة نبضاته الثائرة " ! , ألم أقل لك أنك مسكين ؟! ..
ظلم الحياة أخذ يتزايد ويتزايد حتى انتشر في جميع أرجائها , لدرجة أنك قد تراه يطغى على ضياء الشمس , ويُبدل أشعتها الذهبية بأجنحته المُظلمة التي تعتم كل أضواء الحياة ! , يتسرب من داخل أبواب منزلك الذي حسبته مُؤمن ولن يقوى عليه خرقه أقوى أقوياء البشر , ولكنه قد استطاع وبجدارة دون أن يُزيحه أو يلمسه حتى ! , في زمن تراه يقتنص إنسانيتك , لا تتعجب إذا رأيت السارق يواجهك دون أن يخشاك ! , فالسرقة حينها تختلف عن أي سرقات أخرى , سرقة الأموال تُعوض , سرقة الأثاث يُمكن مُسايرة أمورك بما تمتلكه من بقايا أثاث وإن كانت مُتهالكه , ولكن ماذا عن سرقة راحة البال ؟ , ماذا عن سرقة السعادة والأمان ؟ , هل تجد ما يُغنيك عن الرضا ؟ , ثم ماذا عن الطموح ؟ , هل تجد ما يؤتيك ثماراً مثلما يفعل هو ؟! , هي السرقة التي لا تعويض بعدها , لا عما فُقد ولا عما ستصبح عليه ! ..
هل تتذكر يوماً ما عندما سرت بمفردك بأحد طرقات الحياة ووجدت نداءاً داخلك يُناديك بإسمك ويُخبرك " يا هذا .. لقد وقعت في حياة لا تُشبهك ! , لقد استحوذت عليك الحياة لدرجة إيقاعك في فخ الضياع , ضياعك النفسي والفكري ! " , لا الزمن يتفق معك فيما تُفكر فيه , ولا البشر يتحدون معك فيما تُحاول إثباته للكون حولك و لا الزمن يتفق معك فيما تشعر به .. ففي حزنك لا يضع كومة أحزانه في سلة أحزانك ويتقاسم معك لحظات الحزن وذلك فقط حتى لا تشعر أنك وحيداً منبوذاً , وفي فرحك لا يُضئ معك أنوار الحياة ولا يكتفِ بإنارتها وفقط بل ينشر كرنفالات البهجة في كل مكان فقط حتى لا تشعر بوحدتك أيضاً عند الإحتفال .. الآن الوضع مختلف , فلا زمن يلتفت إليك من الأساس , ولا بشر تعتبرك واحداً منهم ! ..
ختاماً .. لا تنزعج من كلماتي الصلبة ..
في حالة أن تكون ..
وحيد بفكرك ؟ , فما المانع ؟ ..
متفرد بفلسفتك ؟ , هل تراها معضله كبيرة لهذا الحد ؟ ..
متحد بعقلك ؟ , وهل تجد هذا الإتحاد والتلاحم ذنب تقترفه ؟ ..
من أقنعك أن فكرك وفلسفتك وعقلك المختلف عن العالم الروتيني هذا هو ذنبك الذي يجب عليك الإقلاع عنه ؟! , أنت مختلف وإختلافك هذا هو سبب وسر إرتقائك , ولولاه لما إنتبهنا لك ولوجودك من الأساس , سائراً وسط القطيع كأنك واحداً منهم , ولكنك لست ثائراً عليه .. هنا تكمن المشكلة الحقيقية .. وفي هذه اللحظة قد إنشققت عنهم في محاولة منك للتميز , وبالفعل تميزت , فمجرد الإنشقاق هذا قد أثبتت للعالم بأكمله أنك على مشارف خطوات الإختلاف ..
فإن كان الإختلاف يُقاس بالوحده والتفرد , فاعلن من الآن وحدتك واشعر بتفردك ولا تنزعج منه , ففيه ستجد التكاتف والزحام الذي لطالما بحثت عنه قبل أن تنسحب من هذا القطيع ولم تجده ! , هو الزحام الفكري الذي سيتكاتف معك حتى النهاية .. فيه ستجد وحشة الوحده تُزال وبجداره .. اكتفي بك , تجد الكون كله ينحصر فيك ..
التعليقات
باعتقادي لم يعد شعورا فقط بل بالتكرار يستشعر انه قدر..أحسنت..استمري في غوصك في أعماق النفس البشرية فالسباحة تجيدينها و الأفكار تلهمك الافتراضات فما بقي منك عزيزتي نوار الا ان تتفوقي بقرار أو بحل..و أثق في تقديراتك لأنك ملهمة.