و هو في جوار ربه
قرب عرش الله جالس
حدث محمد نفسه قائلا:
ترى كيف هو حال أمتي؟
و بدا له أن يستأذن الرب في النزول،
فخر عند العرش ساجدا
و ناجى إله العالمين بصوت خاشع:
إلهي! عبدك و ابن عبدك،
رسولك و خاتم أنبيائك،
يستأذنك في النزول إلى الأرض.
فتردد صوته بين زوايا الملأ الأعلى.
و حل السكون،
ثم جاءه الصوت من كل مكان:
حبيبي محمد!
تعلم أني لا أرد لك توسلا،
فانزل، إنه نعم قد أذنت لك!
و سخَّر الرب لنبيه غيمة،
تجوب به سماء الأرض،
و أيده بروح القدس،
كي يكون معه أنيسا في رحلته.
و جعل الرب بصر محمد حديدا
حتى يرى كل شيء و هو في السماء
وأول ما نزل السماء الدنيا،
كان فوق بيت الله،
فرأى الناس يطوفون حول البيت،
و آخرون ركعا سجدا
فتبسم محمد في شجن
و رأى ذلك أنه حسن
وأغمض محمد عينيه
و قال: إني أجد حزنا في مكان قريب!
و أشار للغيم بالإنطلاق
فطارت صوب أرض الشام
فأبصر في الأرض دمارا
أطفالا يدفنون تحت الركام
و نساء هاربات
و رجال يرمي بعضهم بعضا
و رأى كل فريق يصلي
فقال و قد تملكه أسى
لمن يرفع هؤلاء صلاتهم؟!
فقال روح القدس: لمعبودهم!
فقال محمد: لا أعبد ما يعبدون!
بكى محمد،
و بكى لبكائه روح القدس،
لم يجد للسلام هناك من وطن
و رأى محمد ذلك غير حسن
و سار الغيم صوب أرض اليمن
و قال النبي: إني أحب أرض اليمن
فرأى محمد جيشا يغزو الأرض
فقال: من يغزو بلادا من أمتي في عقر دارهم؟!
فقال روح القدس: كلا المتحاربين من أمتك يا نبي الله.
فقال محمد: ليس من أمتي من يقتل مسلما!
لم يكن ثمة مسلمين،
سوى من غدى ضحية للفتن
و رأى محمد ذلك غير حسن
و قال للغيم: سر بنا صوب أرض السواد
سر بنا نحو أرض سار فيها أخوتي الأنبياء
لي فيها من جسدي قطع مدفونات
و للجنة فيها ريحانة
سر بنا نحو أرض أخي علي
و أرسل الله ريحا صوب أرض العراق
و رأى محمد من فوق غيمته
أرضا يعم البؤس أبناءها
و يحصد الموت شبانها
و ينخر الضعف بنيانها
فألقى بوجهه صوب السماء
و هطلت على خده دمعتان
و ناجى ربه: أي حزن ألم بهذا الوطن؟!
و رأى محمد ذلك غير حسن!
-
so hussien...