بدو أغنياء يقودون الشرق الأوسط للهلاك. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بدو أغنياء يقودون الشرق الأوسط للهلاك.

  نشر في 15 ديسمبر 2016 .

مال دون عقل ناضج هو دون أدنى شك وصفة جاهزة للدمار الشامل، وسلاح فتاك يمكن أن يقضي على الجميع بما في ذلك حامله..، وهذا المثل يمكن أن ينطبق على شيوخ البترول في شبه الجزيرة العربية، والتي كانت سياسة العديد منهم الساذجة والغير مسؤولة سببا مباشرا في الكثير من المآسي والكوارث التي تعيشها المنطقة العربية اليوم.

فحتى ذلك السعي والتنافس بين معظم الدول والشركات العالمية، (خاصة منها المملوكة للقوى الكبرى)، فهي تنظر دائما إلى هذه الرقعة الجغرافية من العالم كالنظرة إلى ذلك الطفل القاصر أو المراهق غير الناضج الذي يملك أموالا طائلة لكنه لا يعرف كيف يتعامل بها و يحتاج دوما إلى المساعدة والعناية و الحماية...، وهي الأمور التي تتكفل بها العناصر الخارجية السالفة الذكر، نظير أن يكون لها نصيب من تلك الكعكة، على أن يكون نصيب شعوب المنطقة مرتبط بمزاج الشيخ حسب الأهواء والمزاج.

فالطيش و اللا-نضج الذي يميز التدبير العام للسياسة والقضايا الخارجية بالذات من قبل هذه الإمارات كان سببا في تعامل القوى الكبرى الرئيسة في العالم مع الدول المشكلة لمجلس التعاون الخليجي بالذات بمنطق المقاولة، أو بتعبير آخر أن أي دولة كبرى في العالم تنظر بالضرورة إلى دول الخليج كمنجم يجب استغلاله بأقصى ما يمكن والاستفادة من الأموال والفرص التي يوفرها بكافة السبل المتاحة .

قد يجد البعض هذا التوصيف قاسيا نوعا ما، لكن حقيقة وواقع الأشياء يقول أن أي دولة من دول العالم بما في ذلك حتى الدول الصغيرة في العادة (مع وجود استثناءات قليلة)، لا تنظر إلى هذه الأنظمة على أنها دول قائمة بذاتها، أو على أنها بلدان يمكن أن تنطبق عنها نفس الخصائص التي يمكن أن تنطبق على البلدان الأخرى، بل أقرب إلى محميات وشركات يملكها شيوخ قبائل قاصرين ولا يعرفون كيف يتصرفون إزاءها دون مساعدة من الآخرين.

فالمنطق الآن السائد بين علاقة هذه الأنظمة مع نظيرتها من باقي الأنظمة والدول الأخرى في العالم هو أن دول الخليج على عكس أي دول أخرى في العالم مثلا لن تستطيع العيش والاستمرار كما هي الآن دون العنصر الأجنبي.

بالطبع لا يجب لوم هذه القوى على التنافس واللهث وراء "الرز الخليجي" مادام حكام هذه الرقعة الجغرافية أكثر من يشجع على هذه المسالة لاعتبارات كثيرة عل أهمها أن الحاجة الدائمة لحماية عروشهم الهشة يجعلهم في حاجة دائمة إلى راع يحميها وهذا لا يتأتى بالطبع إلا عبر استرضاء هذه القوى ومنحها امتيازات وفرص استثنائية مقابل هذه الخدمة.

لكن المعطى الجديد أن هذه القوى لم تعد مستعد للدفاع عن هذه الأنظمة أو على الأقل أنها غير مستعدة لذلك بنفس الشروط السابقة، خاصة وأنها أصبحت تقع في حرج كبير أمام شعوبها وأمام الهيئات والمنظمات العالمية نتيجة دفاعها ذاك عن سياسة حلفائها المدمرة والتي غالبا ما يكون ذلك على حساب شعوبهم أو حتى الشعوب الأخرى التي تكون ضحية السياسة العمياء لحكام هذه الإمارات.

فنتيجة التغيرات المتسارعة التي عرفتها المنطقة بعد اندلاع الربيع العربي أصبح معه ضبط ميزان الأمور ليس كالسابق إذ أمسى الأمر صعبا للغاية لهذه القوى إذا لم يكن مستحيلا حتى، إذ بين ليلة وضحاها نشهد تقلبات وتغيرات تقلب كل الموازين والمعطيات عن الليلة التي سبقتها، وإن كان الثابت الوحيد داخل كل هذه التحولات أن الأمور دائما تسير من سيء نحو الأسوأ وأن المزيد من الأبرياء هم من يكونون الضحية الأولى لكل ذلك.

القوى الكبرى على دراية تامة أن فاتورة تكلفة حماية أصدقائهم المفترضين في الخليج مكلفة للغاية كما أن هامش الربح أصبح قليلا بمقابل تزايد المخاطر، لذلك فتغيير سياستها في المنطقة أصبح أمرا ملحا، وعلى أساس ذلك يجب وضع قواعد جديدة لطبيعة العلاقة التي ستسود بين الطرفين.

بالطبع الأمور لا تسير دائما في مصلحة الأنظمة الخليجية، خاصة وأنها اختارت الطريق الأصعب وسلكت نهجا أقل ما يمكن أن نقول عنه أنه كان مقامرة كبرى أمام المد الجارف لثورات الربيع العربي التي تمكنت من إسقاط أربع رؤوس كبيرة من على سدة الحكم، حيث فضلت التعرض لإرادة الشعوب وتدخلت بكل ما أوتيت من وسائل خاصة بسلاحها الأقوى من أموال النفط ضد أي محاولة أو سعي للتحرر من قبضة التسلط أو بحث عن حرية وديمقراطية وهو الشيء الذي يبدو ظاهريا أنها أفلحت فيه.

لكن الأشياء ليست كلها بالمال، وبالأخير لا يمكن شراء أي شيء كما يتخيل لنا دائما أو كما يتوهم حكام هذه الأنظمة، فالإصلاح ليس خيارا يمكن أن يكون لنا تدخل في أمره، إنه حاجة للعيش وبالتالي فهو ضرورة إنسانية لا يمكن توقيفها، إنه سيرورة و جزء من التاريخ الذي لا يمكن التعرض له.


  • 1

   نشر في 15 ديسمبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا