" كورونا " بين المؤامرة الأمريكية... والمالوتسية الصينية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

" كورونا " بين المؤامرة الأمريكية... والمالوتسية الصينية

  نشر في 18 مارس 2020 .

أدى الانتشار المهول لفيروس كورونا المستجد , لموجة هلع عالمية رسمية وغير رسمية , واتخذت في سبيل التضييق من رقعة انتشاره ومحاولة احتوائه إجراءات استثنائية ومتفاوتة بين الدول بحسب تقديراتها لانتشار هذا الوباء , ووصل ببعض الدول إعلانها حالة الطوارئ وتعليق النشاطات والتظاهرات المختلفة , ومنع التجمعات وإغلاق الحدود وإيقاف الرحلات الجوية والبرية والبحرية , ووضع مدن ومقاطعات بأكملها تحت الحجر الصحي , ومزامنة مع الجهود الجبارة التي تقوم بها المختبرات الطبية العالمية في سبيل إيجاد علاج لهذا الوباء , أو على الأقل إيجاد لقاح يحد من زحف هذا المارد , أكد بعض الخبراء في مجال الأمراض المعدية وباحثين مخبريين في علم الأمصال .. انه لو تم التوصل إلى لقاح فانه لن يكون متوفرا للعالم إلا بعد عام على اقل تقدير ... هذا في ظل التداعيات التي يحدثها انتشار الفيروس , في الساحة الدولية اقتصاديا وسياسيا وحتى امنياً ..والتي تنذر مآلاتها بكارثة بشرية على كافة الأصعدة . ويبدو أن بعض الدول تحاول الاستثمار في هذه الأزمة هذا إن لم نسلم بنظرية المؤامرة التي تشي بافتعال أزمة بغية تصحيح وتعديل النسق الدولي . الذي شهد في العقدين الأخيرين تحولات جذرية من ناحية التوازنات بين القوى الكبرى . حيث لم يعد عامل القوة العسكرية ذو تأثير في السياسة الدولية مقارنة بعوامل أخرى كالاقتصاد والتكنولوجيا . وينحصر دور الأحادية القطبية أمام بروز وصعود قوى عالمية جديدة . ومحاولة بعض القوى التاريخية استعادة مكانتها في الساحة الدولية . إضافة إلى قوى إقليمية تتطلع للعب دور مهم واستغلال هذه الأحداث لإعادة للتموضع .

وإذا سلمنا جدلاً بنظرية المؤامرة والتي طبعا تبقى مطروحة على الطاولة . فإننا بالتأكيد بصدد التحدث عن حرب بيولوجية قد نشبت فعلا, لما خلفته من خسائر بشرية ومادية كبيرة . ولكن كي نكون موضوعيين أكثر علينا التساؤل : من تآمر على من ؟ ومن يمتلك الدافع الذي يجعله يفتعل حرباً استثنائية وسابقة لم تشهدها البشرية سابقا ؟

وقد أشارت بعض الافتراضات إلى مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية في إطلاق هذا الفيروس ضد الصين . فيما أشارت افتراضات أخرى إلى إمكانية هروب هذا الفيروس من المخابر الصينية وخروجه بالخطأ . لكن الافتراض الذي اُغفل هو فرضية أن تكون الصين من أطلقت هذا الفيروس في أراضها لتحقيق أهداف إستراتيجية ما كانت لتحققها بوسائل أخرى . وقد يكون هذا الافتراض غير منطقي بالنسبة للكثيرين . لكن استنادا لنظرية المؤامرة فالولايات المتحدة الأمريكية وجهت لنفسها هجوم الحادي عشر سبتمبر 2001. كذريعة لاشتياح دولتين في أسيا وهما أفغانستان والعراق , في سبيل كبح المد الإسلامي في باكستان والسيطرة على سلاحها النووي , من جهة ,والسيطرة على مقدرات العراق من النفط من جهة أخرى .

الملاحظ للسياسة الدولية يرى أن التغيرات التي حصلت قد حدّت أو قلصت من قدرة أمريكا على ممارسة دورها كقطب مهيمن في الساحة الدولية . وأصبحت بذلك تعاني من " انفصام استراتيجي " كونها أقوى دولة في العالم من ناحية, وكونها أصبحت عاجزة أو غير قادرة على فرض سياساتها إقليميا ودولياً من ناحية أخرى . ويُعزى ذلك لعدة أسباب منها استعادة روسيا لدورها كقوة فعالة ومستعدة للمنافسة والتأثير . وأيضا صعود الصين كقوة اقتصادية والذي يرى فيه الكثير على غرار جون ميرشايمر انه صعود غير سلمي وسيتحول لا محالة إلى وضعية تصحيح وتعديل في الواقع الدولي . وأيضا من الظروف التي ساهمت في تقويض الدور الأمريكي . الاتحاد الأوربي الذي اخذ موقعاً له كفاعل مهم جدا في السياسة الدولية . هذا كله إضافة إلى تعاظم دور بعض الأطراف الإقليمية . لتثبت بفعالية حضورها خاصة في الملفين السوري والعراقي . ونقصد هنا إيران وتركيا اللتان تسعيان كل على حدا لسد الفراغ الحاصل في منطقة الشرق الأوسط وتمثيل العالم الإسلامي وتقديمه كلاعب أساسي في الصراع الدائر .

وعليه فإن الولايات المتحدة الأمريكية . ومما شكله التصاعد الصيني من تهديدات للمصالح الأمريكية في العالم . وهاجس تحول الصين من قوة اقتصادية إلى قوة عسكرية تعيد هيكلة المنظومة الدولية . قامت أمريكا-المنكفئة عسكريا- بعدة محاولات لكبح التنين ذو الرأسين اقتصادياً لكنها فشلت نظرا لتغلغل الاقتصاد الصيني في جميع اقتصاديات العالم, وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها . ولا تستطيع أمريكا شن حرب شاملة على الصين لاعتبارات البعد الجغرافي وأن أمريكا غير قادرة على خوض حرب قد تكون مكلفة وطويلة ولا تستطيع تصوغيها أو تبريرها , وأيضا الصين لديها كل المقومات للوقوف ضد أمريكا لما تحوزه من ترسانة عسكرية كبيرة وخزان بشري مهول . وأيضا لا تستطيع أمريكا توجيه ضربات محدودة أو خاطفة لان الصين تمتلك آليات الرد السريع. ما يعزز قدرتها على الردع خاصة وأنها دولة نووية . لذلك قد تلجأ أمريكا لشن حرب غير تقليدية وبأسلحة بيولوجية صنعت لهذا الغرض , فقد سبق أن أُتهمت الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيع وإطلاق أسلحة جرثومية في العالم لدواعي اقتصادية بحتة , على غرار فيروسات( افلونزا الطيور, و الخنازير, فيروس سارس , وغيرهم ) وهذا ما عززته اتهامات بيكين لواشنطن على لسان الناطق الرسمي باسم خارجيتها " لي جيان زهاو " الذي قال: "ربما الجيش الأميركي هو من جلب الوباء إلى ووهان. اعتمدوا الشفافية! انشروا بياناتكم! الولايات المتحدة تدين لنا بشرح"..

وإذا عدنا إلى فرضية ان فيروس " كوفيد-19" قد " هرب " من مختبرات "ووهان" بالصين . وجب التساؤل ضرورةً : هل تم هندسته بيولوجيا ليكون سلاحا؟ و ما الأهداف التي كان يصنع لها هذا الفيروس . ؟ لأنه وبالرجوع لما قاله العلماء في مجال الفيروسات والذين أكدوا ان فيروس كورونا لا يمكن ان ينتقل من الخفافيش إلى الإنسان , إلا عن طريق وسيط وحاضن حيواني .. كما حدث مع سارس وانتقاله من الخفافيش إلى القطط ثم الإنسان ..وأكدوا أنهم لحد الساعة قد تعرفوا من خلال حمضه النووي على منشئه الذي يعود للخفافيش , لكنهم لم يجدوا ما يثبت عبوره خلال وسيط حيواني . ما يؤكد ان فيروس كورونا المستجد " كوفيد-19" تم هندسته بيولوجيا في مخابر ووهان . ولكن السؤال الذي يبقى مطروحاً ..هل كانت هذه الهندسة العلمية البيولوجية بريئة تصب في مجال علمي بحت وغير عسكري وبالخطأ تحولت إلى وباء يفتك بالعالم ؟ أم أنها كانت اختبارات عسكرية موجهة ؟

أما الافتراض الثالث والذي يتمحور حوله هذا المقال , هو إمكانية ان تكون بيكين هي من صنعت هذا الفيروس وقامت بتوجيهه داخلياً لأغراض إستراتيجية , وقد يسأل البعض كيف يمكن لدولة ان تهاجم نفسها وتعرض مئات الملايين من سكانها للموت , وكيف لها ان تصيب اقتصادها الذي هزه ظهور هذا الفيروس ؟ فأجيبهم : انه لا يجب في السياسة الدولية ان ننظر من زاوية التكلفة وإنما يجب ان ننظر إلى الفوائد التي يمكن لهذه التكلفة ان تدرها ..وبذلك نركز على الأحداث من وجهة النظر الصينية ...حيث ان الصين قامت بمناورة جريئة وغير تقليدية بغية تحرير اقتصادها من الشركات العالمية وتخليص أصولها من قبضة هذه الشركات ..لأنه وفي تفشي الفيروس في الصين وحدها . بدأت الشركات الأجنبية داخل الصين في طرح أسهمها للبيع نظرا للخسائر التي كانت تتكبدها ..فأقبلت الصين على شراء تلك الأسهم بعدما تدنت أسعارها لأرقام قياسية .. ومقابل الخسائر الهامشية التي تعرض لها الاقتصاد الصيني فقد انتعش اقتصادها في المجال التكنولوجي والطبي إضافة لما آلت إليه أسعار النفط من تدني . في الأسواق العالمية ..

ان تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول فيروس كورونا, وتسميته له "بالفيروس الصيني " له دلالاته السياسية .. ومحاولة هذا الرئيس نقل المختبرات الألمانية إلى امريكا والاستئثار باللقاح مقابل ملايير الدولارات أيضا له تفسيراته.. وحرب التصريحات وتبادل الاتهامات بين امريكا والصين ليست بالعادية ... وإنما هناك ما تعلمه الصين وأمريكا ولا يريدان للعالم ان يعلمه ...

حقيقة ان الصين خالفت كل التوقعات التي كانت تتنبأ بمستقبل صعودها وهل كان سيتحول من صعود اقتصادي إلى صعود عسكري ... بل سيكون صعودا مدَوياً تشهده ربما نصف البشرية فقط . لان الصين باختلاقها هذا الفيروس . صنعت أيضا المضاد له , ربما لتبيعه لكن ليس لدواعي اقتصادية بل لتنقذ العدد الذي قررت ان تبقيه من البشرية .

عجزُ الصين على توفير الموارد التي أصبحت شحيحة , نظراً للتنافس المحموم عليها , وعدم قدرتها أيضا على خوض حروب مباشرة .. أو حروب نووية ضد امريكا قد تدمرها . وعدم مواءمة الواقع , لإستراتيجية الحرب الخاطفة والتي كانت تعتزم القيام بها ضد امريكا . ونظرا للنمو الديمغرافي الرهيب رغم انتهاج بيكين سياسة سميت بسياسة الطفل الواحد للحد من هذا النمو الذي أصبح عبئاً على الصين . ربما تراءى للصين ان تستعين بنظرية مالتوس(1766-1834) أو نظرية تخفيض عدد السكان . هذه النظرية التي تقول «ان وتيرة النمو الديمغرافي أسرع من وتيرة ازدياد المحاصيل الزراعية , وكميات الغذاء المتوفرة للاستهلاك ». وان هذا التباين في النهاية سيؤدي إلى اختلال التوازن بين عدد السكان والغذاء ..وان لم يتخذ المجتمع إجراءا حاسما فان الطبيعة ستقوم بتصحيح الوضع . وتعتبر سياسة الطفل الواحد التي انتهجتها الصين تجسيدا واقعياً لنظرية مالتوس . ولكن الصين تعتزم الاستعانة بشق آخر من النظرية وهو إبادة نصف سكان العالم ليعيش النصف الأخر بترف . وقد يتبادر إلى ذهن السائل حول مغزى إبادة نصف العالم ان كانت الصين تعتمد في اقتصادها على سكان العالم ..فأجيب ان المسألة لم تعد تتعلق بالجانب الاقتصادي أو الجانب السياسي . بل تتعلق بالجانب الوجودي وان لم تبادر الصين لهذه العملية ستكون حتماً ضحية لمبادرة قوى أخرى . ولا اعتقد ان القوى العظمى تجهل مخططات الصين الان , بل هي شريكة بالإرغام وقامت بتحضيراتها لتقبل دمار نصف البشرية , وتقبل الصين كإمبراطورية جديدة تقود العالم .

عبدالسلام سلطان : باحث أمني واستراتيجي 


  • 2

  • sultan elhilaly
    عبدالسلام سلطان 38 جزائري شهادة الماجستير في الدراسات الامنية والاستراتيجية جامعة الجلفة بالجزائر
   نشر في 18 مارس 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا