سلامُ عليك يا جدتي
من بعدها فقدت الحياة معناها
نشر في 16 مارس 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أصوات الصرخات تستقبلني، قلبي يرتجف وعقلي لا يستوعب، جدتي نائمة، ولا أحد يراعي التزام الهدوء، يصرون على إيقاظها، ولكنها لا تستيقظ، أحضنتها ولا تبادلني الأحضان، لماذا لا تحضتني كما تفعل في كل مرة؟!، ولماذا هذة الدموع المنهمرة على وجنتي؟ لماذا لا أستيقظ أنا من هذا الكابوس المزعج؟..
أيكون كل شئ حقيقي؟، عالم غير موجودة فيه أنتي يا جدتي، عالم ليس للألوان فيه بهجة، ولا للأعناب رونق، ولا للنسائم عبير، عالم به نار القلوب لا تطفئها ماء ولا دموع، فيه البكاء رفاهية قد لا ننالها، لا يمكن أن يكون حقيقي، ذلك العالم لا يوجد إلا في أرض الكوابيس.
كل شئ حولي صرخة مكتومة ودمعة متحجرة، زقزقة العصافير، روائح الريحان، عصاك الجديدة، سريرك، مسبحتك، خمارك، سجادة صلاتك، وخصلات شعرك البيضاء بين أسنان المشط، كم عشقت تلك الضفائر الحريرية الطويلة، وكم تمنيت أن تكون ضفائري الصغيرة كضفائرك.
رحلت يا جدتي وأورثت القلب جُرحًا لا يندمل، وخوفًا لا أمن بعده، الخوف من ذكريات كانت تضحكني فتبكيني، من أن أعود من سفري لأحضنتك فلا أجدك، أن أشتاقك ولا أجد بلسم كلماتك تطمئنني، كنت ألعن تلك الشهور التي أقضيها بعيدًا عنك، فكيف لي بالصبر على فراق دهور.
صارت دعواتي وصلواتي إليكِ هي سلواني الوحيد علني أراكِ في منام جميل، فسلامٌ عليك يا جدتي في عالمك المطمئن، وسلامٌ على قلبك الصابر الحنون الذي وسع الغريب والقريب، وطوبى لروحك الطاهرة النقية التي كانت بلسمًا لكل موجوع، وصبرًا بقدر محبتك، ولطفًا بحق سماحتك، وقلبًا مرابطًا كقلبك العطوف.
وهنيئًا بدار الخلد التي كان نعشك كالعروس إليها يسير، وبرائحة المسك التي فاحت علها تشفع لنا فراقك ووداعك الأخير، ووداعًا لدعوات كانت تحيطنا في أنسنا ووحشتنا، ولتحيطك دعواتنا فلا تكوني وحيدة في دار وحشة.