إن الاحتمالات هي قِوامُ القسط الأكبر من علم الإحصاء. الاحتمالات مَعنِيَّة بالسؤال التالي: هل يـمكن أن تكون النتائج المرصودة قد حدثت بـمحض الصدفة؟

إن فكرةَ الصدفة فكرةٌ دقيقةٌ تتطلب براعة وحذراً. إنها موضوع قد يؤدي إلى نقاشات فلسفية عميقة.

مثلاً، قد نسأل : هل ظهرت الحياة على الأرض بشكلٍ عَرَضِيٍّ بحت - بالصدفة - أم أنها تحددت بشكل ما عبر آلية أخرى؟ إذا كان ثـمة شيء غير عشوائي فإننا نقول أن هذا الشيء يحدث من خلال عملية حَتمِيَّة .

يـمكننا التفكير في أسعار الأسهم من زاوية كونها عشوائية أم حَتمِيَّة. هل أسعار الأسهم عشوائية؟ أو، بدلاً من ذلك، هل عوائد الأسهم عشوائية؟

في المقابل، هل الانحرافات عن أي عائدٍ متوسطٍ عشوائيةٌ بينما العائد المتوسط نفسه مستقر؟

تجادل الباحثون حول هذه الأسئلة واستطردوا في الجدال حولها. بغض النظر عن وجهة نظرك، تُستَخدَم مفاهيم الاحتمالات والمفاهيم الإحصائية على نطاقٍ واسع لدراسة الاستثمارات.

الاستقلال أحَدُ المفاهيم الرئيسية في علم الإحصاء. حال وجود حدثين مستقلين فإنه أياً كان ناتج الحدث الأول فإن هذا الناتج لا يؤثر على احتمالات ناتج الحدث الثاني.

افترض أنك بدأت في تقليب عملة في الهواء وهذه العملة متوازنة تـماماً بالنسبة لوجهيها بحيث تكون نسبة حدوث أي وجه (سواءً الوجه أم الظهر) على الدوام هي 1\2 .ألقَيتَ عُملةً في الهواء خمس مرات وحَصُلتَ على الوجه في المرات الخمس على التوالي. ما هي احتمالات مجيء الوجه في المرة القادمة التي تلقي فيها العملة؟

قد يبدو مُغرياً القولُ أن " الاحتمال الأكبر هو للظهر نظراً لأن إلقاء العملة في الهواء والحصول على وجه ست مرات متتالية حََدَثٌ نادر "، لكن الحقيقة أن احتمالات رُسُوِّ العملة على الوجه متساوية تـماماً مع احتمالات رسوها على الظهر في المرة القادمة التي تلقي فيها العملة.

إن الأحداثَ الخاصة بالعمليات السِّت - لإلقاء العملة في الهواء - مُستَقِلَّةٌ كُلِّيَّاً، النواتج المتأخرة لا تتأثر بالنواتج الأقدم. إذا كنت تُجري تجارب إحصائية لتحليل الاستثمارات فعليك أخذ مفهوم الاستقلال بعين الاعتبار. العديد من التجارب الإحصائية تفترض أن الأحداث مستقلة.

التباديل والتوافيق مصطلحان رياضيان إحصائيان وثيقا الصِّلَةِ بالاستثمار. لنفترض أننا نفكر في الاستثمار في خمسة أسهم مختلفة : كوكا كولا (KO) وبيبسيكو (PEP) و آي بي إم (IBM) ومايكروسوفت (MSFT) و ماكدونالدز (MCD).

التباديل تتعامل مع إعادة ترتيب البنود. بدلاً من إدراج الأسهم الخمسة في لائحة كالتالي KO، PEP، IBM، MSFT، MCD يـمكننا إدراجهم كما يلي IBM، KO، MCD، MSFT، PEP. كون لدينا خمسة أسهم مـميزة يـمكننا الحصول على لائحة بأسـمائها بـ 120 تسلسل مختلف. إذا كنا سنشتري من كل الشركات كمية من الأسهم فإن الترتيب بينها لن يُحدِث فارقاً ولن تُهِمَّنَا حينئذٍ التباديل.

تطبيقات مفهوم التوافيق أكثر في عالـم الاستثمار. ليس التسلسل مهماً مع التوافيق فالمحفظة المكونة من KO و MSFT هي نفسها المحفظة المكونة من MSFT و KO. في ظل وجود خمس شركات يصبح لدينا خمس محافظ مـمكن تكوينها من سهم وحيد وعشر محافظ يـمكن تكوينها من سهمين مختلفين وعشر محافظ يـمكن تكوينها من ثلاثة أسهم مختلفة، وخمس محافظ يـمكن تكوينها من أربعة أسهم مختلفة ومحفظة واحدة فقط يـمكن تكوينها من خمسة أسهم.

إن الأمر لا يتطلب وفرة كبيرة من الأسهم لتوليد محافظ مـمكنة متنوعة. عند استخدام جَمهَرَة من 100 سهم يـمكننا الاختيار منها، يـمكننا تشكيل 75287500 محفظة مكونة من خمسة أسهم. عند استخدام جـمهرة من 500 سهم (ولتكن أسهم مؤشر ستاندَرد آند بورز500 القياسي)، يصبح لدينا (245810588801891000000) محفظة مكونة من عشرة أسهم مـمكنة !!

في النقاش السابق افترضنا مبالغ متساوية مخصصة للأسهم. مثلاً، المبلغ المُستثمَر في كل من السهمين سوف يكون 50 % من إجـمالي الدولارات المُستثمَرَة. إذا أخذنا بعين الاعتبار أوزاناً غير متساوية، كأن تكون النسب 78% من المحفظة لـ MSFT و 22 % منها لـ KO، فإن عدد المحافظ الممكنة يكون لا نهائي (على اعتبار أنه يـمكننا شراء كميات جزئية في كل سهم).

يـمكنك رؤية كيف يـمكن لمستثمرين شتى اتخاذ قرار الاحتفاظ بـمحافظ بالغة التباين بعضها عن بعض حتى لو كانت مجموعة الأسهم التي يختارون منها هي ذاتها، مثل أسهم مؤشر داو جونز القِطاعي.