واجه الامبراطور أوكتافيوس أغسطس خطر الشعوب المتاخمة لحدود ايطاليا الشمالية ولاسيما المناطق الواقعة على جانبي جبال الألب Alps التي كانت تشكل خطراً مستمراً بالنسبة لايطاليا إذْ اندفعت مراراً نحو الجنوب في غزوات مدمرة عبر الممرات الواقعة في الغرب معرضة وسيلة الاتصال البرية الوحيدة بين ايطاليا وغالة البعيدة للخطر ()، خاصة بعد ان اندلع تمرد قامت به قبائل السالاسا Salassi () في عام 26 ق.م وتمكن الجيش الروماني من اخضاعهم وفتك بأعداد كبيرة وبعد ذلك أمر الامبراطور في عام 25 ق.م ببناء مستوطنة عسكرية في اراضيهم اطلق عليها أوغسطا برايتوريا Augusta praetorian لأجل الحراسة وتأمين الطريق الذي يربط بين ايطاليا وممرات جبال الالب ().

وفي عام 16 ق.م أرُسل القائد بوبليوس سيليوس نرفا Pyblius Sillius Narva لوقف غارات قبائل النوريكية على شبه جزيرة ايستريا Istria ()، وتمكن القائد نرفا من احتلال موطن هذه القبائل في المنطقة المعروفة باسم نوريكوم Norlcum ()، بعد معارك طاحنة كرد على تمرد هذه القبائل، وعقب ذلك أرسل الامبراطور أوكتافيوس ابني زوجته ليفيا كل من دروسوس وتبريوس عام 15 ق.م لاخضاع شعوب الراتي Rati () فسار الأول نحو الشمال مخترقاً ممر برنر الشهير Brenner ماراً بغابات فور البرج Voralberg ثم إلى بحيرة كونستانس إذْ يجتمع هناك بشقيقه تبريوس فيشتركان سوية في هزيمة قبائل الفندليكا Venedlici وبذلك وصلت حدود الامبراطورية الرومانية من الشمال إلى نهر الدانوب الأعلى Danube()، ولم يتمكن الجيش الرومانية من إخضاع شعوب جبال الالب إلا في عام 8 ق.م بشكل تام وضمت أدارة بعض المناطق إلى المستوطنات الرومانية التي تم انشاؤها حديثاً في عهد الامبراطور أوكتافيوس أغسطس().

أما عن منطقة البلقان فكان الخطر يهدد كل من مقدونيا وتراقيا ومنطقة ساحل دالماتيا Dalmatia التي كان يسكنها قبائل عدائية ومحبة للقتال فعهد الامبراطور اكتافيوس في عام 12 ق.م إلى ماركوس فينيكيوس لاخضاع قبائل البوسنة وبانونيا Pannonia وتم اخضاع هذه المناطق في عام 8ق.م على يد اغريبا ايضاً، وفي الحقيقة لم يتم لروما اخضاع هذه المناطق إلا عام 9 م وذلك بعد اخماد ثورة الليريكوم Illiricium () التي قام بها اقوام الدالماتيين والبانونيين عام 6 م بسبب عبئ الضرائب وما كان يفرض عليهم من جانب قوات الرومانية في مسألة تموين الجيوش وامدادها بالمواد الغذائية وتسخيرهم للعمال ().

لذا بلغت الثورة ذروتها بعد تمكنهم من جمع قوة ضخمة تزيد على مائتي الف مقاتل، وأصبحت ايطاليا نفسها مهددة بالغزو عبر البحر الادرياتيكي، وأمر الامبراطور أوكتافيوس بحشد الجيش بقيادة تبريوس وجرمانيكوس Germanicus (15 ق.م- 19م) ()، اللذان استطاعا بعد ثلاث سنوات من القتال العنيف من اخماد الثورة والقضاء عليها في عام 9م، ونتيجة هذه العمليات العسكرية تمكن الامبراطور أوكتافيوس من احكام سيطرته على المناطق الواقعة إلى الجنوب من نهر الدانوب، وحولها إلى مقاطعات تابعة للامبراطورية الرومانية، وقد تطلب ابقاء هذه المناطق تحت الحكم الروماني وضع خمس فرق عسكرية يدعمها عدد من القوات المساعدة بلغ عددها بين 70 -80 ألف جندي اطلق عليه جيش الدانوب