عن الأفكار تقول دولانج في كتابها الكاريزما " أن الأفكار قطعة من الصلصال يزداد حجمها أكثر فأكثر حتى تتشكل في النهاية إلى تمثال كامل و هو الفكرة الناضجة المحددة ".و ما أصدقها من مقولة .فعلا فالأفكار تنمو شيئا فشيئا و في أثناء هذا النمو تتغذى بمعتقداتنا و تتأثر بما نملك من مبادئ وما حملناه لا إراديا و بإرادتنا من المحيط الذي نعيش فيه. في هذا الصدد يقول فهد عامر الأحمدي في كتابه نظرية الفستق " آراؤنا و نتيجة تفكيرنا هي في النهاية محطة لمؤثرات عميقة و لاواعية ...و هي محطة لدوافع و خلفيات توجهنا لنبني آراء وأفكارا "
لكن بمنظور آخر لو نظرنا لما يدور في بالنا مثلا نظرة متأمل , نجد أن أروحنا تحوي مشاعرا و أفكارا مختلطة مثل الأوتار تحتاج منا أن نعزف منها لحنا , أفكار و مشاعر و عواطف تملأ بالنا كالآلات الموسيقية لو عزفنا عليها وفق لحن ونظام سنصنع أجمل سِّيمْفُونِيَّة , في بعض الأحيان نعجز حتى على فهمها فغيرنا يعزف بأوتارنا ويصنع منها لحنا سواء أفكارنا أو عواطفنا . هي الروح وخباياها في خلقها شؤون , فالصمت في بعض الأحيان حكمة أقوى من حكم الكلام . و الكلام في مواقف يكون طربا ترقص على أنغامه الآمال والأفراح . في سياق آخر يكون الكلام بلا نطق و يسمع بلا أذن . إذا هي الروح و ما يدور بخلدها فما أعمقها لا يعلم بحالها سوى خالقها .
هي تقلبات الأفكار , تنبع من القلب أحيانا ومن العقل تارة أخرى و تارة تمتزج أفكار القلب مع العقل فتستقيم لتملأ النفس حكمة و قوة , لكن في أحيان أخرى قد لا تجد هذه الأفكار أرضية لها فتتخذ من الأحلام مرسى , يزيدها ذلك بريقا و صبرا لتبحر من جديد في البال لتصبح أفكارا إبداعية لتلامس الواقع مرة أخرى ، محاولة منهاأن تغيره أو تصنع الفارق فيه , بعدما تسلح بعضها بخبايا العقل و المنطق و تجمل بعضها الآخر بعطف القلب .، يقول ماركوس أدريليوس أحد أباطرة الرومان عن الأفكار " حياتنا من صنع أفكارنا " فعلا فالتفكير يصنع الفارق في حياتنا فكل أفكار تخطر ببالنا سواء تأملات أو معارف أو استنتاجات أو أفكار نفسية كلها تعبر عنا و تصنع شخصنا و تولد مصطلحاتنا .
تختلف الأفكار بحسب العقل و القلب الذي تنبع منه, فهناك قلوب وعقول امتلأت حقدا و كراهية فبطبيعة الحال لا يولد تفكيرها سوى أفكار سلبية تؤرق النفوس وتجعل منها حبيسة في سجن البغض وهوس الدنيا الفاني . و هناك عقول تنوع تفكيرها و اختلف , إذا هذا حال أفكارنا تحلق و تحوم و تبحر في عالم مخيلتنا قد نظهرها أحيانا و قد تبقى دفينة في أحلامنا أحيانا اخرى .
-
خديجة لينة بغدادييقول الرافعي : ستبقى كل حقيقة من الحقاىق الكبرى كالايمان والحب و الجمال والخير والحق -ستبقى محتاجة في كل عصر الى كتابة جديدة من أذهان جديدة .