أنا الأسير رقم 768 أنظر من خلال قضبان السجن رأيت كيف تتحول الأيام والشهور والسنين إلى حقب .
من تربة هذه الأرض تأبى ذاكرتي النسيان فأنا استنشق منها رائحة الزعتر والزيتون وأتحسس معول والدي يوم الحصاد . أرى الشمس وأتذكر كيف كانت تدغدغ بأشعتها جفوني فتيقظني حرارتها.
أنا الأسير رقم 768 أنظر من خلال قضبان السجن استشعر شتاء الدنيا حينما أسمع زخات المطر على جدران زنزانتي فتبعث راحة المطر الممزوج بالتراب فتأخذني ذاكرتي إلي مدفئة أمي عندما كنا نتحلق حولها لنسمع منها قصص أبطال الوطن .
أنا الأسير رقم 768 أنظر من خلال قضبان السجن وأرى ألوان العذابات والتنكيل فينا ويقولون ان هذا الوطن ليس وطنك إذا لمَ استشعر بكل صفعة وصوت كرباج بأنها ارضي .يقولون بأنه لا يشبهك إذن لماذا هو يشبهني.
أنا الأسير رقم 768 أنظر من خلال قضبان السجن وإذا بملاك يحارب خارجا لأجلي ويسعى دائما لخلاصي يقولون انك منسي ولا احد لك إذن لماذا هم يحاربون العالم من اجلي.
أنا الأسير رقم 768 أنظر من خلال قضبان السجن وأرى وجه أمي قد تشكل بخطوط الزمن وحرمت نفسها من كل شيئ لتحقق حلمي وكأنها تركت ورائها كل الأسماء وتتذكر اسمي فغيّبني أيها السجان ما شئت فإني غذاء الذاكرة ولن أُنسى .
أنا الأسير رقم 768 أنظر من خلال قضبان السجن وأرى ابتسامة السجان وكأنه يعتقد أنى ندمت على سني عمري و أنا أقول ليت لي من عمري عمران وأضحى بها في عتمة السجون من اجل نصرة قضيتي. فالكل له وطن يسكنه ولكن أنا لي وطن يسكنني وأسكنه.
أنا الأسير رقم 768 أنظر من خلال قضبان السجن وأرى يوم حريتي على بعد مرمى الحجر أنا الأسير رقم 768 أنظر من خلال قضبان السجن وأراك أيها السجان يوما ما ستكون أنت السجين وأنا السجان... أنا الأسير رقم 768 انظر من خلال قضبان السجن.
-
محمد نشبتصحفي فلسطيني