متمردة .. هي كلمة تثير داخلك كل ما هو فوق الطبيعي .. قوة شخصية .. خروج عن المهعود .. اختراق الخطوط الحمراء .. التميز عن الباقيين .. العفوية .. الحرية .. الإرادة الحرة والروح المنطلقة ..

وكل فتاة أو سيدة يروقها أن تنعث بهذه الصفة البراقة .. لما فيها من تألق !

لكن ما يثير الإستغراب حقا .. أنه لماذا نجد أحيانا أن هذا المصطلح عند البعض - إن لم نقل الغالب الأعم - يقترن في مخيلاتهم بالإنعثاق من مبادئ ديننا أو جميل تقاليدنا وطيب أعرافنا .. أو الفرار من منظومة الآداب العامة والمعاني السامية المتعارف عليها .. وهو ما قد يكون إجحافا في حق هذا المصطلح !

لماذا قد لا تسمی المحجبة متمردة إلا إذا خلعت الحجاب .. فيقال تمردت .. أو تحررت .. في حين هي لم تقم سوی برفع الغطاء عن شعرها .. فاكتشفنا لون .. طول .. نعومة أو خشونة شعرها ..

أين التمرد في الأمر مادام لم ينتج شيئا يفيد المجتمع .. سوی شكل الشعر .. وهل ينقص المجتمع شعور .. بالكيلو وبالألوان .. ومن بعد !!

أو إذا أخذت إحداهن صورة عارية لجسمها .. صاح الجميع لقد تمردت علی المجتمع .. أي تمرد قامت به وهي لم تتحرك من غرفتها أو الحمام في غالب الأحيان وكبست زر التصوير .. أين الإبداع في الأمر .. وهل يضيف تمردها بالعري شيئا ذا قيمة لمجتمع همه الأول الخبز .. !

لماذا نجعل كلمة تمرد .. التي هي خروج عن المألوف البالي والعرف المتهالك .. التي تعني إنبعاث روح جديدة متجددة من بطن السائد المتآكل .. دائما قرينة بما لا يفيد في شيء ولا ينتج قيمة مضافة لمجتمع أولويته الأولی التمرد المنتج !

 في أمة ينخرها الجهل ..أجمل متمردة هي تلك التي تستلذ بمطالعة الكتب وإلتهام الأفكار .. تلك التي تحيا بين دفتي كتاب .. لتنتج جيلا يخرج من رحمها ويجري فيه من دمها المتشبع علما .. جيلا متمردا علی الجهل ثائرا علی التحلف ..

في أمة يعصف بها التعصب .. أرقی متمردة هي تلك الداعية للتسامح المناضلة في سبيل تقبل الآخر .. قضيتها رقي في الفكر وتحظر في الإختلاف ..

في أمة يذيبها التخلف .. أروع متمردة هي من تقدم اختراعات.. بحوث .. اكتشافات .. لتتمرد بها علی القحط التقني والشح العلمي ..

في وطن يعج بالظلم .. أرفع متمردة هي من تناضل .. تكتب .. وترفع صوتها عاليا في وجه الحكرة والقهر ..

هذا ما يعنيه لي التمرد .. تمرد منتج .. تمرد مثمر .. تمرد يسير بنا من سيء لحسن .. ومن حسن لأحسن .. !

والمرأة المغربية كانت ولاتزال إمرأة متمردة .. حالمة طامحة .. متمردة علی الخوف .. علی الجوع .. علی الظلم .. علی القهر .. علی الجهل .. علی التهميش .. علی التمييز .. وستظل !

أما إن اعتقدنا أن التمرد هو تمرد الشعور والشفاه وصور قلة الأدب .. فربما وجب علينا نعطيو السلام للمتمردات الأسمی والقائدات الملهمات فهاد المجال .. هيفا والذي منو .. وبه سيكون التمرد المرادف اللغوي للهشك والبشك !!