" معظم الناس هم أناس آخرون , أفكارهم آراء شخص آخر وحياتهم تقليد وعواطفهم اقتباس " أوسكار وايلد
في اللحظة الأولى لقراءة تلك المقولة أصابتني صدمة ما لبثت أن تلاشت عنما عرفت أن أوسكار وايلد ما هو إلا كاتب أيرلندي عاش حياة من الاضطهاد لكونه مثليا فحمدت ربي أن أمثال هؤلاء معقدون نفسيا " والحقيقة أنى واقع تحت تأثير الهالة وهى ظاهرة نفسية تجعل حكمك واقع تحت تأثير أفكار سابقة "
فأنا مثلا ضد المثلية فعندما عرفت أنه مثلى أيقنت مباشرة أنه لا بد أنه على خطأ رغم أنه بقليل من التحرر من " عقلية القطيع " ستجد أنه على حق .. كيف هذا ؟
مرحبا بك في ساحة العلم !!
في عام 2015 قام مجموعة من الباحثين بتجربة لمعرفة فيما يسمى ب "سلوك القطيع " والتجربة كانت عبارة عن لافتتان احداهما به خط بحجم معين والثانية بها ثلاث خطوط بأحجام متفاوتة ثم يطلبون من الشخص أن يحدد أي خط من الثلاثة خطوط يماثل الخط في اللافتة الأخرى . قد يتخيل لك أن الأمر صعب ولكن لمزيد من التسهيل كانت أحجام الخطوط متفاوتة بطريقة لاتدع مجال للشك في أن الاختيار هو الخط رقم 3 . والتجربة تقوم على وجود شخص واحد واقع تحت الاختبار وأمامه حوالى 10 ممثلين سيختار كل منهم الخط الأول حتى يمر الدور على الواقف أخيرا "موضوع التجربة" والغريب أنه رغم وضوح الإجابة إلا أن نسبة تتعدى 85% اختارت ما قالته المجموعة أي الاختيار الأول .
فما الذى حدث ؟؟
يبدو أننا سنحتاج لأكثر من علم النفس في تفسير ما حدث . بالتحديد سنحتاج إلى علم الأعصاب وبأكثر دقة مرحبا بك داخل عقلك .
ما حدث أنه عندما اختار الجميع الاختيار الأول تحرك جزء صغير من عقلك يسمى ب "ACC" أو القشرة الحزامية الأمامية وهى منطقة في عقلك تشبه الطوق أو الحزام لها دور في " اتخاذ القرار " .. ما حدث أنها تحركت بسرعة عندما رأت أنك تخالف الجميع وستختار اختيارفردى وأرسلت إليك رسالة " عزيزى مالك هذا العقل لقد اقترفت خطأ شاسعا بمعارضة الجماعة . كيف لك أن تفعل هذا ؟؟ هل تظن نفسك أذكى من الجميع ؟؟ قم بتعديل اختيارك حالا ليوافق الجميع وإلا ......"
لا داعى للتهديد عزيزتي بالتأكيد سيوافق على الأقل 85% من الناس على رأى القطيع . الغريب في كل هذا أنه مع بعض التلميحات قد تتخيل نفسك تعيش كظل لكيان أكبر أو ظل لشخص ما .. مجرد فرد يعيش في القطيع أفكاره قد لا تكون أفكاره وحياته ما هي إلا نظام لا يجب مخالفته . مجرد قالب كما قالب أرسطو . قالب لا بد من أن يطابقه ومعيار لابد أن يحتذى به ولكن كيف التحرر ؟؟ كيف السبيل إلى أن تكون أنت ؟؟
-
Ahmed Shreifمجرد شخص يعيش ويتعايش
التعليقات
ولكن بالممارسة على مخالفة الآخر في الرأي والتمسك بفكرنا الخاص سنتحرر من لعنة الآخر.
في ديننا ندعو دعاء لا نعرف معناه وهو "ناصيتي بيدك ماضِ فيّ حكمك" ، العلم فسرها أن مكان اتخاذ القرارات في المخ من خير أو شر مقدمة الرأس وهي تشكل مساحة كبيرة من المخ.
صدقََا أصبت كاتبنا الفاضل... فـ شكرََا لك.
لا ..لا. ...عبر عن رايك .. بكل قوة ..
فاحيانا يكون رأيك انت النابع من تفكير عميق حيال موضوع ما ...هو عين الصواب .. وليس دائما موافق للجميع ...ومن هنا ياتي الابداع في بعض القضايا ..
وليس قاعدة ولا شرطا... ان تتبع الجميع في كل شئ
فلا تكون فقط ....مجرد شخص يعيش ويتعايش بل ابدى رايك بحكمة وادب ...
دام قلمك...
تطرقت أيضا لظاهرة الكليشهات..ولخصتها في جملة معبرة..فأنا مثلا ضد المثلية فعندما عرفت أنه مثلى أيقنت مباشرة أنه لا بد أنه على خطأ رغم أنه بقليل من التحرر من " عقلية القطيع " ستجد أنه على حق .. كيف هذا ؟ .مقال ممتاز..ننتظرالمزيد من مقالاتك