مقهى هولييود..ممر الشريف
قصة وربما عبرة
نشر في 05 أبريل 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
قبيل المساء،إلتقيا صدفة بمقهى هولييود بممر الشريف بالرباط، تعانقا بحرارة ،رغم ان حدود معرفة أحدهما بالآخر لا تتجاوز بضع لقاء ات بالصدفة في ذات المقهى و بضع كتب تبادلاها كما ان فارق السن بينهما اربعون سنة،لكن كان القاسم المشترك بينهما هو حب الهدوء و عشق لا منتهي للقهوة.
العجوز: لقد غبت طويلا لم المحك بالجوار منذ مدة.كيف هي احوالك؟
الفتى: (وقد اشعل سيجارة) بخير ،مجرد انشغالات جعلتني انقطع عن المقهى.وانت؟
العجوز: بخير كذلك ،استمتع بحياة العزوبية في سن الستين،قل لي انت هل اصلحت حالك مع ساكنة القصائد؟
الفتى: (مقهقها) كلا ،لقد تزوجت!!
العجوز: اولم تقل انها ،ستكافح معك ؟
الفتى: وهل ياعم كل ما يقال،يفعل؟ طبعا الجواب لا !!
العجوز: غريب امركم يا شباب اليوم ،لا العهد تحفظون و لا للصبر تقيمون وزنا.هل بلغ السواد هذا الحد؟ اين الصدق؟
الفتى: وهل كان موجودا ياعم؟ ليس الخلل في هذا الجيل او الامتياز في الذي سبقه، كل ماهنالك ان النظر للامور صار اكثر سطحية،حتى المشاعر والافعال والاقوال تأثرت بعصر السرعة، فيقال القول دون رشد،ويطلق العنان للشعور دون نظر،لتكون الافعال دونما منطق ، اي صدق ليوجد بمنظومة مختلة كهذه ،وإن وجد فسيكون مختلا !
العجوز: هذا جلي،اختل القياس فكان منطقيا ان يسقط الحكم ،وهذا حال الصورة العامة للمجتمع،تناقضات بصورة المتوافقات ،تقدس الصورة اكثر من المضمون، تخلفنا و بررنا ذلك بالتآمر علينا وهل بلغنا اصلا ما نحسد عليه ؟ لا ادري.
الفتى: هنالك جانب من التفاهة يحكم الامور،يهدر الوقت عبثا و يمنى بغذ افضل ،وهل يبنى الافضل غذا في حاضر من سيء لأسوء؟ حين لا تكون الافعال على قدر العظام من الاقوال،حين يغيب حسن الظن بين الخلق،حين لا يكلل الهدف و الحلم بالعمل البناء و الشغف،حين تكون الماديات اسمى فوق الروحانيات ،حين تفقد الكلمة مكنونها وحين يسقط تاج العقل عن النظر للامور ...فتوقع ! بل اقبل العيش في مجتمع كهذا ! على الاقل ظاهريا ،وحاول ان تحيى بنسق الاستثناء الذي تريده في ذاتك اولا بعيدا عن رؤيته في الاخرين و الوقود في هذا صبر واجتهاد ،ونبراس امل تستقيه من الصعاب ومناورتها وجرعة واحدة من القهوة و الاخلاص تكفي.
العجوز: كأني الفتى ،وانت العجوز.
الفتى : المسألة لها قياس وحيد، المنطق و الواقع حين يعملان جنبا الى جنب فيصقل الاول وتبنى نظرة اجمل للحياة،لتجعل الثاني اكثر عمقا وصدقا.
العجوز: وما انت فاعل؟
الفتى:سأ ستمتع بحياة العزوبية في سن الستين و ساصادق شابا في عمر العشرين ،لابقي فكري اكثر شبابا.اما القصائد فبعضها يبقى و غيرها ينسى، و لا يبق غير القلم حين يخلد مداده بميدان الاوراق........