من السذاجة التسليم بسقوط تجربة العدالة والتنمية. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

من السذاجة التسليم بسقوط تجربة العدالة والتنمية.

  نشر في 16 مارس 2017 .

إغلاق قوس الإسلاميين بالمغرب لن يتطلب أكثر من قرار بسيط من القصر وتنتهي الأمور، وذلك إسوة بما حدث مع تجربة السيد عبد الرحمان اليوسفي خلال حكومة التناوب، على الأقل هذا ما يعتقد به الكثيرون ويتمنوه، بل هناك من ذهب أبعد من ذلك واعتبر قرار الملك الأخير بإعفاء السيد عبد الإله بنكيران من مهمة تشكيل الحكومة هو بمثابة بداية نهاية التجربة وبالتالي إغلاق قوس الإصلاح ومعه قوس التجربة الحالية بمرة.

من السذاجة الاعتقاد والتسليم أن الأمور تسير بهذه البساطة فعلا، ويا ليث لو كانت الأمور بهذا الشكل والسهولة، على الأقل حينها لن نكون أسيري هذه الهجينية في النظام وتعدد أضلعه ومختبرات القرارات داخله حتى أصبح كل مربع داخل السلط يسوس بسياسته الخاصة وأصبح كل يتغنى بليلاه.

ما لا يريد البعض استيعابه والإقرار به هو العدالة والتنمية ليست مجرد حزب فقط كما أن بنكيران ليس هو كل المشكل كما أن لا أخنوش أو العماري أو أي من الواجهات الإعلامية للأحزاب هي كذلك.

حزب العدالة والتنمية هو تعبير عن كتلة وفئة مجتمعية عريضة قبل أن تكون مجرد حزب أو حركة عادية، وحزب العدالة والتنمية هو مشروع سياسي ومجتمعي ليس فقط صعب التجاوز بل يستحيل معه الأمر أصلا، فهو الرقم الأصعب حاليا، فوجوده في الحكومة مكلف لأطراف عديدة لكن وجوده خارجها أكثر وأعلى تكلفة بكثير من ذبك، والقصر يعرف ذلك جيدا.

و لو كان الأمر غير هكذا لما سمح لهم بالاستمرار كل هذه المدة رغم أن هناك محطات وفرص أكبر بكثير من الفرصة الحالية، كان يمكن فيها نزع المفاتيح من السيد بنكيران.

القصر يعي ويستوعب جيدا هذا الأمر، نباهة وتعقل النظام السياسي في المغرب مكنت البلد من تجنب الأسوأ، فالقصر على اعتباره لا يزال هو المسيطر والضابط لكل الأمور في الدولة، وبالتالي فلن يغامر بالقيام بهذه الخطوة المحفوفة جدا بالمخاطر، فدرايته الكبيرة بأصول الحكم الداخلية علمته أن اشتغال الإسلاميين تحت سلطته وضمن الإطار الذي يحدده هو نفسه، أفضل ألف مرة من لعبهم خارج ذلك الإطار.

فبغض النظر عن العملية الانتخابية الأخيرة، وما أسفرت عنها من نتائج بوأت العدالة والتنمية المرتبة الأولى لثاني مرة على التوالي، وبغض النظر عن قرار إقالة بنكيران من مهمة تولية تشكيل الحكومة فإن علاقة القصر و"الإسلاميين" تحكمها عوامل متشابكة وبالغة التعقيد، أكبر بكثير من العملية الانتخابية وحتى من نتائجها، وإن كان المعطى الثابت إلى حد الآن هو أن كلا الطرفين لا يزال بحاجة للثاني.

فالقصر يعرف أكثر من غيره أن إسقاط الحكومة الحالية بطريقة –ملتوية- يعني أن الاحتقان واليأس التام من أي تغيير سيكون هو السمة والقناعة التي ستعتلي فئات عريضة وواسعة من الشعب والتي ستضاف إلى تلك الفئات اليائسة أصلا والفاقدة لأمل التغيير أصلا في الوقت الحالي.

فالشارع يمكن أن يلتهب من جديد في أي لحظة، (مادام الإحتجاج هو الأصل والاستقرار هو الاستثناء) لكن الأخطر هذه المرة، أن من سيخرج للتظاهر لن يطالب بالتغيير كما كان عليه الحال من قبل، حيث لم ترفع شعارات لإسقاط النظام إلا في حالات معزولة جدا ، لكن هذه المرة لو تم الأمر بالشكل الذي ذكرنا، فمن سيخرج للشارع فسيطالب ب"التحول" بدل "التغيير"، أي بمعنى آخر وقوع أسوأ سيناريوهات النظام وما يعنيه ذلك من فقدان الثقة بأي إصلاح داخل النظام القائم، خاصة وأن العدل والإحسان -العدو اللدود- للنظام كانت أكبر الرابحين من إدماج معارضة السابق في منظومة الحكم (اليسار، والعدالة والتنمية)، حيث أصبحت الآن المعارض الأقوى للنظام، وهو ما سيؤهلها للعب أدوار طلائعية في المستقبل، إذ أي محاولة لاحتوائها سيعني لا محال إرغام النظام على تقديم تنازلات "مؤلمة للغاية" إذا ما أراد الإبقاء في نفس موقعه.

فالنظام ليس فكل ذلك الغباء الذي يقامر بهذا الأمر، كما أن العدالة والتنمية ومؤسساته بالسذاجة التي تجعلهم يضحون بكل شيء تم بناؤه لقرار لا يزال يمنحهم نفس الموقع الذي هم فيه حاليا.


  • 1

   نشر في 16 مارس 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا