سخرية القدر
هي الدنيا كما شاهدتها دول
نشر في 14 شتنبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لن أخوض في إذا كان هناك خلاف بين الحوثي وصالح فهو موجود وستفوح رائحته بالعلن لا محال حتى لو تأخر بعض الوقت، فالأتفاق الأكبر بينهم أساس حلفهم هو تدمير ما تبقى من اليمن بعد حكم صالح
ولكن ما شد انتباهي في مقابلة صالح الأخيرة " أرساله الرسائل إلى زعيم الحوثيين يشرح به مضمون المهرجان الذي أقامه في 24 اغسطس في ذكرى تأسيس حزبه ويستجدي الأذن، فأتاه الرد في رسالة أن لا مشكلة وعلى بركة الله"
علي عبد الله صالح ذلك الرجل الحديدي الجاثم على العرش في قصره بصنعاء يأتيه خبر أن هناك مسيرة ستخرج في مدينة الحبيلين أو في عدن أو بأي مدينة أخرى أو حتى تجمع في قرية بعيدة نائية تُطالب بحق من الحقوق المسلوبة فيأمر بقمعها وتفريقها فوراً وسجن المنظمين والتنكيل بالمشاركين وليس هناك مشكلة في القتل!
علي عبدالله صالح صورة الرجل الحديدي الذي أُلفت من أجله المجلدات أثناء حكمه وتجندت لتاريخه شياطين الشعر والشعراء وغنى بأسمه المطربين على المسارح والشاشات حتى غرته نفسه فَخُيل له أنه أله فعذب من شاء وهم شعب وأغرق من شاء في نعيمة، يستجدي أذناً لإقامة مهرجان لحزبه، العجيب كيف استطاع خداع اليمنيين بتلك الهيبة المصطنعة وذلك المضمون الهش فأرهب الشعبين في الشمال والجنوب طيلة ثلاثة عقود وأكثر.
قال المعتمد بن عباد بعد أن عزل عن حكم أشبيلية ونُفي إلى إغمات بالمغرب عام 1091م :
وقد حكمت على الأقوام في صلفٍ
فردك الدهر منهياً ومأمورا
من بات بعدك في مُلكٍ يسر به
أو بات يهنأ باللذات مسرورا
ولم تعظه عوادي الدهر إذ وقعت
فإنما بات في الأحلام مغرورا.
لا أقارن بين المعتمد رحمه الله وبين صالح إذ لا مجال للمقارنة إلا سخرية القدر فللمعتمد مواقف عديدة في الشجاعة والنبل وحتى في اللغة والأدب، ولو أورد التاريخ من سيرته فقط مقولة " خيراً لي أن أرعى الأبل في المغرب من رعي الخنازير في قشتالة" لكفاه.
فأين علي عبدالله صالح من ذلك ولكن الزمن لا يرحم وقد أرانا الله فيه ما كنا حتى لنحلم برؤيته فقد جعل اليمن وكأنها مزرعته الخاصة وحكم البلاد وعائلته ومن رضوا على أنفسهم الهوان فألهوه ولم يكونوا يوماً من الشعب إذ ليس مأكلهم ولا ملبسهم ولا مساكنهم ولا حتى هوائهم ذاك الهواء الذي يتنفسه الشعب فيأتي وقد دارت عليه الدائرة فيقول أنا كنت واحد من الشعب لا أدري عن أي شعب يتحدث وعن أي مواطن هو إذ ليس هناك أي تشابه بينه وبين عامة الشعب المغلوب على أمره وقد ختم مسيرته الديكتاتورية بتحالفه مع الحوثيين المدعيين الإمامة والوصاية على كافة الناس عناداً وكبراً على الشعب الذي قال له أرحل بعد أن ضاقت عليه الأرض بما رحبت.
فسبحان من يغير ولا يتغير
-
محمد سيف جيوبجسدي يعيش بأرضٍ والفؤاد ومالكيه بأرض. من جنوب اليمن تحديداً من منطقة ردفان ( ردفان الثورة كما تعرف تاريخياً ) مقيم في الرياض.