الإسلام دين ودولة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الإسلام دين ودولة

((البحث والإحياء حضارة الإسلام في العصر الحديث))

  نشر في 14 مارس 2016 .

لقد بعث الله رسوله (ص) على الناس وهم في ظلمات الجهل والشرك، فشت فيهم الأمية وبلغت في أوج مساوئها اللا أخلاقية من الصفات الدنيئة والخبيثة، كوأد البنات وهن أحياء خشية العار والعيب وشرب الخمر ولعب الميسر وإثارة نار الفتنة ونشوب الحروب فيما بينهم بأتفه الأسباب. وكانوا يقدسون الأصنام المصنوعة من الخشب وكانوا يتمرقون في أوحال الشرك ويعبدون اللات والعزى ومناة و يتبركون من الأوثان والأشجار ويعلقون سيوفهم ويتبركون بها كشجرة ذات أنواط المشهورة في التاريخ.

ظهر نور الحق وسط هذه الأمة العمياء بعبادة الأوثان، وكان في الكعبة ثلاث مئة وستين صنما متعددي الأغراض، فسطع نور الإسلام بين هؤلاء، ودعا رسول الله البشرية إلى التوحيد والإسلام، وتصدى له الناس وعارضوه أشد الإعراض، قائلين (أجعل آلهتنا إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب) وواجه كفار مكة الإسلام ونبيه بالسب والشتم، وتعرضوا له ولأبنائه وبناته وأتباعه بالعذاب والنكال، وداقوه مرارة الجوع وشطف العيش في شعاب مكة حتى أكلوا أوراق الأشجار هو وقومه قرابة ثلاثة سنين. حيث عوقب بالرسول وقومه بالحصار الكامل، منعوه من الطعام والشراب والبيع والشراء والزواج، ولم ييأس الرسول، وكان يدعوهم ليلا ونهارا، ويعرض لهم الدين أفراد وجماعات، وهم في أسواقهم يشترون ويبتاعون وكانوا يستهزؤون به ويقولون ((وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا)). ولم يؤمنوه، وكذبوه وجحدوه وما آمن معه إلا قليل من أقاربه وأصدقائه، منهم خديجة من أهله وعلي من أقاربه وأبو بكر من أصدقائه، فقد حسن إسلامهم جميعا وأبلوا بلاء حسنا في نصرة الحق، فقد كانت خديجة تؤانسه وتواسيه وتنفق عليه مالها في سبيل إبلاغ الدين إلى البشرية الجمعاء، وكان علي فتى لم يناهز الحلم وكان شجاعا، فقد بات في سريره ليلة الهجرة العصيبة، وكان للنبي بمنزلة هارون لموسى، حين ذهب موسى لمناجاة ربه، وقد تولى علي على إعادة الأمانات والودائع إلى أهلها، أما أبو بكر فقد كان كنزا من الكنوز التي وهبها الله لرسوله (ص)، وكان لعذب حديثه وسعة علمه بتاريخ العرب وأشعارهم أثرا بالغا في محبة الناس له وإجتماعهم عنده، خاصة الأشراف والتجار والشباب، وعلى يده أسلم ستة من الصحابة الأجلاء المبشرين بالجنة، واعتنقوا الإسلام بدعوة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، منهم الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن جراح، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، والباقون من كبار الصحابة كعثمان بن مطعون وأرقم بن الأرقم وأبو سلمة بن عبد الأسد هؤلاء هم الذين قامت على أكتافهم دعوة الإسلام.

إعلم أيها القارئ الكريم إن هذا الدين الذي ننعم به، ونعيش بين جوانحه وجنباته، قد مر في مرحلتين أساسيتين: هما الدعوة السرية والدعوة الجهرية فدعوة السرية تتمثل عرض الدعوة على الأقارب والأصدقاء الذين يثق بهم الرسول برجاحة عقولهم وصواب رأيهم وسلامة نفوسهم من الحقد والعنصرية والقبلية من عشيرته المقربين بأمر من الله بقوله (وأنذر عشيرتك الأقربين) وقد تمخضت عنها بأن أسلم من من سبق ذكرهم في الصفحات السابقة وكانوا حجر الأساس لنشر الإسلام وولادة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة أما في الدعوة الجهرية فقد أمر الله رسوله بصدع الحق وإعلان الإسلام فقد صعد النبي (ص) جبل صفا وصرخ بأعلى صوته يا معشر قريش متمثلا بقوله تعالى (فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) ونادى لقومه واجتمعوا له وعرض لهم الإسلام وأنذرهم من عذاب فقالت صناديدهم تبا لك يا محمد ألهذا جمعتنا وانصرفوا بخيبة أمل ولاذو بالفرار عن الحق فالويل والسحق والتب لهؤلاء فقد خابوا وخسروا خسرانا مبينا وبعد ذالك وإثر هذا الإجتماع الذي صدع الله الحق فيه فقد بدأت المعاناة لنبيه والإضظهاد للصحابة فقد بدأت قريش تذيق صنوف العذاب لأتباع الحق والإسلام وحين إشتد عليهم الأمر رخص لهم بالهجرة إلى أرض الحبشة وكان يحكمها ملك عادل لا يظلم عنده أحد فهاجروا إليها بالدفعتين وبقي الرسول (ص) وصاحبه في مكة المكرمة ينشرون الحق لا يخافون لومة لائم وقد لقيا أذى كثيرا من هؤلاء فأذن لنبيه الهجرة إلى المدينة المنورة فقد هاجر إليها برفقة صاحبه أبي بكر بعد أن تعهدت الأنصار بالحفظ والرعاية للمبعوث رحمة للعالمين فقد أسلم منهم جماعات كثيرة والرسول في مكة المكرمة ونشروا الإسلام في ربوع المدينة حتى صارت حاضنة الإسلام وأصبح أهلها حماة الحق ومن هنا أشاد القران دورهم في نصرة الحق بقوله (والذين تبوؤو الدار والإيمان يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتو ويؤثرون أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) وفي وصفهم وإشارة من الرسول يقول فيهم (نصرت بالشباب حين خدلني الشيوخ)فقد خرج من هذا المجتمع المدني شباب شمروا عن سواعد الجد وشدوا مآزرهم وواصلوا كلال النهار بكلال ألليل لظهور الإسلام وولادة دولة إسلامية عاصمتها المدينة المنورة فأصبحت يثرب وطيبة أول عاصمة للإسلام وكان أول سفير فيها الفتى القريشي مصعب بن عمير رضي الله عنه تأسست الدولة الإسلامية بقيادة رسول الله (ص) وأصبح للإسلام شأن وهيبة بين الشعوب القاطنة هناك من الأعراب واليهود ودخل الناس في دين الله أفواجا واستتب الأمن بين المسلمين وسادت روح الأخوة والتآزر بينهم وتم تأسيس أركان دولة الإسلام في تجييش الجيوش وإقامة العدل والأمن بين السكان وفتح المقرات والمراكز لفض منازعاتهم ومخاصماتهم وكان الرسول يتولى ذالك بنفسه والصحابة الكرام من بعده واتسعت رقعة الدولة الإسلامية في عهده (ص)فقد فتحت القرى والمدن كان الشرك قد عشعش عليها وخربها في زمن طويل وفي العام الثامن للهجرة مني المسلمين بالفتح العظيم فقد دخلوا مكة مهبط الوحي بدون قتال نعمة من الله وفضلا منهم وفتحوها فتحا مبينا بقيادة جيش لجب قادها الرسول إلى أوكار الشرك دانت لهم النفوس العصية وجاؤو إليه مطأطئي الرؤوس يجرون أذيال الهزيمة النكراء طالبين العفو والغفران لهم فقد وقف لهم الرسول خطيبا قائلا (ما أنا فاعل بكم يا أهل مكة قالوا له أخ كريم وابن أخ كريم فقال لهم اذهبوا فانتم الطلقاء لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم) فذهبوا صامتين فسموا بالطلقاء

ولم يهنأ لهم العيش والبقاء في مكة ودنيا الناس لم تتطهر من ادران الشرك فولوا وجوههم شطر الطائف مملكة قبيلتي هوازن وثقيف التي وقفت أمام الحق أيام عنفوان شبابه وسار النبي (ص) في جنح الظلام بالجيش الجرار نحوها وبعد معركة كر وفر حظي المسلمون بالنصر المؤزر وغنموا منهم الغنائم فاقت الحسبان

وخضعت جزيرة العرب وبلاد الحجاز لحكم الدولة الإسلامية ثم بدأ الرسول (ص) توطيد العلاقات بين جيرانه فأرسل وفودا للدول المجاورة فقد بعث وفدا إلى الروم وآخر إلى الفرس وأرسل رسلا إلى أرض الحبشة التي استقبلت الإسلام منذ حداثة عهده ووجد فيها المسلمون الخير والاطمئنان والحياة الكريمة برئاسة ملكها النجاشي فقد رحب الوفد بقلب خالص وفتح لهم الأبواب وبعد هذه البعثات الدينية والتي كانت بمثابة ايذانا لطهور الإسلام في هذه البقاع النائية التي كانت تصيطر العالم في ذالك الوقت ولا تزال تنعم بالإسلام في هذا اليوم بفضل هذا الفكر الراقي صاحبته جهود جبارة من الصحابة الكرام وبعد هذا العهد المجيد بدأ من عهد النبوة الذي انتشر فيه الإسلام بالدعوة وكانت رسائلهم إلى الملوك والعرض لهم الإسلام قبل القتال خير دليل أن الإسلام لم ينتشر بالسيف كما يردده بعض ضعاف العقول بل انتشر بالعدل والعلم والأخلاق وكان الرسول (ص) القائد الفذ والبطل الهمام الذي وضع قانون القتال ووضح للناس المثل العليا والأخلاق السامية في معاملة أهل الحرب وبين ذالك بقوله عند توصية قواته (لا تقتلوا إمراة ولا طفلا رضيعا ولا شيخا مسنا ولا تقطعوا شجرة ولا تدمروا الكنائس ولا تحرقوا المزارع والضيعة ولا تتلفوا الممتلكات العامة والخاصة وغيرها من الوصايا المجيدة ) فديننا الحنيف ينبذ العنف والغطرسة والعنصرية والإستبداد ويراعي حقوق العباد والبلاد وقد بعث الرسول ليتمم مكارم الأخلاق هكذا انتشر الإسلام في المشرق والمغرب في زمن الصحابة والتابعين وهكذا وصلت دولة الإسلام من المدينة إلى بلاد السند وما وراء النهر وسمرقند في حدود الصين شرقا ومن المدينة المنورة إلى بلاد الأندلس (اسبانيا) غربا ومن ارض الحجاز إلى حدود اسطنبول شمالا هكذا اتسعت مساحتها وشارفت حدودها إلى الصين شرقا والى فرنسا غربا وعاش فيها المسلمون في ظلها حياة كريمة وعيشا رغيدا انعدم فيها الفقر ولم يعثر أحد يتسلم الزكاة فقد استغنى عنها الجميع وشارك فيها الحيوان في هذا النعيم وأخذ قسطه وقسمه فوق قمم الجبال في عهد عمر بن عبد العزيز الخامس الخلفاء الراشدين الذي ملأ الكون علما وعدلا وزهدا وأصبح الذين كانوا يقتلون أبناءهم سفها بغير علم أصبحوا قادة العالم وسادة الأمة حين شربوا من معين القران ونهجوا منهج النبوة وعاشوا أعزاء وماتوا كرماء شرفاء 



  • المنتصر بالله
    أنا اسمي المنتصر بالله عندي أربعة أطفال أجتهد في عملي وأقوم بتدريس أولادي في المساء
   نشر في 14 مارس 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا