كن أنت

الله سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة في اختلاف البشر ولو شاء لجعلهم أمة واحدة، قال تعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ) وهذه هي طبيعة البشرية لقيام الساعة كل إنسان مختلف عن الآخر في كل شئ من الشكل والفكر والمبادئ والصفات وأعطى الله كل واحد من البشر قدرات ومواهب ومنع عن آخرين، ووسع على إنسان وضيق على آخر وأكرم بالإيمان بشر وعذب بالكفر آخرين فله الحكمة ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

فعندما خلقك الله مختلف عن كل الكائنات وتأتي أنت لتقلد غيرك وتتقمص شخصيته وصورته ومشيته وملابسه ونبرة صوته وأفعاله كلها، كالذي يغير خلق الله ويبدل خلق الله فلم يجعلك الله مختلفًاً عن كل البشر لفراغ ولكن لحكمة كبيرة، فإذا غيرت ما خلقك الله عليه وقعت في معصية فضلاً عن النفور والملل من الناس فالنسخ الكثيرة من البشر تميل إلى النفور وعدم الاحترام.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا ) هذا الحديث الذي ضعف إسناده الشيخ الألباني رحمه الله، لكن يصح معناه بمعنى ألا تكون غيرك كن أنت نفسك بشخصيتك التي وهبك الله إياها لا تكن تابع لأحد فكر قبل أن تتبع أي شخص اجعل لديك شخصية مستقلة وذا رأي صائب، فإن قالوا الناس حسن فقل حسن وإن قالوا سيئ فلا تقل مثلهم وغير المنكر في أي وقت تكون موجود فيه وقول الحق دائمًا لا تكون ذا الوجهين تقول الحق مع الضعيف وتصمت عند القوي، لا تكن غير نفسك ولا تفكر بعقلية غيرك ولا تقلد تقليدًا أعمى. كن أنت نفسك صوتك كما وهبك الله، شكلك كما خلقه الله أفكارك مبادئك لا تتغير ولا تتلون، وانظر إلى من تقلده فهو بشر مثلك ولكنه لم يقلد أحد، سواء ما يفعله صح أم خطأ كان هو نفسه فأصبحت أنت يا ضعيف تقلده، فثق بنفسك وبقدراتك وارضى بما كتبه الله لك واحمده عليها، وحاول أن تطور من نفسك بدل التقليد الشكلي والفراغ الداخلي فالذي تقلده قد تكون أنت تمتلك مهارات وقدرات أفضل منه ولكنك لا تفتش عنها.

فحاول اكتشاف نفسك من جديد وكن أنت كما خلقك الله...

قال ابن مسعود رضي الله عنه ( ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً إن آمن آمن وإن كفر كفر ، فإنه لا أسوة في الشر ) وهذا معنى وإن أساءوا فلا تظلموا، وخطر التقليد لا يقتصر على الفرد فقط بل أصبح ممتد بين الفئات العمرية والمجتمعات، تجد البنات والشباب تقلد بعض تقليدًا أعمى دون تفكير ودون أحلال أم حرام هل يضر أم لا.

وانظر إلى السابقين عندما دعوا إلى الاسلام قالوا هذا ما وجدنا عليه آباءنا عاكفين فقد كانوا هم وآبائهم في ضلال مبين، وقلدوا غيرهم وآبائهم فأصبحوا كافرين مثلهم وماتوا على الكفر وهذا أمر خطير أن تقلد غيرك دون أن تفكر هل هذا صحيح أم لا.

وتذكر لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلا تقلد دون تفكير واجعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قدوتك في كل شئ...

وإلى لقاء آخر بإذن الله

momenms@gmail.com

https://www.facebook.com/pro.momenms