-بينما كنت أستمع الى الجزء الأول من سورة البقرة بصوت الشيخ الراحلعبد الباسط عبد الصمد الشدي اذا بي أنطلق في ساحات من التفكير عن علاقتنا بهذا الكتاب و عن ما يكتسي هذه العلاقة من تضعضع و ضعف ,وأنا أعرف من خلال قرائتي عن تطرق مجموعة من المفكرين لهذه العلاقة و عن ضعف المسلمين المترتب و الناتج عن ضعف هذه العلاقة.
-قلت أن المشكلة (مشكلة تخلفنا و انحطاطنا أمام الأمم و غياب التمكين عموما) انما سببه الأكبر اللذي تتشعب عنه باقي الأسباب هو علاقتنا بهذا الكتاب اللذي يعتبر المصدر الأول للتشريع الإسلامي و المصدر الأول للتصور الإسلامي للعالم و يتجلى ضعف هذه العلاقة و الارتباط في القراءة المجردة له دون تدبر و دون استحضار لمعنى (قرائته كأنما أنزل عليك) فلو قرأ واحد من كل عشرة مسلمين فقط القران بقلب خاشع صادق مصدق , مؤمن أن هذا الكلام هو كلام رب الأرباب الجبار ذي القوة المتين اللذي يعلم خائنة الأعين لكان الوضع مختلفا كل لإختلاف فما كنا لنرى ضلما فهو اللذي يقول «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا» و لم نكن لنرى قنوطا و انهزاما فهو اللذي يقول«وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍۢ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلْأَبْصَٰرُ » و لم نكن لنرى كثيرا من الرذائل المنتشرة اليوم في مجتمعات المسلمين واللتي نص القران على جزاء مرتكبها الشديد .
-فالقران للمتدبر العاقل المتبصر ليس مجرد كتاب تتلى بعض من اياته عند القبور و في المساجد في رمضان و في الصلوات التي(يعد غياب الخشوع فيها كذلك من أخطر المشكلات) بل القران بالنسبة له منهاج حياة و مصباح ينير الطريق في ظلمات الحياة الدامسة و حلا لكل مشاكله الروحية منها و المادية و مشكل تحكيم الشرع ينبغي أن تفرد له مقالة لوحده فهذه انما تعتني بالجانب الايماني الروحي للمسألة و الأصح أنها هي الأصل فان هذا الوعي الايماني الفردي سينتقل الى المجتمع و منه الى التأثير في الواقع و الوضع السياسي .
-هذه كانت مجرد اشراقات و اطلالات على هذا الموضوع المركزي اذ لطالما كانت علاقة المسلمين مع القران هي المحرك وهي المحدد لوضعهم في العالم و في التاريخ.
-
يوسف بن أيوبمهتم بالقضايا الفكرية و السياسية .