المحاماة وعقدة الشريعة والقانون
قانون المحاماة يُقصي طلاب الشريعة والقانون من المحاماة
نشر في 30 يوليوز 2015 .
المحاماة وعقدة الشريعة والقانون
بصدور القانون 13 – 07 المؤرخ في 29 أكتوبر 2013؛ الذي يتضمن تنظيم مهنة المحاماة، يكون المشرع الجزائري قد حسم إشكالية حق طلاب الشريعة والقانون في الالتحاق بالتكوين لنيل شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة (CAPA) من عدمه؛ حيث اشترط على من يترشّح لهذا التكوين: "أن يكون حائزا على شهادة الليسانس في الحقوق أو شهادة معادلة لها". طبقا لنص المادة 34/ 2.
وجاء التأكيد على ذلك في نص المادة 3/ 2 من القرار الوزاري المشترك الممضي في 12 مارس 2015؛ الذي يُحدّد كيفيات فتح مسابقة الالتحاق بالتكوين للحصول على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة وتنظيمها وسيرها وكذا عدد الاختبارات وطبيعتها ومدتها ومعاملها وبرنامجها وتشكيلة لجنة المسابقة ومعدل القبول؛ بالقول: "يجب أن تتوفر في كل مترشح الشروط الآتية: - وعدّ منها- أن يكون حائزا على شهادة الليسانس في الحقوق أو شهادة معادلة لها".
تصريحٌ بالإقصاء..
إذا بات من الواضح أن طالب تخصص الشريعة والقانون في كليات وجامعات العلوم الإسلامية محروم من فرصة التكوين في ميدان المحاماة، وعلى ضوء هذا النص القانوني لا يملك أيّ أمل في هذا التكوين إلا في حالتين:
الحالة الأول: إمكانية تعديل شروط الالتحاق بالتكوين في المحاماة؛ والذي يتطلّب تدخل سلطة التشريع المخوّلة بالتعديل. لكن على فرض احتمال وقوع التعديل إلا أنه يبقى احتمالا مُستبعدا.
الحالة الثانية: معادلة شهادة الليسانس في العلوم الإسلامية – تخصص شريعة وقانون – بشهادة الليسانس في الحقوق؛ وهذا أيضا احتمال مُستبعد للتعليل الذي مرّ معنا في الفرض الأول.
لكن يُبرّره أيضا وبشكل أوضح: الإجابة على سؤال نطرحه هنا: ما المقصود بالمعادلة ؟، ثم ما هي الشهادات التي يمكن مُعادلتها بشهادة الليسانس حقوق أو علوم قانونية ؟،
بداية يُقصد بالمعادلة (équivalence): الإجراء الإداري الذي بموجبه يتمّ الاعتراف بالشهادة الجامعية الأجنبية (ليسانس، ماجستير، دكتوراه) التي يتحصل عليها الطالب من أيّة جامعة من خارج الجزائر، ومساواتها بما يُقابلها ويُناسبها من الشهادات الوطنية. هذا عن جواب السؤال الأول.
بالنسبة للسؤال الثاني جوابه نستخلصه من جواب السؤال السابق؛ فموضوع المعادلة: التسوية الإدارية لشهادة صادرة من مؤسسة جامعية أجنبية بما يُقابلها من الشهادات الجامعية الجزائرية التي تُصدرها مؤسسات التعليم العالي في الجزائر، وهذا يُؤكده المنشور (circulaire) رقم 3 مؤرخ في 7 نوفمبر 2009.
وعليه فإن المعادلة كإجراء إداري لا يُثار إلا بشأن الشهادات التي يتحصل عليها الطالب من إحدى مؤسسات التعليم العالي من خارج الجزائر، وهذا صريح على إسقاط شهادة الليسانس علوم إسلامية تخصص شريعة وقانون من قائمة الشهادات الجامعية المعنية بالمعادلة؛ لأن هذه الشهادة وطنية تمنحها جامعات وكليات االشريعة الإسلامية المعتمدة رسميا في الجزائر، ومن ثمّ فهي لا تحتاج إلى معادلتها بالشهادات الجامعية الوطنية، وهو صريح أيضا على إقصاء حاملي هذه الشهادة من الالتحاق بالتكوين في مهنة المحاماة.
تبرير غير مُقنع للإقصاء
لكن السؤال الأهم لماذا هذا الإقصاء ؟. ولتكن الإجابة على ذلك من خلال ما يُثار بشأن خرّيجي الشريعة والقانون من انتقاص لتكوينهم وتقليل من قيمة شهادتهم.
للأسف يُعتب على بعض الزملاء الأساتذة المتخصصين في القانون تحديدا عدم اعترافهم بقدرة حامل شهادة الشريعة والقانون على امتهان مهنة المحاماة، والتصدي للدفاع عن حقوق الأبرياء، والمساهمة في إرساء قواعد العدالة وتعزيز وتكريس دولة الحق والقانون.
غاب عن هؤلاء ومن على ديدنهم وشاكلتهم أن التكوين الذي يخضع له الطالب في تخصص الشريعة والقانون في مرحلة التدرج ومرحلة الدراسات العليا تكوين نوعي ذو طابع مُزدوج (شرعي وقانوني)؛ من خلاله يتلقى الطالب جملة من المقاييس القانونية بالموازاة مع تلقيه مقاييس أخرى شرعية.
إذن هو يملك الأرضية المعرفية القانونية التي تسمح له بالتدرج في التكوين الخاص بمهنة المحاماة. فلا حجة بعد ذلك لهؤلاء وغيرهم في إقصاء طلاب الشريعة والقانون وتهميشهم والتقليل من القيمة العلمية والأكاديمية لتخصصهم؛ إلا إذا كان من وارء هذا الإقصاء التسييس بدعوى إبعاد العدالة من يد الإسلام السياسي كما يتوهمون. والسؤال: ومتى كان تخصص الشريعة والقانون مذهبا أو حزبا سياسيا، إنْ هُوَ إلا تخصص أكاديمي جامعي لا غير؟ !.
د/ عبد المنعم نعيمي.
كلية الحقوق- جامعة الجزائر 1.
-
عبد المنعم نعيميوما من كاتبٍ إلا سيفنى *** ويُبقي الدَّهرَ ما كتبت يداهُ *** فلا تكتب بخطك غير شيءٍ *** يَسُرّك في القيامة أن تراهُ