في الخامس عشر من سبتمبر من العام الماضي , قام الرئيس الأمريكي أوباما بتكريم فريق جامعة كونتيكت لكرة السلة النسائية في البيت الأبيض و أثناء إلتقاطه لصورة تذكارية معهم قامت لاعبتان بعمل قرون للرئيس على سبيل المزاح , بالطبع إعترض البعض في الولايات المتحدة على هذا الفعل و إعتبروه قلة إحترام و البعض الآخر إعتبره مجرد مزاح عابر خاصة أن أوباما مشهور بخفة ظله و كثرة مزاحه .
هناك أربع نقاط جديرة بالذكر في هذا الأمر :
أولا : أن هاتين اللاعبتين ذهبتا إلى منزلهما بسلام و أكملتا حياتهما بشكل طبيعي دون ملاحقات أمنية .
ثانياً : لم تقم إدارة الجامعة بالتحقيق من الطالبتين أو فصلهما من الفريق .
ثالثاً : لم ترتفع أصوات البعض مطالبة بإعتقال الفتاتين و التحقيق معهما بتهمة إهانة الحاكم و تهديد هيبة الدولة .
رابعاً : أن الولايات المتحدة بعد الواقعة ظلت القوة العظمى في العالم و لم تتأثر هيبتها بهذا الموقف .
بالطبع نحن نعلم جيّداً ماذا سيحدث لو حدث هذا الأمر في بلادنا العربية .
إنني لا أتوجه بمقالي هذا لحكامنا العرب لأني أشك إن كان أحدهم يقرأ هذا المقال الآن بل أشك إن كان أحدهم يقرأ من الأساس , بل أتوجّه بكلامي إلى هؤلاء الذين يرفعون الحكام إلى مصاف الآلهه حتى أصبحت عقوبة العيب في الحاكم أكبر من عقوبة العيب في الذات الإلهيه في بعض الدول العربية , إلى الذين يرون أن كل إنتقاد للحاكم هو إنتقاص من هيبة الدولة .
إن هيبة الدولة لا تسقط بفيديو ساخر أياً كان مدى سخريته أو بمزاح عابر أو بإنتقاد بل هذا يُعتَبر شهادة للدولة بأنها تتمتع بمناخ ديمقراطي و رسالة أمان لجميع المواطنين أنه لا يُعَاقَب أحد على رأيه , كما أنه لا يوجد قانون في العالم بإمكانه إجبار الناس على إحترام الحاكم و منعهم من السخرية منه أو إطلاق النكات عليه , لكن تلك الهيبة تسقط عند إنتشار الظلم و الفقر , عند موت المتهمين في السجون , عند الإنبطاح للقوى العظمى , عند تجهيل الإعلام للناس , عند الإستخفاف بعقول المواطنين بمشاريع وهمية .
إن حكّامنا لم يصلوا لهذه الدرجة من الصلف و العنجهية إلا لأنهم يجدون من يصفّق لهم و يبرر لهم أفعالهم و كما نقول في مصر ( يا فرعون إيه فرعنك , قال : ملقتش حد يلمني ) كناية عن أن إنسياق الرعية خلف الحاكم تصنع منه فرعون , فإن كنت تخشى قول الحق فعلى الأقل لا تصفّق للباطل .
الهيبة تتحقق بنشر العدل و الحريات و الديمقراطية و إحترام عقول الناس .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
التعليقات
لكننا لا يجب ان ننظر كذلك للرؤساء الأجانب على أنهم ( أملة ) فنحن لا نعرف ما يخفى علينا
دعك من مصائب معتقل غوانتانامو وحرب العراق .
لكن فكرة المقال ممتازة :) احييك :D