إلى الناس كل الناس الذين يملئ حبهم مني الحنايا...
خاطرة
نشر في 16 يونيو 2015 .
إلى الناس كل الناس الذين يملئ حبهم مني الحنايا...
كبرت بعيدا عن الأم. في ملاجئ الحياة وسراديب المجهول لا مكان فيهما للدفء، لهذا فتحت عقلي للموسيقى والكتابة ومعرفة الآخر...
أسكن عند سفح جبل الحياة، بمجرد ما أستيقظ، أتناول فطوري وأتسلق الجبل من ممر معلّم يسبقني كلبي وظلي.
الصعود إلى الجبل رياضتي المفضلة الآن. لا يمكن أن يمر عليّ عام دون أن أعتكف في جبل "لمكو" ضواحي ايمنتانوت لأسبوعين على الأقل. في الجبل تعلمت معنى الجهد و الإصرار وعنى التواضع أمام عظمة الطبيعة...
الجبال هي من لقحتني نهائيا ضد الغرور والإعتداد بالنفس، وهذا النوع من الخصال الهابطة التي ابتلينا بها هاته الأيام من حراس الفكر والمؤخرات وجمارك الأخلاق والفضيلة...
في الجبل أحس براحة عميقة. اكتشف نفسي كل دقيقة. أقتسم معها كل ما لدي رغم أنه قليل...
أستعيد دهشتي وطراوة الحواس وأفتح قلبي لنور غريب يأتي من آفاق بعيدة شرقية وغربية معا، نور يقودني إلى حيت الجميع إخوة، وحيت الجميع لهم أم افتراضية ليست من لحم ودم ولكن من عزف و كلمات...
أنا هكذا، اخترت العيش. هكذا فتحت عقلي للأصدقاء والعابرين والذين لا مأوى لهم، ونساء باحثات عن اللذة والضحك ولأطفال يقاسمون ظلي لعبهم ومرحه...
أنا فقط إنسان... وحدث أن آويت لصوصا وقطاع الطرق، وكنت أعرف أنهم مجرمون... لكنهم لم يسرقوني بل حرصوا على عقلي بعد شكره، أغلقوا الباب جيدا بعد خروجهم...
منذ ذلك الزمن البعيد أدركت أن قدري هو الناس، لهذا حلمت دائما ولا أزال، أن أكون بهلوانا يبعث الفرح في القلوب...
الآن على جدران بيتي الإفتراضي طبعا، يحيط بي أناس كل يوم. أناس رائعون، يحرصون عليّ حرصهم على عيونهم، نتقاسم القليل والكثير، ولا أعرف من يأتي بكل الأكل الذي في الثلاجة ولا من يملئ دولابي بملابس أنيقة (مستعملة طبعا)، ولا من أحضر الكتب والمذياع والقيثارة... ولا.... ولا...
فقط أعرف أن الجميع هنا، قد يأتون في أي لحظة من الليل والنهار. أعرف أنني سأنهي الليلة قرب الجدار فوق السجاد الأحمر المفروش على قارعة العدم...
السجاد الذي ورثه من غياهب العلم وعيون الناس... أشخاص كالشهد أو أكثر...
سأنام الليلة أيضا على السجاد الذي لن أتخلى عنه أبدا ولو ذهبت إلى آخر الدنيا...
سأنام كطفل... وهمس الأصدقاء وتعاليقهم تحيط بي وهم لا يزعجهم أن أنام... يتابعون الضحكات وأتظاهر بالنوم حياءا حين أسمعهم يقولون:
طفل ينام في رحم كوني .... أشمل
انتهى...
سعيد تيركيت
الخميسات - المغرب - 15 / 06 / 2015