ظهر الاسلام في بيئة لا دولة او سلطة مركزية تنظمها و من اجل وجوده وانتشاره قام بدور انشاء تلك السلطة. وهنا جوهر المشكلة، فالسلطة ظالمة اساسا وبدل التركيز على دور الدين في رفع معنويات واخلاقيات المجتمع وجد الاسلام نفسه مرغما على ممارسة السلطة ودخل الفرقاء صراعا دمويا على الاقل منذ وفاة الرسول محمد.
لنتصور ان الدين ترك مجال السلطة للسياسيين واخرط بكل قواه الروحية في ترقية الانسان المسلم او غيره بالدفاع عن الحرية في العقيدة، الحب بين البشر، محاربة الفقر (كاد الفقر ان يكون كفرا، كما قال علي المطلب)، الاصطفاف بجانب الضعفاء ،ضد نزعة الحكام الاستبدادية. لو حدث هذا لكنا محضوضين جدا، لما كان هناك اقتتال طائفي، لراينا الدين يطهر الانسان والمجتمع، ولما وصلنا الى دين بيد الحاكم لا يستعمله الا لاحكام قبضته على السلطة بشكل يحتقر الفرد وحقه، بل طبيعته الميلة الى الحرية التامة للسمو بنفسه ومجتمعه والانسانية قاطبة.
املي ان تبدا حركة دينية تصحيحية في هذا الاتجاه ،ان تؤسس لدولة علمانية تحترم حرية الاديان وتسهر على مهماتها في تطبيق الدستور وخدمة المجتمع الذي يدفع رواتب موظفي الدولة. دون هذا الفصل سيظل الحاكمون يستعملون الدين، ملوثين سموه ومصدره النبيل في روح الانسان التواقة الى الحرية، الحب والحب من اجل مجتمع انساني لا يتوقف عن الارتقاء نحو الاحسن فوق هذه الارض وفي اطراف الكون اللامحدود امامنا.