نحن علي بعد أيام من رمضان الشهر الفضيل و كالعادة تنتابنا مشاعر و إنفعالات عديدة بمناسبة حلول هذه الشهر المميز في التاريخ الهجري. نريد أن تكون أيام الصوم لحظات نتقاسمها جميعا و الأمل يحدونا في غفران الله و رحمته. فلنجتهد في العبادة و لنتصدق بالإبتسامة و الجهد و المال من أجل إسعاد إخواننا في العقيدة و الإنسانية.
كثيرون بيننا و بعيدا عنا يعيشون معيشة ضنكا، و لا سبيل لهم إلا الصبر و الإحتساب و بإمكان كل أحد أن يقف علي معاناة الفقير و المحتاج في هذا الشهر بالذات و عوض أن يبذر ماله في أنواع المأكولات و عرض الأطباق، لم لا يعطي لذلك الذي لا يكسب ما يسد رمقه و أسرته ؟
يشعرنا رمضان بعظم المسؤولية الملقاة علي عاتقنا، فنحن لا نأبه للتفاصيل الصغيرة التي تملأ حياتنا بالنعمة، بينما ذلك الفقير، و الذي تغيب الكثير من مظاهر الكفاف عن حياته، نراه قانعا، فأي مفارقة هذه ؟
نمر علي عبر غير مبالين و ما نغنمه من شهر العبادات، تخمة و شعور فظيع بالإمتلاء. هل علينا في كل مرة التذكير بميزات هذا الشهر المبارك ؟
كيف نضيف إلي رصيدنا ؟ هذا ما يتوجب علينا التفكير و التخطيط له. الوقت محسوب علينا و فسحة رمضان تكون مرة واحدة في السنة، فلا بد من ضبط رزنامة العبادات و النشاطات في هذا الشهر و جعل اليوم عامر بالإيمان الغامر و العمل الصالح و الصيام الصحيح. و هذا في متناولنا، فلا نضخم الأمور أكثر مما يجب و لنسابق بعضنا البعض في الطاعات. لنقلد بعضنا فيما يعود علينا بالخير، لنربي اطفالنا علي إحترام الشهر الكريم و نحصنهم بالصوم علي الأكل و المنكرات، فنلقنهم دروس حية يلتمسونها في واقعهم.
كثيرة هي الوقفات التي تتيح إستعراض تاريخ الإسلام و أهمها ليلة القدر حيث نزلت أول سورة علي رسول الحق محمد عليه أفضل الصلاة و السلام. فلنجعل من سيرته عليه السلام نموذج يحاكيه صغارنا و هم يجتهدون في الإمتناع عن الأكل و الشرب. لنرسي قواعد عبودية صحيحة، فنتمكن من مغالبة النفس الأمارة بالسوء و نضبط أعصابنا طوال العام و ليس لشهر فقط.
في جدول أعمال الواحد منا بمقدورنا تنظيم أنفسنا و ملأ الفراغات بالأعمال الصالحة، من مساعدة الأهل و رعاية اطفال العائلة، و توطيد صلة الرحم و إشاعة الفرح في نفوس الصغار و الكبار. علي نفسي، أكثر ما يثير عجبي هو جلوسي في آخر اليوم للنظر في أعمالي، فأحمد الله علي نعمه العديدة و ها أن يوم جديد طوي و يوم آخر يلوح في أفق الفجر.
كثيرة هي المواقف التي نراكم فيها أفعال الخير و ما يسبق الفعل النية الخالصة لله و الشهر الفضيل شمس تضيء النفوس المتعبة و تنشر حولنا أسباب الأمل و التوبة و الإستغفار، فلننهل من رمضان ما يكفينا لرمضان موالي بإذنه تعالي و صوم مقبول و ذنب مغفور إن شاء الله.
16 شعبان 1440
www.natharatmouchrika.net
-
نظرات مشرقةروائية و قاصة باللغة الفرنسية مناضلة حقوق إنسان باحثة و مفكرة حرة